وأما
الإكراه على إفطار صوم شهر رمضان بالقتل في حق الصحيح المقيم فمرخص ، والصوم أفضل حتى لو امتنع من الإفطار حتى قتل يثاب عليه لأن الوجوب ثابت حالة الإكراه ، وأثر الرخصة في الإكراه في سقوط المأثم بالترك لا في سقوط الوجوب بل بقي الوجوب ثابتا ، والترك حراما وإذا كان الصوم واجبا حالة الإكراه ، والإفطار حراما كان حق الله تعالى قائما ، فهو بالامتناع بذل نفسه لإقامة حق الله تعالى طلبا لمرضاته فكان مجاهدا في دينه فيثاب عليه .
وأما في حق المريض ، والمسافر فالإكراه مبيح مطلق في حقهما بل موجب ، والأفضل هو الإفطار بل يجب عليه ذلك ولا يسعه أن لا يفطر حتى لو امتنع من ذلك فقتل يأثم ، ووجه الفرق : أن في الصحيح المقيم الوجوب كان ثابتا قبل الإكراه من غير رخصة الترك أصلا فإذا جاء بالإكراه وأنه من أسباب الرخصة فكان أثره في إثبات رخصة الترك لا في إسقاط الوجوب فكان الوجوب قائما فكان حق الله تعالى قائما فكان بالامتناع باذلا نفسه لإقامة حق الله تعالى فكان أفضل كما في الإكراه على إجراء كلمة الكفر ، والإكراه على إتلاف مال الغير فأما في المريض ، والمسافر فالوجوب مع رخصة الترك كان ثابتا قبل الإكراه فلا بد وأن يكون للإكراه أثر آخر لم يكن ثابتا قبله ، وليس ذلك إلا إسقاط الوجوب رأسا وإثبات الإباحة المطلقة فنزل منزلة الإكراه على أكل الميتة وهناك يباح له
[ ص: 97 ] الأكل بل يجب عليه كذا هنا والله أعلم .