بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
ولو كان يجامع امرأته في النهار ناسيا لصومه فتذكر فنزع من ساعته ، أو كان يجامع في الليل فطلع الفجر وهو مخالط فنزع من ساعته فصومه تام .

وقال زفر : فسد صومه وعليه القضاء ، وجه قوله إن جزءا من الجماع حصل بعد طلوع الفجر ، والتذكر ، وإنه يكفي لفساد الصوم لوجود المضادة له ، وإن قل ولنا أن الموجود منه بعد الطلوع ، والتذكر هو النزع ، والنزع ترك الجماع وترك الشيء لا يكون محصلا له بل يكون اشتغالا بضده ، فلم يوجد منه الجماع بعد الطلوع ، والتذكر رأسا ، فلا يفسد صومه ، ولهذا لم يفسد في الأكل ، والشرب كذا في الجماع ، وهذا إذا نزع بعد ما تذكر ، أو بعد ما طلع الفجر ، فأما إذا لم ينزع وبقي فعليه القضاء ولا كفارة عليه في ظاهر الرواية

وروي عن أبي يوسف أنه فرق بين الطلوع ، والتذكر فقال : في الطلوع عليه الكفارة ، وفي التذكر لا كفارة عليه .

وقال الشافعي : عليه القضاء ، والكفارة فيهما جميعا .

وجه قوله إنه وجد الجماع في نهار رمضان متعمدا لوجوده بعد طلوع الفجر ، والتذكر فيوجب القضاء ، والكفارة ، وجه رواية أبي يوسف وهو الفرق بين الطلوع ، والتذكر أن في الطلوع ابتداء الجماع كان عمدا ، والجماع جماع واحد بابتدائه وانتهائه ، والجماع العمد يوجب الكفارة .

وأما في التذكر : فابتداء الجماع كان ناسيا وجماع الناسي لا يوجب فساد الصوم فضلا عن وجوب الكفارة ، وجه ظاهر الرواية أن الكفارة إنما تجب بإفساد الصوم وإفساد الصوم يكون بعد وجوده ، وبقاؤه في الجماع يمنع وجود الصوم فإذا امتنع وجوده استحال الإفساد فلا تجب الكفارة ، ووجوب القضاء لانعدام صومه اليوم لا لإفساده بعد وجوده ، ولأن هذا جماع لم يتعلق بابتدائه وجوب الكفارة فلا يتعلق بالبقاء عليه لأن الكل فعل واحد [ ص: 92 ] وله شبهة الاتحاد وهذه الكفارة لا تجب مع الشبهة لما نذكره .

التالي السابق


الخدمات العلمية