وأما الشرائط التي ترجع إلى غير المصلي فخمسة في ظاهر الروايات ، المصر الجامع ، والسلطان ، والخطبة ، والجماعة ، والوقت .
أما
المصر الجامع فشرط وجوب الجمعة وشرط صحة أدائها عند أصحابنا حتى لا تجب الجمعة إلا على أهل المصر ومن كان ساكنا في توابعه وكذا لا يصح أداء الجمعة إلا في المصر وتوابعه فلا تجب على أهل القرى التي ليست من توابع المصر ولا يصح أداء الجمعة فيها وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي المصر ليس بشرط للوجوب ولا لصحة الأداء فكل قرية يسكنها أربعون رجلا من الأحرار المقيمين لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفا تجب عليهم الجمعة ويقام بها الجمعة واحتج بما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال أول جمعة في الإسلام بعد الجمعة
بالمدينة لجمعة جمعت
بجواثى وهي قرية من قرى
عبد القيس بالبحرين .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه كتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يسأله عن الجمعة
بجؤاثى فكتب إليه أن أجمع بها وحيث ما كنت ; ولأن جواز الصلاة مما لا يختص بمكان دون مكان كسائر الصلوات ، ولنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30703لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع } ، وعن علي رضي الله تعالى عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30704لا جمعة ولا تشريق ولا فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع } ، وكذا النبي صلى الله عليه وسلم {
كان يقيم الجمعة بالمدينة } ، وما روي الإقامة حولها ، وكذا الصحابة رضي الله تعالى عنهم فتحوا البلاد وما نصبوا المنابر إلا في الأمصار فكان ذلك إجماعا منهم على أن المصر شرط ; ولأن الظهر فريضة فلا يترك إلا بنص قاطع والنص ورد بتركها إلا الجمعة في الأمصار ولهذا لا تؤدى الجمعة في البراري ; ولأن الجمعة من أعظم الشعائر فتختص بمكان إظهار الشعائر وهو المصر .
وأما الحديث فقد قيل : إن
جؤاثى مصر
بالبحرين ، واسم القرية ينطلق على البلدة العظيمة ; لأنها اسم لما اجتمع فيها من البيوت قال تعالى {
واسأل القرية التي كنا فيها } وهي مصر وقال {
وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم } وهي
مكة ، وما ذكر من المعنى غير سديد ; لأنه يبطل بالبراري ثم لا بد من معرفة حد المصر الجامع ومعرفة ما هو من توابعه .
أما المصر الجامع فقد اختلفت الأقاويل في تحديده ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي أن المصر الجامع ما أقيمت فيه الحدود ونفذت فيه الأحكام ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف روايات ذكر في الإملاء كل مصر فيه منبر وقاض ينفذ الأحكام ويقيم الحدود فهو مصر جامع تجب على أهله الجمعة ، وفي رواية قال : إذا
اجتمع في قرية من لا يسعهم مسجد واحد بنى لهم الإمام جامعا ونصب لهم من يصلي
[ ص: 260 ] بهم الجمعة ، وفي رواية لو كان في القرية عشرة آلاف أو أكثر أمرتهم بإقامة الجمعة فيها ، وقال بعض أصحابنا : المصر الجامع ما يتعيش فيه كل محترف بحرفته من سنة إلى سنة من غير أن يحتاج إلى الانتقال إلى حرفة أخرى ، وعن
أبي عبد الله البلخي أنه قال : أحسن ما قيل فيه إذا كانوا بحال لو اجتمعوا في أكبر مساجدهم لم يسعهم ذلك حتى احتاجوا إلى بناء مسجد الجمعة فهذا مصر تقام فيه الجمعة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : المصر الجامع ما يعده الناس مصرا عند ذكر الأمصار المطلقة ، وسئل
أبو القاسم الصفار عن
حد المصر الذي تجوز فيه الجمعة فقال : أن تكون لهم منعة لو جاءهم عدو قدروا على دفعه فحينئذ جاز أن يمصر وتمصره أن ينصب فيه حاكم عدل يجري فيه حكما من الأحكام ، وهو أن يتقدم إليه خصمان فيحكم بينهما .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه بلدة كبيرة فيها سكك وأسواق ولها رساتيق وفيها وال يقدر على إنصاف المظلوم من الظالم بحشمه وعلمه أو علم غيره والناس يرجعون إليه في الحوادث وهو الأصح .
وأما
تفسير توابع المصر فقد اختلفوا فيها روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أن المعتبر فيه سماع النداء إن كان موضعا يسمع فيه النداء من المصر فهو من توابع المصر وإلا فلا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إذا كان في القرية أقل من أربعين فعليهم دخول المصر إذا سمعوا النداء وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف كل قرية متصلة بربض المصر فهي من توابعه وإن لم تكن متصلة بالربض فليست من توابع المصر ، وقال بعضهم : ما كان خارجا عن عمران المصر فليس من توابعه ، وقال بعضهم : المعتبر فيه قدر ميل وهو ثلاثة فراسخ ، وقال بعضهم : إن كان قدر ميل أو ميلين فهو من توابع المصر وإلا فلا ، وبعضهم قدره بستة أميال ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك قدره بثلاثة أميال ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنها تجب في ثلاثة فراسخ ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنها تجب في أربعة فراسخ ، وقال بعضهم : إن أمكنه أن يحضر الجمعة ويبيت بأهله من غير تكلف تجب عليه الجمعة وإلا فلا وهذا حسن ، ويتصل بهذا
إقامة الجمعة في أيام الموسم بمنى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف : تجوز إقامة الجمعة بها إذا كان المصلي بهم الجمعة هو الخليفة ، أو أمير
العراق ، أو أمير
الحجاز ، أو أمير
مكة سواء كانوا مقيمين أو مسافرين ، أو رجلا مأذونا من جهتهم ، ولو كان المصلي بهم الجمعة أمير الموسم وهو الذي أمر بتسوية أمور الحجاج لا غير لا يجوز سواء كان مقيما أو مسافرا ; لأنه غير مأمور بإقامة الجمعة إلا إذا كان مأذونا من جهة أمير
العراق أو أمير
مكة ، وقيل : إن كان مقيما يجوز وإن كان مسافرا لا يجوز ، والصحيح هو الأول ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد لا تجوز
الجمعة بمنى وأجمعوا على أنه لا تجوز
الجمعة بعرفات وإن أقامها أمير
العراق أو الخليفة نفسه ، وقال بعض مشايخنا : الخلاف بين أصحابنا في هذا بناء على أن
منى من توابع
مكة عندهما ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد ليس من توابعها وهذا غير سديد ; لأن بينهما أربعة فراسخ وهذا قول بعض الناس في تقدير التوابع فأما عندنا فبخلافه على ما مر والصحيح أن الخلاف فيه بناء على أن المصر الجامع شرط عندنا إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمدا يقول إن
منى ليس بمصر جامع بل هو قرية فلا تجوز الجمعة بها كما لا تجوز
بعرفات وهما يقولان إنها تتمصر في أيام الموسم ; لأن لها بناء وينقل إليها الأسواق ويحضرها وال يقيم الحدود وينفذ الأحكام فالتحق بسائر الأمصار بخلاف
عرفات فإنها مفازة فلا تتمصر باجتماع الناس وحضرة السلطان .