( حرث ) ( هـ ) فيه :
احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا أي اعمل لدنياك ، فخالف بين اللفظين . يقال حرثت واحترثت . والظاهر من مفهوم لفظ هذا الحديث : أما في الدنيا فللحث على عمارتها وبقاء الناس فيها حتى يسكن فيها وينتفع بها من يجيء بعدك ، كما انتفعت أنت بعمل من كان قبلك وسكنت فيما عمره ، فإن الإنسان إذا علم أنه يطول عمره أحكم ما يعمله وحرص على ما يكسبه ، وأما في جانب الآخرة فإنه حث على إخلاص العمل ،
[ ص: 360 ] وحضور النية والقلب في العبادات والطاعات ، والإكثار منها ، فإن من يعلم أنه يموت غدا يكثر من عبادته ويخلص في طاعته . كقوله في الحديث الآخر : صل صلاة مودع .
قال بعض أهل العلم : المراد من هذا الحديث غير السابق إلى الفهم من ظاهره ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ندب إلى الزهد في الدنيا ، والتقليل منها ، ومن الانهماك فيها والاستمتاع بلذاتها ، وهو الغالب على أوامره ونواهيه فيما يتعلق بالدنيا فكيف يحث على عمارتها والاستكثار منها ، وإنما أراد - والله أعلم - أن الإنسان إذا علم أنه يعيش أبدا قل حرصه ، وعلم أن ما يريده لن يفوته تحصيله بترك الحرص عليه والمبادرة إليه ، فإنه يقول : إن فاتني اليوم أدركته غدا ، فإني أعيش أبدا ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : اعمل عمل من يظن أنه يخلد فلا يحرص في العمل ، فيكون حثا له على الترك والتقليل بطريقة أنيقة من الإشارة والتنبيه ، ويكون أمره لعمل الآخرة على ظاهره ، فيجمع بالأمرين حالة واحدة وهو الزهد والتقليل ، لكن بلفظين مختلفين .
وقد اختصر
الأزهري هذا المعنى فقال : معناه تقديم أمر الآخرة وأعمالها حذار الموت بالفوت على عمل الدنيا ، وتأخير أمر الدنيا كراهية الاشتغال بها عن عمل الآخرة .
( هـ ) وفي حديث
عبد الله :
" احرثوا هذا القرآن " أي فتشوه وثوروه . والحرث : التفتيش .
( هـ ) وفيه : " أصدق الأسماء الحارث " لأن الحارث هو الكاسب ، والإنسان لا يخلو من الكسب طبعا واختيارا .
[ هـ ] ومنه حديث
بدر :
اخرجوا إلى معايشكم وحرائثكم أي مكاسبكم . واحدها حريثة . قال
الخطابي : الحرائث : أنضاء الإبل ، وأصله في الخيل إذا هزلت فاستعير للإبل ، وإنما يقال في الإبل أحرفناها بالفاء . يقال ناقة حرف : أي هزيلة . قال : وقد يراد بالحرائث المكاسب ، من الاحتراث : الاكتساب ، ويروى : " حرائبكم " بالحاء والباء الموحدة . وقد تقدم .
( س ) ومنه قول
معاوية : " أنه قال للأنصار : ما فعلت نواضحكم ؟ قالوا : حرثناها يوم بدر " أي أهزلناها . يقال حرثت الدابة وأحرثتها بمعنى أهزلتها . وهذا يخالف قول
الخطابي .
[ ص: 361 ] وأراد
معاوية بذكر نواضحهم تقريعا لهم وتعريضا لأنهم كانوا أهل زرع وسقي ، فأجابوه بما أسكنه تعريضا بقتل أشياخه يوم
بدر .
( هـ ) وفيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=997382وعليه خميصة حريثية هكذا جاء في بعض طرق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم . قيل : هي منسوبة إلى
حريث : رجل من
قضاعة . والمعروف جونية . وقد ذكرت في الجيم .