والثاني : أن
المحرم في الاعتكاف عين الجماع فيستوي فيه العمد والسهو .
والمحرم في باب الصوم هو الإفطار لا عين الجماع ، أو حرم الجماع لكونه إفطارا لا لكونه جماعا ; فكانت حرمته لغيره وهو الإفطار ، والإفطار يختلف حكمه بالعمد والنسيان ولو أكل أو شرب في النهار عامدا ; فسد صومه وفسد اعتكافه لفساد الصوم ، ولو أكل ناسيا لا يفسد اعتكافه ; لأنه لا يفسد صومه .
والأصل أن ما كان من محظورات الاعتكاف وهو مانع عنه لأجل الاعتكاف لا لأجل الصوم يختلف فيه العمد والسهو والنهار والليل كالجماع والخروج من المسجد وما كان من محظورات الصوم ، وهو ما منع عنه لأجل الصوم يختلف فيه العمد والسهو والنهار والليل كالجماع والخروج من المسجد وكالأكل والشرب .
والفقه ما بينا .
ولو
باشر فأنزل فسد اعتكافه ; لأن المباشرة منصوص عليها في الآية وقد قيل في بعض وجوه التأويل : إن المباشرة الجماع وما دونه ولأن المباشرة مع الإنزال في معنى الجماع فيلحق به وكذا لو جامع فيما دون الفرج فأنزل ; لما قلنا .
فإن لم ينزل لا يفسد اعتكافه ; لأنه بدون الإنزال لا يكون في معنى الجماع لكنه يكون حراما وكذا التقبيل والمعانقة واللمس أنه إن أنزل في شيء من ذلك ; فسد اعتكافه وإلا فلا يفسد لكنه يكون حراما بخلاف الصوم فإن في باب الصوم لا تحرم الدواعي إذا كان يأمن على نفسه .
والفرق على نحو ما ذكرنا أن عين الجماع في باب الاعتكاف محرم ، وتحريم الشيء يكون تحريما لدواعيه ; لأنها تفضي إليه فلو لم تحرم ; لأدى إلى التناقض ، وأما في باب الصوم فعين الجماع ليس محرما ، إنما المحرم هو الإفطار أو حرم الجماع لكونه إفطارا ، وهذا لا يتعدى إلى الدواعي فهو الفرق .
ولو نظر فأنزل ; لم يفسد اعتكافه لانعدام الجماع صورة ومعنى ; فأشبه الاحتلام .
والله الموفق .