فصل
حديث " من عشق فعف "
وأما حديث : "
من عشق فعف " فهذا يرويه
nindex.php?page=showalam&ids=16071سويد بن سعيد ، وقد أنكره حفاظ الإسلام عليه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي في كامله : هذا الحديث أحد ما أنكر على
سويد ، وكذلك ذكره
البيهقي nindex.php?page=showalam&ids=13312وابن طاهر في الذخيرة والتذكرة
nindex.php?page=showalam&ids=11890، وأبو الفرج ابن الجوزي وعده من الموضوعات ، وأنكره
nindex.php?page=showalam&ids=14070أبو عبد الله الحاكم على تساهله ، وقال أنا أتعجب منه .
قلت : والصواب في الحديث أنه من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - موقوفا عليه ، فغلط
سويد في رفعه .
قال
أبو محمد بن خلف بن المرزبان : حدثنا
أبو بكر بن الأزرق عن
سويد به ، فعاتبته على ذلك ، فأسقط ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان بعد ذلك يسأل عنه فلا يرفعه ، ولا يشبه هذا كلام النبوة .
وأما ما رواه
الخطيب له عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15263المعافى بن زكريا ، حدثنا
قطبة بن الفضل ، حدثنا
أحمد بن محمد بن مسروق ، حدثنا
سويد بن مسهر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة مرفوعا ، فمن أبين الخطأ ولا يحمل
هشام عن أبيه عن
عائشة مثل هذا عند من شم أدنى رائحة من الحديث ، ونحن نشهد بالله أن
عائشة ما حدثت بهذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط ، ولا حدث به
عروة عنها ، ولا حدث به
هشام قط .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون عن
nindex.php?page=showalam&ids=16372عبد العزيز بن أبي حازم عن
أبي نجيح عن
مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا ، فكذب على
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون ، فإنه لم يحدث بهذا ، ولا حدث به عنه
nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار ، وإنما هذا من تركيب بعض الوضاعين ، ويا سبحان الله ! كيف يحتمل هذا الإسناد مثل هذا المتن ؟ فقبح الله الوضاعين .
وقد ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=11890أبو الفرج ابن الجوزي ، من حديث
محمد بن جعفر بن سهل : حدثنا
يعقوب بن عيسى ، عن ولد
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مرفوعا ، وهذا غلط قبيح ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=16937محمد بن جعفر هذا هو
nindex.php?page=showalam&ids=14203الخرائطي ، ووفاته سنة سبع وعشرين وثلاثمائة ، فمحال أن يدرك شيخه
يعقوب ابن أبي نجيح ، لا سيما وقد رواه في كتاب الاعتدال ، عن
[ ص: 243 ] يعقوب هذا عن
الزبير عن
عبد الملك عن
عبد العزيز عن
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح ،
والخرائطي هذا مشهور بالضعف في الرواية ، ذكره
أبو الفرج في كتاب الضعفاء .
وكلام حفاظ الإسلام في إنكار هذا الحديث هو الميزان ، وإليهم يرجع في هذا الشأن ، ولا صححه ولا حسنه أحد يعول في علم الحديث عليه ، ويرجع في التصحيح إليه ، ولا من عادته التسامح والتساهل ، فإنه لم يصف نفسه له ، ويكفي أن
nindex.php?page=showalam&ids=13312ابن طاهر الذي يتساهل في أحاديث التصوف ، ويروي منها الغث والسمين ، قد أنكره وشهد ببطلانه .
نعم
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لا ينكر ذلك عنه .
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم عنه : أنه سئل عن الميت عشقا ، فقال : قتيل الهوى لا عقل له ولا قود .
ورفع إليه
بعرفات شاب قد صار كالفرخ ، فقال : ما شأنه ؟ قالوا : العشق ، فجعل عامة يومه يستعيذ من العشق وقد تقدم .
فهذا نفس ما روي عنه ذلك .
ومما يوضح ذلك
nindex.php?page=hadith&LINKID=949569أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عد الشهداء في الصحيح ، فذكر المقتول في الجهاد ، والمبطون ، والحرق ، والنفساء يقتلها ولدها ، والغرق ، وصاحب ذات الجنب ، ولم يذكر منهم من يقتله العشق .
وحسب قتيل العشق أن يصح له هذا الأثر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - ، على أنه لا يدخل الجنة حتى يصبر لله ، ويعف لله ، ويكتم لله ، لكن العاشق إذا صبر وعف وكتم مع قدرته على معشوقه ، وآثر محبة الله وخوفه ورضاه ، هذا أحق من دخل تحت قوله تعالى :
وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى [ سورة النازعات : 40 - 41 ] .
وتحت قوله تعالى :
ولمن خاف مقام ربه جنتان [ سورة الرحمن : 46 ] .
فنسأل الله العظيم ، رب العرش الكريم ، أن يجعلنا ممن آثر حبه على هواه ، وابتغى بذلك قربه ورضاه .