ولو
أكل أو شرب ما يصلح به البدن ، أما على وجه التغذي أو التداوي متعمدا فعليه القضاء ، والكفارة عندنا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا كفارة عليه .
وجه قوله إن وجوب الكفارة ثبت معدولا به عن القياس لأن وجوبها لرفع الذنب ، والتوبة كافية لرفع الذنب ، ولأن الكفارة من باب المقادير ، والقياس لا يهتدي إلى تعيين المقادير ، وإنما عرف وجوبها بالنص ، والنص ورد في الجماع ، والأكل ، والشرب ليسا في معناه لأن الجماع أشد حرمة منهما حتى يتعلق به وجوب الحد دونهما ، فالنص الوارد في الجماع لا يكون واردا في الأكل ، والشرب فيقتصر على مورد النص .
ولنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35605من أفطر في رمضان متعمدا فعليه ما على المظاهر } ، وعلى المظاهر الكفارة بنص الكتاب ، فكذا على المفطر متعمدا .
ولنا أيضا الاستدلال بالمواقعة ، ، والقياس عليها ، أما الاستدلال بها فهو أن الكفارة في المواقعة وجبت لكونها إفسادا لصوم رمضان من غير عذر ولا سفر على ما نطق به الحديث ، والأكل ، والشرب إفساد لصوم رمضان متعمدا من غير عذر ولا سفر فكان إيجاب الكفارة هناك إيجابا ههنا دلالة ، والدليل على أن الوجوب في المواقعة لما ذكرنا وجهان أحدهما : مجمل ، والآخر : مفسر ، أما المجمل : فالاستدلال بحديث الأعرابي ، ووجهه ما ذكرناه في الخلافيات .
وأما المفسر : فلأن إفساد صوم رمضان ذنب ورفع الذنب واجب عقلا وشرعا لكونه قبيحا ، والكفارة تصلح رافعة له لأنها حسنة .
وقد جاء الشرع بكون الحسنات من التوبة ، والإيمان ، والأعمال الصالحات رافعة للسيئات ، إلا أن الذنوب مختلفة المقادير .
وكذا الروافع لها لا يعلم مقاديرها إلا الشارع للأحكام وهو الله تعالى فمتى ورد
[ ص: 99 ] الشرع في ذنب خاص بإيجاب رافع خاص ووجد مثل ذلك الذنب في موضع آخر كان ذلك إيجابا لذلك الرافع فيه ، ويكون الحكم فيه ثابتا بالنص لا بالتعليل ، والقياس والله أعلم وجه القياس على المواقعة فهو أن الكفارة هناك وجبت للزجر عن إفساد صوم رمضان صيانة له في الوقت الشريف ، لأنها تصلح زاجرة ، والحاجة مست إلى الزاجر .
أما الصلاحية فلأن من تأمل أنه لو أفطر يوما من رمضان لزمه إعتاق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا لامتنع منه .
وأما الحاجة إلى الزجر فلوجود الداعي الطبيعي إلى الأكل ، والشرب ، والجماع ، وهو شهوة الأكل ، والشرب ، والجماع ، وهذا في الأكل ، والشرب أكثر لأن الجوع ، والعطش يقلل الشهوة ، فكانت الحاجة إلى الزجر عن الأكل ، والشرب أكثر ، فكان شرع الزاجر هناك شرعا ههنا من طريق الأولى ، وعلى هذه الطريقة يمنع عدم جواز إيجاب الكفارة بالقياس لأن الدلائل المقتضية لكون القياس حجة لا تفصل بين الكفارة وغيرها .