وأما الذي يرجع إلى المعتكف فيه : فالمسجد وإنه شرط في
[ ص: 113 ] نوعي الاعتكاف : الواجب والتطوع ; لقوله تعالى {
ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } وصفهم بكونهم عاكفين في المساجد مع أنهم لم يباشروا الجماع في المساجد ; لينهوا عن الجماع فيها فدل أن
مكان الاعتكاف هو المسجد ويستوي فيه الاعتكاف الواجب والتطوع ; لأن النص مطلق ثم ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي أنه لا يصح الاعتكاف إلا في مساجد الجماعات يريد به الرجل وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : إنه يصح في كل مسجد .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه لا يجوز إلا في مسجد تصلى فيه الصلوات كلها ، واختلفت الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه روي عنه أنه لا يجوز إلا في
المسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد بيت المقدس كأنه ذهب في ذلك إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29846لا اعتكاف إلا في المسجد الحرام ، } .
وروي أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=71784لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى } وفي رواية : ومسجد الأنبياء ولنا عموم قوله تعالى {
ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } وعن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {
: الاعتكاف في كل مسجد له إمام ومؤذن } والمروي أنه لا اعتكاف إلا في
المسجد الحرام : إن ثبت فهو على التناسخ ; لأنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في
مسجد المدينة فصار منسوخا بدلالة فعله ; إذ فعل النبي صلى الله عليه وسلم يصلح ناسخا لقوله أو يحمل على بيان الأفضل كقوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30864لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد } أو على المجاورة على قول من لا يكرهها .
وأما الحديث الآخر إن ثبت فيحمل على الزيارة أو على بيان الأفضل فأفضل الاعتكاف أن يكون في
المسجد الحرام ثم في
مسجد المدينة وهو
مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم في
المسجد الأقصى ثم في المسجد الجامع ثم في المساجد العظام التي كثر أهلها وعظم .
أما
المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20821صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد ما خلا المسجد الحرام } ; ولأن
للمسجد الحرام من الفضائل ما ليس لغيره ، من كون
الكعبة فيه ولزوم الطواف به ثم بعده
مسجد المدينة ; لأنه مسجد أفضل الأنبياء والمرسلين صلى الله تعالى عليه وعليهم وسلم ثم
مسجد بيت المقدس ; لأنه مسجد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولإجماع المسلمين على أنه ليس بعد
المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد أفضل منه ثم المسجد الجامع ; لأنه من مجمع المسلمين لإقامة الجمعة ثم بعده المساجد الكبار ; لأنها في معنى الجوامع لكثرة أهلها .