فصل
المعاصي تزيل النعم
ومن عقوبات الذنوب : أنها تزيل النعم ، وتحل النقم ، فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب ، ولا حلت به نقمة إلا بذنب ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - :
ما نزل بلاء إلا بذنب ، ولا رفع إلا بتوبة .
وقد قال تعالى :
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير [ سورة الشورى : 30 ] .
وقال تعالى :
ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم [ سورة الأنفال : 53 ] .
فأخبر الله تعالى أنه لا يغير نعمه التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه ، فيغير طاعة الله بمعصيته ، وشكره بكفره ، وأسباب رضاه بأسباب سخطه ، فإذا غير غير عليه ، جزاء وفاقا ، وما ربك بظلام للعبيد .
فإن غير المعصية بالطاعة ، غير الله عليه العقوبة بالعافية ، والذل بالعز .
وقال تعالى :
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال [ سورة الرعد : 11 ] .
وفي بعض الآثار الإلهية ، عن الرب تبارك وتعالى أنه قال :
وعزتي وجلالي ، لا يكون عبد من عبيدي على ما أحب ، ثم ينتقل عنه إلى ما أكره ، إلا انتقلت له مما يحب إلى ما يكره ، ولا يكون عبد من عبيدي على ما أكره ، فينتقل عنه إلى ما أحب ، إلا انتقلت له مما يكره إلى ما يحب .
وقد أحسن القائل :
إذا كنت في نعمة فارعها فإن الذنوب تزيل النعم [ ص: 75 ] وحطها بطاعة رب العبا
د فرب العباد سريع النقم
وإياك والظلم مهما استطع
ت فظلم العباد شديد الوخم وسافر بقلبك بين الورى
لتبصر آثار من قد ظلم فتلك مساكنهم بعدهم
شهود عليهم ولا تتهم وما كان شيء عليهم أض
ر من الظلم وهو الذي قد قصم فكم تركوا من جنان ومن
قصور وأخرى عليهم أطم صلوا بالجحيم وفات النعي
م وكان الذي نالهم كالحلم