( فصل ) :
وأما حكم الخيل فجملة الكلام فيه أن الخيل لا تخلو إما أن تكون علوفة أو سائمة ، فإن كانت علوفة بأن كانت تعلف للركوب ، أو للحمل ، أو للجهاد في سبيل الله فلا زكاة فيها ; لأنها مشغولة بالحاجة ومال الزكاة هو المال النامي الفاضل عن الحاجة لما بينا فيما تقدم وإن كانت تعلف للتجارة ففيها الزكاة بالإجماع لكونها مالا ناميا فاضلا عن الحاجة ; لأن الإعداد للتجارة دليل النماء والفضل عن الحاجة ، وإن كانت سائمة فإن كانت تسام للركوب والحمل أو للجهاد والغزو فلا زكاة فيها لما بينا ، وإن كانت تسام للتجارة ففيها الزكاة بلا خلاف وإن كانت تسام للدر والنسل فإن كانت مختلطة ذكورا وإناثا فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : تجب الزكاة فيها قولا واحدا وصاحبها بالخيار إن شاء أدى من كل فرس دينارا ، وإن شاء قومها وأدى من كل مائتي درهم خمسة دراهم .
وإن كانت إناثا منفردة ففيها روايتان عنه ذكرهما
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وإن كانت ذكورا منفردة ففيها روايتان عنه أيضا ذكرهما
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي في الآثار ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد : لا زكاة فيها كيفما كانت ، وبه أخذ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي احتجوا بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21620 : عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق إلا أن في الرقيق صدقة الفطر } .
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33844ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة } ، وكل ذلك نص في الباب ، ولأن زكاة السائمة لا بد لها من نصاب مقدر كالإبل والبقر والغنم ، والشرع لم يرد بتقدير النصاب في السائمة منها فلا يجب فيها زكاة السائمة كالحمير .
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25202 : في كل فرس سائمة دينار ، وليس في الرابطة شيء } .
وروي أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب كتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=5أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه في
صدقة الخيل أن خير أربابها فإن شاءوا أدوا من كل فرس دينارا وإلا قومها وخذ من كل مائتي درهم خمسة دراهم .
وروي
[ ص: 35 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد رضي الله عنه أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه لما بعث
nindex.php?page=showalam&ids=386العلاء بن الحضرمي إلى
البحرين أمره أن يأخذ من كل فرس شاتين أو عشرة دراهم ، ولأنها مال نام فاضل عن الحاجة الأصلية فتجب فيها الزكاة كما لو كانت للتجارة .
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم " عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق " فالمراد منها الخيل المعدة للركوب والغزو لا للإسامة بدليل أنه فرق بين الخيل وبين الرقيق والمراد منها عبيد الخدمة ألا ترى أنه أوجب فيها صدقة الفطر ؟ وصدقة الفطر إنما تجب في عبيد الخدمة أو يحتمل ما ذكرنا فيحمل عليه عملا بالدليلين بقدر الإمكان وهو الجواب عن تعلقهم بالحديث الآخر .
وأما إذا كان الكل إناثا أو ذكورا فوجه رواية الوجوب الاعتبار بسائر السوائم من الإبل والبقر والغنم أنه تجب الزكاة فيها وإن كان كلها إناثا أو ذكورا كذا ههنا والصحيح أنه لا زكاة فيها لما ذكرنا أن مال الزكاة هو المال النامي ولا نماء فيها بالدر والنسل ولا لزيادة اللحم ; لأن لحمها غير مأكول عنده بخلاف الإبل والبقر والغنم ; لأن لحمها مأكول فكان زيادة اللحم فيها بالسمن بمنزلة الزيادة بالدر والنسل والله أعلم .
وأما
البغال والحمير فلا شيء فيها وإن كانت سائمة ; لأن المقصود منها الحمل والركوب عادة لا الدر والنسل لكنها قد تسام في غير وقت الحاجة لدفع مؤنة العلف .
وإن كانت للتجارة تجب الزكاة فيها .