فصل
ضرر الذنوب في القلب كضرر السموم في الأبدان
فلنرجع إلى ما كنا فيه من ذكر دواء الداء الذي إن استمر أفسد دنيا العبد وآخرته .
فما ينبغي أن يعلم ، أن الذنوب والمعاصي تضر ، ولا بد أن ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان على اختلاف درجاتها في الضرر ، وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي ،
فما الذي أخرج الأبوين من الجنة ، دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب ؟
وما
الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء وطرده ولعنه ، ومسخ ظاهره وباطنه فجعل صورته أقبح صورة وأشنعها ، وباطنه أقبح من صورته وأشنع ، وبدل بالقرب بعدا ، وبالرحمة لعنة ، وبالجمال قبحا ، وبالجنة نارا تلظى ، وبالإيمان كفرا ، وبموالاة الولي الحميد
[ ص: 43 ] أعظم عداوة ومشاقة ، وبزجل التسبيح والتقديس والتهليل زجل الكفر والشرك والكذب والزور والفحش ، وبلباس الإيمان لباس الكفر والفسوق والعصيان ، فهان على الله غاية الهوان ، وسقط من عينه غاية السقوط ، وحل عليه غضب الرب تعالى فأهواه ، ومقته أكبر المقت فأرداه ، فصار قوادا لكل فاسق ومجرم ، رضي لنفسه بالقيادة بعد تلك العبادة والسيادة ، فعياذا بك اللهم من مخالفة أمرك وارتكاب نهيك .
وما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رأس الجبال ؟ وما الذي سلط الريح العقيم على
قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية ، ودمرت ما مر عليه من ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابهم ، حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة ؟
وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم ؟
وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم ، ثم قلبها عليهم ، فجعل عاليها سافلها ، فأهلكهم جميعا ، ثم أتبعهم حجارة من السماء أمطرها عليهم ، فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على أمة غيرهم ، ولإخوانهم أمثالها ، وما هي من الظالمين ببعيد ؟
وما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل ، فلما صار فوق رءوسهم أمطر عليهم نارا تلظى ؟
وما
الذي أغرق فرعون وقومه في البحر ، ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم ، فالأجساد للغرق ، والأرواح للحرق ؟
وما الذي خسف بقارون وداره وماله وأهله ؟
وما الذي أهلك القرون من بعد
نوح بأنواع العقوبات ، ودمرها تدميرا ؟
وما الذي أهلك قوم صاحب يس بالصيحة حتى خمدوا عن آخرهم ؟
وما
الذي بعث على بني إسرائيل قوما أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار ، وقتلوا الرجال ، وسبوا الذرية والنساء ، وأحرقوا الديار ، ونهبوا الأموال ، ثم بعثهم عليهم مرة ثانية فأهلكوا ما قدروا عليه وتبروا ما علوا تتبيرا ؟
وما الذي سلط عليهم
أنواع العقوبات ، مرة بالقتل والسبي وخراب البلاد ، ومرة بجور
[ ص: 44 ] الملوك ، ومرة بمسخهم قردة وخنازير ، وآخر ذلك أقسم الرب تبارك وتعالى :
ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب [ سورة الأعراف : 167 ] .
قال الإمام
أحمد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم حدثنا
صفوان بن عمر وحدثني
عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال : لما فتحت
قبرص فرق بين أهلها ، فبكى بعضهم إلى بعض ، فرأيت
nindex.php?page=showalam&ids=4أبا الدرداء جالسا وحده يبكي ، فقلت : يا
nindex.php?page=showalam&ids=4أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله ، فقال : ويحك يا
جبير ، ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره ، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك ، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16598علي بن الجعد : أنبأنا
شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16718عمرو بن مرة قال : سمعت
أبا البختري يقول : أخبرني من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949390لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم .
وفي مسند
أحمد من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949391إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده ، فقلت : يا رسول الله ، أما فيهم يومئذ أناس صالحون ؟ قال : بلى ، قلت : كيف يصنع بأولئك ؟ قال : يصيبهم ما أصاب الناس ، ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان .
وفي مراسيل
الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
لا تزال هذه الأمة تحت يد الله وفي كنفه ما لم يمالئ قراؤها أمراءها ، وما لم يزك صلحاؤها فجارها ، وما لم يهن خيارها أشرارها ، فإذا هم فعلوا ذلك رفع الله يده عنهم ، ثم سلط عليهم جبابرتهم فساموهم سوء العذاب ، ثم ضربهم الله بالفاقة والفقر .
وفي المسند من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949393إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه .
وفيه أيضا عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949394يوشك أن تتداعى عليكم الأمم من كل أفق ، كما تتداعى الأكلة على قصعتها ، قلنا : يا رسول الله ، أمن قلة بنا يومئذ ؟ قال : أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، تنزع المهابة من قلوب عدوكم ، ويجعل في قلوبكم الوهن ، قالوا وما الوهن ؟ قال : حب الحياة وكراهة الموت .
وفي المسند من حديث
أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2006785لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم . [ ص: 45 ] وفي جامع
الترمذي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949395يخرج في آخر الزمان قوم يختلون الدنيا بالدين ، ويلبسون للناس مسوك الضأن من اللين ، ألسنتهم أحلى من السكر ، وقلوبهم قلوب الذئاب ، يقول الله عز وجل : أبي يغترون ؟ وعلي يجترئون ؟ فبي حلفت ، لأبعثن أولئك فتنة تدع الحليم فيها حيران .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : قال
علي :
يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ، ولا من القرآن إلا رسمه ، مساجدهم يومئذ عامرة ، وهي خراب من الهدى ، علماؤهم شر من تحت أديم السماء ، منهم خرجت الفتنة وفيهم تعود .
وذكر من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15238عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال : إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله عز وجل بهلاكها .
وفي مراسيل
الحسن : إذا أظهر الناس العلم ، وضيعوا العمل ، وتحابوا بالألسن ، وتباغضوا بالقلوب ، وتقاطعوا بالأرحام ، لعنهم الله عز وجل عند ذلك ، فأصمهم وأعمى أبصارهم .
وفي سنن
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر بن الخطاب قال : كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهه فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949396يا معشر المهاجرين خمس خصال أعوذ بالله أن تدركوهن : ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ، ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا ابتلوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان ، وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء فلولا البهائم لم يمطروا ، ولا خفر قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم ، وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم .
وفي المسند والسنن من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16718عمرو بن مرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12077أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949397إن من كان قبلكم ، كان إذا عمل العامل فيهم بالخطيئة جاءه الناهي تعذيرا ، فإذا كان من الغد جالسه وواكله وشاربه ، كأنه لم يره على خطيئة بالأمس ، فلما رأى الله عز وجل ذلك منهم ، ضرب بقلوب بعضهم على بعض ، ثم لعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى ابن مريم ، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون والذي نفس [ ص: 46 ] محمد بيده لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، ولتأخذن على يد السفيه ، ولتأطرنه على الحق أطرا ، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ، ثم ليلعنكم كما لعنهم .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا عن
إبراهيم بن عمرو الصنعاني قال : أوحى الله إلى
يوشع بن نون : إني مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم ، وستين ألفا من شرارهم ، قال : يا رب ، هؤلاء الأشرار ، فما بال الأخيار ؟ قال : لم يغضبوا لغضبي ، وكانوا يؤاكلونهم ويشاربونهم .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر عن
أبي عمران قال : بعث الله عز وجل ملكين إلى قرية ، أن دمراها بمن فيها ، فوجدا رجلا قائما يصلي في مسجد ، فقالا : يا رب ، إن فيها عبدك فلانا يصلي ، فقال الله عز وجل : دمراها ودمراه معهم ، فإنه ما تمعر وجهه في قط .
وذكر
الحميدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة : قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان بن سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17074مسعر :
أن ملكا أمر أن يخسف بقرية ، فقال : يا رب ، إن فيها فلانا العابد ، فأوحى الله إليه : أن به فابدأ ، فإنه لم يتمعر وجهه في ساعة قط .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه قال : لما أصاب
داود الخطيئة قال : يا رب اغفر لي : قال قد غفرت لك ، وألزمت عارها
بني إسرائيل ، قال يا رب ، كيف وأنت الحكم العدل لا يظلم أحدا ، أنا أعمل الخطيئة وتلزم عارها غيري ، فأوحى الله إليه ، إنك لما عملت الخطيئة لم يعجلوا عليك بالإنكار .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك : أنه دخل على
عائشة ، هو ورجل آخر ، فقال لها الرجل : يا أم المؤمنين حدثينا عن الزلزلة ، فقالت : إذا استباحوا الزنا ، وشربوا الخمر ، وضربوا بالمعازف ، غار الله عز وجل في سمائه ، فقال للأرض تزلزلي بهم ، فإن تابوا ونزعوا ، وإلا هدمها عليهم ، قال : يا أم المؤمنين ، أعذابا لهم ؟ قالت : بلى ، موعظة ورحمة للمؤمنين ، ونكالا وعذابا وسخطا على الكافرين ، فقال
أنس : ما سمعت حديثا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا أشد فرحا به مني بهذا الحديث .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا حديثا مرسلا :
إن الأرض تزلزلت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده عليها ثم قال : اسكني ، فإنه لم يأن لك بعد ، ثم التفت إلى أصحابه ، فقال : إن ربكم ليستعتبكم فأعتبوه ، ثم تزلزلت بالناس على عهد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب فقال ، يا أيها الناس ما كانت هذه الزلزلة إلا عن شيء أحدثتموه ، والذي نفسي بيده لئن عادت لا أساكنكم فيها أبدا .
وفي مناقب
عمر nindex.php?page=showalam&ids=12455لابن أبي الدنيا أن الأرض تزلزلت على عهد عمر ، فضرب يده [ ص: 47 ] عليها ، وقال : ما لك ؟ ما لك ؟ أما إنها لو كانت القيامة حدثت أخبارها ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إذا كان يوم القيامة فليس فيها ذراع ولا شبر إلا وهو ينطق .
وذكر الإمام
أحمد عن
صفية ، قالت : زلزلت
المدينة على عهد
عمر ، فقال : يا أيها الناس ما هذا ؟ وما أسرع ما أحدثتم ، لئن عادت لا أساكنكم فيها .
وقال
كعب : إنما زلزلت الأرض إذا عمل فيها بالمعاصي فترعد فرقا من الرب جل جلاله أن يطلع عليها .
وكتب
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار : أما بعد فإن هذا الرجف شيء يعاتب الله عز وجل به العباد ، وقد كتبت إلى الأمصار أن يخرجوا في يوم كذا وكذا في شهر كذا وكذا ، فمن كان عنده شيء فليتصدق به ، فإن الله عز وجل يقول :
قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى [ سورة الأعلى : 14 - 15 ] .
وقولوا كما قال
آدم :
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين [ سورة الأعراف : 23 ] .
وقولوا كما قال
نوح :
وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين [ سورة هود : 47 ] .
وقولوا كما قال
يونس :
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين [ سورة الأنبياء : 87 ] .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16081أسود بن عامر حدثنا
أبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949401إذا ضن الناس بالدينار والدرهم ، وتبايعوا بالعينة ، وتبعوا أذناب البقر ، وتركوا الجهاد في سبيل الله ، أنزل الله بهم بلاء لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم رواه
أبو داود بإسناد حسن .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : لقد رأينا وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم .
ولقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949402إذا ضن الناس بالدينار والدرهم ، وتبايعوا بالعينة ، وتركوا الجهاد في سبيل الله ، وأخذوا أذناب البقر ، أنزل الله عليهم من السماء بلاء ، فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم .
[ ص: 48 ] وقال
الحسن : إن الفتنة والله ما هي إلا عقوبة من الله عز وجل على الناس .
ونظر بعض أنبياء
بني إسرائيل إلى ما يصنع بهم
بختنصر ، فقال : بما كسبت أيدينا سلطت علينا من لا يعرفك ولا يرحمنا .
وقال
بختنصر لدانيال : ما الذي سلطني على قومك ؟ قال : عظم خطيئتك وظلم قومي أنفسهم .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر وحذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أن الله عز وجل إذا أراد بالعباد نقمة أمات الأطفال ، وأعقم أرحام النساء ، فتنزل النقمة ، وليس فيهم مرحوم .
وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار قال : قرأت في الحكمة : يقول الله عز وجل : أنا الله مالك الملوك ، قلوب الملوك بيدي ، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة ، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ، ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم .
وفي مراسيل
الحسن : إذا أراد الله بقوم خيرا جعل أمرهم إلى حلمائهم ، وفيأهم عند سمحائهم ، وإذا أراد الله بقوم شرا جعل أمرهم إلى سفهائهم ، وفيأهم عند بخلائهم .
وذكر الإمام
أحمد وغيره عن
قتادة قال : قال
موسى : يا رب أنت في السماء ونحن في الأرض ، فما علامة غضبك من رضاك ؟ قال : إذا استعملت عليكم خياركم فهو من علامة رضائي عنكم ، وإذا استعملت عليكم شراركم فهو من علامة سخطي عليكم .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا عن
nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض قال : أوحى الله إلى بعض الأنبياء : إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني .
وذكر أيضا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر برفعه :
والذي نفسي بيده ، لا تقوم الساعة حتى يبعث الله أمراء كذبة ، ووزراء فجرة ، وأعوانا خونة ، وعرفاء ظلمة ، وقراء فسقة ، سيماهم سيماء الرهبان ، وقلوبهم أنتن من الجيف ، أهواؤهم مختلفة ، فيفتح الله لهم فتنة غبراء مظلمة فيتهالكون فيها ، والذي نفس محمد بيده لينقضن الإسلام عروة عروة ، حتى لا يقال : الله الله ، لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، أو ليسلطن الله عليكم أشراركم ، فيسومونكم سوء العذاب ، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم ، لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، أو ليبعثن الله عليكم من لا يرحم صغيركم ، ولا يوقر كبيركم .
وفي معجم
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وغيره من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
ما طفف قوم كيلا ، ولا بخسوا ميزانا ، إلا منعهم الله عز وجل القطر ، وما ظهر [ ص: 49 ] في قوم الزنا إلا ظهر فيهم الموت ، وما ظهر في قوم الربا إلا سلط الله عليهم الجنون ، ولا ظهر في قوم القتل - يقتل بعضهم بعضا - إلا سلط الله عليهم عدوهم ، ولا ظهر في قوم عمل قوم لوط إلا ظهر فيهم الخسف ، وما ترك قوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا لم ترفع أعمالهم ولم يسمع دعاؤهم ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا من حديث
إبراهيم بن الأشعث عن
عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن
سعيد به .
وفي المسند وغيره من حديث
عروة عن
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949406دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد حفزه النفس ، فعرفت في وجهه أن قد حفزه شيء ، فما تكلم حتى توضأ ، وخرج ، فلصقت بالحجرة ، فصعد المنبر : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا أيها الناس ، إن الله عز وجل يقول لكم : مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أجيبكم ، وتستنصروني فلا أنصركم ، وتسألوني فلا أعطيكم .
وقال
العمري الزاهد : إن من غفلتك عن نفسك ، وإعراضك عن الله أن ترى ما يسخط الله فتتجاوزه ، ولا تأمر فيه ، ولا تنهى عنه ، خوفا ممن لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا .
وقال : من ترك الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، مخافة من المخلوقين ، نزعت منه الطاعة ، ولو أمر ولده أو بعض مواليه لاستخف بحقه .
وذكر الإمام
أحمد في مسنده من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق : يا أيها الناس إنكم تتلون هذه الآية ، وإنكم تضعونها على غير موضعها
ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم [ سورة المائدة : 105 ] .
وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949407إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه - وفي لفظ : إذا رأوا المنكر فلم يغيروه - أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي عن
يحيى بن أبي كثير سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949408إذا خفيت الخطيئة لم تضر إلا صاحبها ، وإذا ظهرت فلم تغير ، ضرت العامة .
وذكر الإمام
أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : توشك القرى أن تخرب وهي عامرة ، قيل وكيف تخرب وهي عامرة ؟ قال : إذا علا فجارها أبرارها ، وساد القبيلة منافقوها .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15714حسان بن عطية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
سيظهر شرار أمتي على خيارها ، حتى يستخفي المؤمن فيهم كما يستخفي المنافق فينا اليوم .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يرفعه قال :
يأتي زمان يذوب فيه قلب [ ص: 50 ] المؤمن كما يذوب الملح في الماء ، قيل : مم ذاك يا رسول الله ؟ قال : مما يرى من المنكر لا يستطيع تغييره .
وذكر الإمام
أحمد من حديث
جرير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949410ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ، وهم أعز وأكثر ممن يعمله ، فلم يغيروه إلا عمهم الله بعقاب .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949411يجاء بالرجل يوم القيامة ، فيلقى في النار ، فتندلق أقتابه في النار ، فيدور كما يدور الحمار برحاه ، فيجتمع عليه أهل النار ، فيقولون : أي فلان ، ما شأنك ؟ ألست كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟ قال : بلى ، كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه .
وذكر الإمام
أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار قال : كان حبر من أحبار
بني إسرائيل يغشى منزله الرجال والنساء ، فيعظهم ويذكرهم بأيام الله ، فرأى بعض بنيه يوما يغمز النساء ، فقال : مهلا يا بني ، مهلا يا بني فسقط من سريره ، فانقطع نخاعه ، وأسقطت امرأته ، وقتل بنوه ، فأوحى الله إلى نبيهم : أن أخبر فلانا الخبر : أني لا أخرج من صلبك صديقا أبدا ، ما كان غضبك لي إلا أن قلت مهلا يا بني .
وذكر الإمام
أحمد من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949412إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه ، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرب لهن مثلا ، كمثل القوم نزلوا أرض فلاة ، فحضر صنيع القوم ، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود ، والرجل يجيء بالعود ، حتى جمعوا سوادا ، وأججوا نارا ، وأنضجوا ما قذفوا فيها .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949413إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر ، وإن كنا لنعدها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الموبقات .
وفي الصحيحين من حديث
عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949414عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت ، فدخلت النار ، لا هي أطعمتها ، ولا سقتها ، ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض .
وفي الحلية
لأبي نعيم عن
حذيفة أنه قيل له : في يوم واحد تركت
بنو إسرائيل دينهم ؟ قال : لا ، ولكنهم كانوا إذا أمروا بشيء تركوه ، وإذا نهوا عن شيء ركبوه ، حتى انسلخوا من دينهم كما ينسلخ الرجل من قميصه .
ومن هاهنا قال بعض السلف : المعاصي بريد الكفر ، كما أن القبلة بريد الجماع ، والغناء بريد الزنا ، والنظر بريد العشق ، والمرض بريد الموت .
وفي الحلية أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : يا صاحب الذنب لا تأمن سوء عاقبته ، ولما
[ ص: 51 ] يتبع الذنب أعظم من الذنب إذا عملته ، قلة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال - وأنت على الذنب - أعظم من الذنب ، وضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب ، وفرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب ، وحزنك على الذنب إذا فاتك أعظم من الذنب ، وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت على الذنب ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب ، ويحك هل تدري ما كان ذنب
أيوب فابتلاه بالبلاء في جسده وذهاب ماله ؟ استغاث به مسكين على ظالم يدرؤه عنه ، فلم يعنه ، ولم ينه الظالم عن ظلمه ، فابتلاه الله .
قال الإمام
أحمد : حدثنا
الوليد قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15564بلال بن سعد يقول : لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض : بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله ، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله .
وقيل : أوحى الله تعالى إلى
موسى ، يا
موسى إن أول من مات من خلقي إبليس ، وذلك أنه أول من عصاني ، وإنما أعد من عصاني من الأموات .
وفي المسند وجامع
الترمذي من حديث
أبي صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949415إن المؤمن إذا أذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا تاب ونزع واستغفر صقل قلبه ، وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه ، فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل :كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون [ سورة المطففين : 14 ] .
وقال
الترمذي : هذا حديث صحيح .
وقال
حذيفة : إذا أذنب العبد ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء حتى يصير قلبه كالشاة الريداء .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
يعقوب حدثنا أبي عن
صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949416أما بعد يا معشر قريش ، فإنكم أهل لهذا الأمر ما لم تعصوا الله ، فإذا عصيتموه بعث عليكم من يلحاكم كما يلحى هذا القضيب بقضيب في يده ، ثم لحا قضيبه فإذا هو أبيض يصلد .
وذكر الإمام
أحمد : عن
وهب قال الرب عز وجل : قال في بعض ما يقول
لبني إسرائيل : إني إذا أطعت رضيت ، وإذا رضيت باركت ، وليس لبركتي نهاية ، وإذا عصيت غضبت ، وإذا غضبت لعنت ، ولعنتي تبلغ السابع من الولد " .