( وأما )
الحدث الحكمي فنوعان أيضا أحدهما أن يوجد أمر يكون سببا لخروج النجس الحقيقي غالبا فيقام السبب مقام المسبب احتياطا ، والثاني أن لا يوجد شيء من ذلك لكنه جعل حدثا شرعا تعبدا محضا أما الأول فأنواع منها
المباشرة الفاحشة وهو أن يباشر الرجل المرأة بشهوة ، وينتشر لها ، وليس بينهما ثوب ، ولم ير بللا فعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954، وأبي يوسف يكون حدثا استحسانا والقياس أن لا يكون حدثا ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد وهل
[ ص: 30 ] تشترط ملاقاة الفرجين ، وهي مماستهما على قولهما لا يشترط ذلك في ظاهر الرواية عنهما ، وشرطه في النوادر ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي ملاقاة الفرجين أيضا وجه القياس أن السبب إنما يقام مقام المسبب في موضع لا يمكن الوقوف على المسبب من غير حرج ، والوقوف على المسبب ههنا ممكن بلا حرج ، لأن الحال حال يقظة فيمكن الوقوف على الحقيقة ، فلا حاجة إلى إقامة السبب مقامها .
وجه الاستحسان ما روي أن {
أبا اليسر بائع العسل سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أصبت من امرأتي كل شيء إلا الجماع فقال صلى الله عليه وسلم توضأ ، وصل ركعتين } ، ولأن المباشرة على الصفة التي ذكرنا لا تخلو عن خروج المذي عادة إلا إنه يحتمل أنه جف لحرارة البدن فلم يقف عليه ، أو غفل عن نفسه لغلبة الشبق فكانت سببا مفضيا إلى الخروج ، وإقامة السبب مقام المسبب طريقة معهودة في الشريعة خصوصا في أمر يحتاط فيه كما يقام المس مقام الوطء في حق ثبوت حرمة المصاهرة بل يقام نفس النكاح مقامه ، ويقام نوم المضطجع مقام الحدث ، ونحو ذلك كذا ههنا .
ولو
لمس امرأته بشهوة ، أو غير شهوة فرجها أو سائر أعضائها من غير حائل ولم ينشر لها لا ينتقض وضوءه عند عامة العلماء وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إن كان المس بشهوة يكون حدثا ، وإن كان بغير شهوة بأن كانت صغيرة ، أو كانت ذا رحم محرم منه لا يكون حدثا ، وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وفي قول يكون حدثا كيفما كان بشهوة أو بغير شهوة ، وهل تنتقض طهارة الملموسة لا شك أنها لا تنتقض عندنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790، وللشافعي فيه قولان احتجا بقوله تعالى {
، أو لامستم النساء } والملامسة مفاعلة من اللمس ، واللمس والمس واحد لغة قال الله تعالى {
، وأنا لمسنا السماء } .
وحقيقة اللمس للمس باليد ، وللجماع مجاز ، أو هو حقيقة لهما جميعا لوجود المس فيهما جميعا ، وإنما اختلف آلة المس فكان الاسم حقيقة لهما لوجود معنى الاسم فيهما .
وقد جعل الله تعالى اللمس حدثا حيث أوجب به إحدى الطهارتين ، وهي التيمم ( ولنا ) ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن هذه الحادثة فقالت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=110521كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه ، ثم يخرج إلى الصلاة ، ولا يتوضأ } ، ولأن المس ليس بحدث بنفسه ، ولا سبب لوجود الحدث غالبا فأشبه مس الرجل الرجل ، والمرأة المرأة ، ولأن مس أحد الزوجين صاحبه مما يكثر وجوده فلو جعل حدثا لوقع الناس في الحرج .
وأما الآية فقد نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه أن المراد من اللمس الجماع ، وهو ترجمان القرآن .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت في إصلاح المنطق أن اللمس إذا قرن بالنساء يراد به الوطء تقول العرب لمست المرأة ، أي : جامعتها على أن اللمس يحتمل الجماع إما حقيقة ، أو مجازا فيحمل عليه توفيقا بين الدلائل ، ولو
مس ذكره بباطن كفه من غير حائل لا ينتقض وضوءه عندنا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ينتقض احتج بما روت
بسرة بنت صفوان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37420من مس ذكره فليتوضأ } .
( ولنا ) ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8، وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10، وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11، وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=47، وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=40، وعمران بن حصين nindex.php?page=showalam&ids=21، وحذيفة بن اليمان nindex.php?page=showalam&ids=4، وأبي الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=3، وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهم لم يجعلوا
مس الذكر حدثا ، حتى قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه لا أبالي مسسته ، أو أرنبة أنفي وقال بعضهم للراوي إن كان نجسا فاقطعه ، ولأنه ليس بحدث بنفسه ، ولا سبب لوجود الحدث غالبا فأشبه مس الأنف ، ولأن مس الإنسان ذكره مما يغلب وجوده فلو جعل حدثا يؤدي إلى الحرج ، وما رواه فقد قيل أنه ليس بثابت لوجوه أحدها أنه مخالف لإجماع الصحابة رضي الله عنهم ، وهو ما ذكرنا .
والثاني أنه روي أن هذه الحادثة وقعت في زمن
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم فشاور من بقي من الصحابة فقالوا : لا ندع كتاب ربنا ، ولا سنة نبينا بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت ، والثالث أنه خبر واحد فيما تعم به البلوى فلو ثبت لاشتهر ، ولو ثبت فهو محمول على غسل اليدين ، لأن الصحابة كانوا يستنجون بالأحجار دون الماء فإذا مسوه بأيديهم كانت تتلوث خصوصا في أيام الصيف فأمر بالغسل لهذا ، والله أعلم .