وإن
اجتمع العتق ، والمحاباة وضاق الثلث عنهما فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة - رحمه الله - : إن كانت المحاباة قبل العتق يبدأ بالمحاباة ، وإلا استويا هكذا روى
المعلى عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908، ومحمد : يبدأ بالعتق تقدم أو تأخر .
( وجه ) قولهما : أن العتق أقوى من المحاباة ; لأنه لا يحتمل الفسخ ، والمحاباة تحتمل ، وفي باب الوصايا يقدم الأقوى فالأقوى إذا كان الثلث لا يسع الكل ، ولهذا قدم العتق على سائر الوصايا ، وبه تبين أنه لا عبرة بالتقديم في الذكر فإنه يقدم على سائر الوصايا ، وإن كانت مقدمة في الذكر على العتق على أن التقدم في الذكر يعتبر ترجيحا ، والترجيح إنما يكون بعد الاستواء في ركن العلة ، ولا استواء ههنا لما بينا ، فبطل الترجيح
nindex.php?page=showalam&ids=11990، ولأبي حنيفة - رحمه الله - : أن المحاباة أقوى من العتق ; لأنها تستحق بعقد ضمان على ما بينا .
والعتق تبرع محض ، فلا يزاحمها .
وكان ينبغي أن يقدم على العتق تقدمت في الذكر أو تأخرت إلا أن مزاحمة العتق إياها حالة التأخير ثبت لضرورة التعارض حالة التقدم على ما نذكره ( وأما ) قولهما : إن الإعتاق لا يحتمل الفسخ فبعض المشايخ قالوا : إن كل واحد منهما لا يحتمل الفسخ من جهة الموصي فإن من باع ماله بالمحاباة في مرض موته لا يملك فسخه كما لو أعتق عبده في مرض موته أنه لا يملك فسخه فاستويا في عدم احتمال الفسخ من جهة الموصي ، وهو المعتق ، والبائع ، فإذا كانت البداية بالمحاباة ترجحت بالبداية لكون البداية بها دليل الاهتمام ، ولا يمكن ترجيح العتق عند البداية به ; لأن تعلق المحاباة بعقد الضمان يقتضي ترجيحها على العتق الذي هو تبرع محض ، فتعارض الوجهان ، فسقطا والتحقا بالعدم ، فبقي أصل التعارض بلا ترجيح ، فتقع المزاحمة بين المحاباة ، والعتق ، فيقسم الثلث بينهما .
وهذا الجواب ضعيف ; لأن البيع بالمحاباة تصرف يحتمل الفسخ في نفسه في الجملة ، فيفسخ بخيار العيب ، والرؤية ، والشرط ، والإقالة ; إذ هي فسخ في حق المتعاقدين عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908، ومحمد - رحمهما الله - فكانت المحاباة محتملة للفسخ في الجملة ، والعتق لا يحتمله رأسا ، فكان أقوى من المحاباة ، فيجب أن يقدم عليها ، كما هو مذهبهما ( ومنهم ) من قال : إن عدم احتمال العتق للفسخ إن كان يقتضي ترجيحه على المحاباة ، كما ذكرنا من تعلق المحاباة بعقد الضمان يقتضي ترجيحا على العتق ، فوقع التعارض ، فترجح المحاباة بالبداية ، وإذا لم يبدأ بها ، فلم يوجد الترجيح ، فبقيت المعارضة ، فثبتت المزاحمة ، وهذا أيضا ضعيف ; لأنه لو كان كذلك للزم تقديم العتق على المحاباة ; إذا بدأ بالعتق لوجود المرجح للعتق عند وقوع التعارض ، ولا يقدم غيره بل يقسم الثلث بينهما ( ومنهم ) من قال : تعلق المحاباة بعقد الضمان من حيث استحقاقها به أقوى في الدلالة من العتق من
[ ص: 374 ] حيث عدم احتمال الفسخ بدليل أن الدين مقدم على الإعتاق حتى لو أعتق عبدا مستغرقا بالدين لا ينفذ ، وإن كان الإعتاق لا يحتمل الفسخ ، والمعارضة محتملة للفسخ لكونها عقد ضمان ، فلا يعارضها العتق إلا عند البداية ، وعلى الجملة تقرير مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله عنه في هذه المسألة بالإضافة إلى عقولنا مشكل ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم ، وفرع
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رضي الله عنه على هذا ، فقال : إذا أعتق ثم حابى ثم أعتق - يقسم الثلث بين العتق الأول ، وبين المحاباة نصفين ثم ما أصاب العتق الأول يقسم بينه ، وبين العتق الثاني لاستوائهما في القوة ، ولو حابى ثم أعتق ثم حابى يقسم الثلث بين المحابتين نصفين ثم ما أصاب المحاباة الأخيرة يقسم بينهما ، وبين العتق نصفين ، كما إذا أعتق ثم حابى ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم هذا إذا كان مع الوصايا للعباد عتق أو محاباة .