فإذا
أوصى لرجل بثلث ماله ، ولآخر بغلة داره وقيمة الدار ألف درهم ، وله ألفا درهم سوى ذلك فلصاحب الغلة نصف غلة الدار ، ولصاحب الثلث نصف الثلث فيما بقي من المال ، والدار ، خمس ذلك في الدار ، وأربعة أخماسه في المال .
( ووجه ) ذلك : أن يقول : إن الوصية بثلث المال وصية بثلث الغلة أيضا ; لأن الغلة مال الميت يقضى منه ديونه ، وإذا كان كذلك فالدار تخرج من ثلث ماله ; لأن قيمة الدار ألف درهم ، وله ألفا درهم سوى ذلك ، فقد اجتمع في الدار وصيتان : وصية بجميعها ، ووصية بثلثها ، فيجعل الدار على ثلاثة ، ويقسم بينهما على طريق المنازعة وصاحب الثلث لا يدعي أكثر من الثلث ، وهو سهم واحد ، والثلثان سهمان لصاحب الغلة ، وهو صاحب الجميع بلا منازعة ; لأن الوصية بالغلة وصية بجميع الدار على ما ذكرنا أنه يحبس جميع الدار لأجله .
واستوت منازعتهما في سهم واحد .
وكان بينهما ، فانكسر على سهمين ، فاضرب سهمين في ثلاثة ، فيصير ستة فصاحب الثلث لا يدعي أكثر من سهمين ، وأربعة أسهم خلت عن دعواه ، وسلمت لصاحب الجميع ، وهو صاحب الغلة بلا منازعة ، واستوت منازعتهما في سهمين ، فيقسم بينهما لكل واحد منهما سهم .
وإذا صارت الدار ، وهي الثلث على ستة ، والألفان اثنا عشر فلصاحب الثلث من ذلك الثلث أربعة أسهم فضمها إلى ستة تصير سهام الوصايا عشرة ، وجملة ذلك ثلاثون ، فنقول : ثلث المال عشرة ، فنقسمها بينهم لصاحب الغلة خمسة أسهم كلها في الدار
[ ص: 391 ] ولصاحب الثلث خمسة أسهم : أربعة أسهم في الألفين ، وسهم في الدار ، فهذا معنى قوله في الأصل لصاحب الغلة نصف غلة الدار ، وذلك خمسة ; لأنا جعلنا الدار على عشرة .
ولصاحب الثلث نصف الثلث خمسة : أربعة أخماسه في المال ، وخمس ذلك في الدار ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - وعلى قولهما تقسم الدار على طريق العول ، فصاحب الجميع يضرب بالجميع ، وصاحب الثلث يضرب بالثلث ، ومخرج الثلث ثلاثة فصاحب الجميع يضرب بالجميع ثلاثة وصاحب الثلث يضرب بسهم ، فاجعل الدار على أربعة أسهم .
وإذا صارت الدار على أربعة أسهم مع العول صار كل ألف من الألفين على ثلاثة من غير عول فالألفان تصير ستة أسهم ، فللموصى له بالثلث ثلث ذلك ، وذلك سهمان ضم ذلك إلى أربعة أسهم ، فيصير ستة فاجعل هذا ثلث المال ، والثلثان اثنا عشر ، والجميع ثمانية عشر ، فللموصى له بثلث المال ثلث الألفين ، وذلك أربعة أسهم من اثني عشر ، وذلك ثلثا الثلث ; لأنا جعلنا الثلث على ستة أسهم ، وأربعة أسهم من ستة ثلثاه ، وهذا معنى قوله في الأصل : وإن شئت قلت : ثلثا ذلك في ثلث المال .
وقال أيضا : ثلاثة في الدار ; لأنك جعلت الدار على ثلاثة قبل العول وللموصى له بالثلث سهم من الدار وذلك ثلث الدار ، فإن مات صاحب الغلة فلصاحب الثلث ثلث الدار ، والمال ; لأنه لما مات الموصى له بالغلة بطلت وصيته ، وصار كأنه لم يوص له بشيء ، وإنما أوصى لصاحب الثلث بثلث المال ، والدار ، فيكون له ذلك .
وإن استحقت الدار بطلت وصية صاحب الغلة ، وأخذ صاحب الثلث ثلث المال ; لأنه لا يملك استغلالها بعد استحقاقها ولو لم يستحق ولكنها انهدمت قيل لصاحب الغلة : ابن نصيبك فيها ، ويبني صاحب الثلث نصيبه ، والورثة نصيبهم ; لأن ذلك مشترك بينهم ، فيبني كل واحد نصيبه ، وأيهم أبى أن يبني لم يجبر على ذلك ; لأن الإنسان لا يجبر على إصلاح حقه ، ولم يمنع الآخر أن يبني نصيبه من ذلك ، ويؤاجره ، ويسكنه ; لأن الذي امتنع من البناء رضي ببطلان حقه ، فلا يوجب ذلك بطلان حق صاحبه ، وليس هذا كالسفل إذا كان لرجل ، وعلوه لآخر ، فانهدما ، وأبى صاحب السفل أن يبني سفله إنه يقال لصاحب العلو : ابن سفله من مالك ثم ابن علية العلو ، فإذا أراد صاحب السفل أن ينتفع بالسفل ، فامنعه حتى يدفع إليك قيمة السفل ; لأن هناك لا يمكن بناء العلو إلا بعد بناء السفل ، فكان لصاحب العلو أن يبني سفله حتى يمكنه بناء العلو عليه ، فأما ههنا ، فيمكن أن يقسم عرصة الدار ، فيبني كل واحد منهم في نصيبه .