بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
ولو بعث القارن بهديين ولم يبين أيهما للحج ، وأيهما للعمرة لم يضره ; لأن الموجب لهما واحد ، فلا يشترط فيه تعيين النية كقضاء يومين من رمضان .

ولو بعث القارن بهدي واحد ليتحلل من الحج ويبقى في إحرام العمرة لم يتحلل من واحد منهما ; لأن تحلل القارن من أحد الإحرامين متعلق بتحلله من الآخر ; لأن الهدي بدل عن الطواف ثم لا يتحلل بأحد الطوافين عن أحد الإحرامين ، فكذا بأحد الهديين .

ولو كان أحرم بشيء واحد لا ينوي حجة ولا عمرة ثم أحصر يحل بهدي واحد وعليه عمرة استحسانا ; لأن الإحرام بالمجهول صحيح لما ذكرنا فيما تقدم ، وكان البيان إليه إن شاء صرفه إلى الحج ، وإن شاء إلى العمرة ; لأنه هو المجمل فكان البيان إليه كما في الطلاق وغيره ، والقياس : أن لا تتعين العمرة بالإحصار لعدم التعيين قولا ولا فعلا ; لأن ذلك أن يأخذ في عمل أحدهما ، ولم يوجد إلا أنهم استحسنوا وقالوا : تتعين العمرة بالإحصار ; لأن العمرة أقلهما ، وهو متيقن .

ولو كان أحرم بشيء واحد وسماه ثم نسيه وأحصر يحل بهدي واحد ، وعليه حجة وعمرة أما الحل بهدي واحد ; فلأنه محرم بإحرام واحد ، وأيهما كان فإنه يقع التحلل منه بدم واحد .

وأما لزوم حجة وعمرة ; فلأنه يحتمل أنه كان قد أحرم بحجة ، ويحتمل بعمرة ، فإن كان إحرامه بحجة فالعمرة لا تنوب منابها ، وإن كان بالعمرة فالحجة لا تنوب منابها فيلزمه أن يجمع بينهما احتياطا ليسقط الفرض عن نفسه بيقين كمن نسي صلاة من الصلوات الخمس ، أنه يجب عليه إعادة خمس صلوات ليسقط الفرض عن نفسه بيقين ، كذا هذا ، وكذلك إن لم يحصر ووصل فعليه حجة وعمرة ، ويكون عليه ما على القارن ; لأنه جمع بين الحج ، والعمرة على طريق النسك .

التالي السابق


الخدمات العلمية