صفحة جزء
[ جرا ]

جرا : الجرو والجروة : الصغير من كل شيء حتى من الحنظل والبطيخ والقثاء والرمان والخيار والباذنجان ، وقيل : هو ما استدار من ثمار الأشجار كالحنظل ونحوه ، والجمع أجر . وفي الحديث : أهدي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قناع من رطب ، وأجر زغب ; يعني شعارير القثاء ، وفي حديث آخر : أنه أتي بقناع جرو ، والجمع الكثير جراء ، وأراد بقوله أجر زغب صغار القثاء المزغب الذي زئبره عليه ; شبهت بأجري السباع والكلاب لرطوبتها ، والقناع : الطبق . وأجرت الشجرة : صار فيها الجراء . الأصمعي : إذا أخرج الحنظل ثمره فصغاره الجراء ، واحدها جرو ، ويقال لشجرته قد أجرت . وجرو الكلب والأسد والسباع ، وجروه وجروه كذلك ، والجمع أجر وأجرية ; هذه عن اللحياني ، وهي نادرة ، وأجراء وجراء ، والأنثى جروة . وكلبة مجر ومجرية ذات جرو ، وكذلك السبعة أي : معها جراؤها ; وقال الهذلي :


وتجر مجرية لها لحمى إلى أجر حواشب

أراد بالمجرية ههنا ضبعا ذات أولاد صغار ، شبهها بالكلبة المجرية ; وأنشد الجوهري للجميح الأسدي واسمه منقذ :


أما إذا حردت حردي فمجرية     ضبطاء تسكن غيلا غير مقروب

الجوهري في جمعه على أجر قال : أصله أجرو على أفعل ، قال : وجمع الجراء أجرية . والجرو : وعاء بزر الكعابير ، وفي المحكم : بزر الكعابير التي في رءوس العيدان . والجروة : النفس . ويقال للرجل إذا وطن نفسه على أمر : ضرب لذلك الأمر جروته أي : صبر له ووطن عليه ، وضرب جروة نفسه كذلك ; قال الفرزدق :


فضربت جروتها وقلت لها اصبري     وشددت في ضنك المقام إزاري

ويقال : ضربت جروتي عنه وضربت جروتي عليه ، أي : صبرت عنه وصبرت عليه . ويقال : ألقى فلان جروته إذا صبر على الأمر . وقولهم : ضرب عليه جروته أي : وطن نفسه عليه . قال ابن بري : قال أبو عمرو يقال ضربت عن ذلك الأمر جروتي أي اطمأنت نفسي ; وأنشد :


ضربت بأكناف اللوى عنك جروتي     وعلقت أخرى لا تخون المواصلا

والجروة : الثمرة أول ما تنبت غضة ; عن أبي حنيفة . والجراوي : ماء ; وأنشد ابن الأعرابي :


ألا لا أرى ماء الجراوي شافيا     صداي وإن روى غليل الركائب

وجرو وجري وجرية : أسماء . وبنو جروة بطن من العرب ، وكان ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف يقال له جرو البطحاء . وجروة : اسم فرس شداد العبسي أبي عنترة ; قال شداد :


فمن يك سائلا عني فإني     وجروة لا ترود ولا تعار

وجروة أيضا : فرس أبي قتادة شهد عليه يوم السرح . وجرى الماء والدم ونحوه جريا وجرية وجريانا ، وإنه لحسن الجرية ، وأجراه هو وأجريته أنا . يقال : ما أشد جرية هذا الماء - بالكسر - . وفي الحديث : وأمسك الله جرية الماء ; هي - بالكسر - : حالة الجريان ; ومنه : وعال قلم زكريا الجرية . وجرت الأقلام مع جرية الماء ، كل هذا - بالكسر - . وفي حديث عمر : إذا أجريت الماء على الماء أجزأ عنك ; يريد إذا صببت الماء على البول فقد طهر المحل ولا حاجة بك إلى غسله ودلكه . وجرى الفرس وغيره جريا وجراء : أجراه ; قال أبو ذؤيب :


يقربه للمستضيف إذا دعا     جراء وشد كالحريق ضريج

أراد جري هذا الرجل إلى الحرب ، ولا يعني فرسا ; لأن هذيلا إنما هم عراجلة رجالة . والإجريا : ضرب من الجري ; قال :


غمر الأجاري مسحا مهرجا

وقال رؤبة :


غمر الأجاري كريم السنح     أبلج لم يولد بنجم الشح

أراد السنخ فأبدل الخاء حاء . وجرت الشمس وسائر النجوم : سارت من المشرق إلى المغرب . والجارية : الشمس سميت بذلك لجريها من القطر إلى القطر . التهذيب : والجارية عين الشمس في السماء ، قال الله - عز وجل - : والشمس تجري لمستقر لها . والجارية : الريح ; قال الشاعر :


فيوما تراني في الفريق معقلا     ويوما أباري في الرياح الجواريا

وقوله تعالى : فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ; يعني النجوم . وجرت السفينة جريا كذلك . والجارية : السفينة ، صفة غالبة . وفي التنزيل : حملناكم في الجارية ، وفيه : وله الجواري المنشآت في البحر ، وقوله - عز وجل - : بسم الله مجراها ومرساها ; هما مصدران من أجريت السفينة وأرسيت ، ومجراها ومرساها - بالفتح - من جرت السفينة ورست ; وقول لبيد :


وغنيت سبتا قبل مجرى داحس     لو كان للنفس اللجوج خلود

ومجرى داحس كذلك . الليث : الخيل تجري والرياح تجري والشمس تجري جريا إلا الماء فإنه يجري جرية ، والجراء للخيل خاصة ; وأنشد :


غمر الجراء إذا قصرت عنانه

وفرس ذو أجاري أي : ذو فنون في الجري . وجاراه مجاراة وجراء أي : جرى معه ، وجاراه في الحديث وتجاروا فيه . وفي حديث الرياء : من طلب العلم ليجاري به العلماء أي : يجري معهم في المناظرة والجدال ليظهر علمه إلى الناس رياء وسمعة . ومنه الحديث : تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه أي : يتواقعون في الأهواء الفاسدة ويتداعون فيها ، تشبيها بجري الفرس ; والكلب - بالتحريك - : داء [ ص: 135 ] معروف يعرض للكلب فمن عضه قتله . ابن سيده : قال الأخفش والمجرى في الشعر حركة حرف الروي ، فتحته وضمته وكسرته ، وليس في الروي المقيد مجرى ; لأنه لا حركة فيه فتسمى مجرى ، وإنما سمي ذلك مجرى ; لأنه موضع جري حركات الإعراب والبناء . والمجاري : أواخر الكلم ، وذلك لأن حركات الإعراب والبناء إنما تكون هنالك ; قال ابن جني : سمي بذلك ; لأن الصوت يبتدئ بالجريان في حروف الوصل منه ، ألا ترى أنك إذا قلت :


قتيلان لم يعلم لنا الناس مصرعا

فالفتحة في العين هي ابتداء جريان الصوت في الألف ; وكذلك قولك :


يا دار مية بالعلياء فالسند

تجد كسرة الدال هي ابتداء جريان الصوت في الياء ; وكذا قوله :


هريرة ودعها وإن لام لائم

تجد ضمة الميم منها ابتداء جريان الصوت في الواو ; قال : فأما قول سيبويه هذا باب مجاري أواخر الكلم من العربية وهي تجري على ثمانية مجار ، فلم يقصر المجاري هنا على الحركات فقط كما قصر العروضيون المجرى في القافية على حركة حرف الروي دون سكونه ، لكن غرض صاحب الكتاب في قوله مجاري أواخر الكلم أي : أحوال أواخر الكلم وأحكامها والصور التي تتشكل لها ، فإذا كانت أحوالا وأحكاما فسكون الساكن حال له ، كما أن حركة المتحرك حال له أيضا ، فمن هنا سقط تعقب من تتبعه في هذا الموضع فقال : كيف ذكر الوقف والسكون في المجاري ، وإنما المجاري فيما ظنه الحركات ، وسبب ذلك خفاء غرض صاحب الكتاب عليه ، قال : وكيف يجوز أن يسلط الظن على أقل أتباع سيبويه فيما يلطف عن هذا الجلي الواضح فضلا عن نفسه فيه ؟ أفتراه يريد الحركة ويذكر السكون ؟ هذه غباوة ممن أوردها ، وضعف نظر وطريقة دل على سلوكه إياها ، قال : أولم يسمع هذا المتتبع بهذا القدر قول الكافة أنت تجري عندي مجرى فلان وهذا جار مجرى هذا ؟ فهل يراد بذلك أنت تتحرك عندي بحركته ، أو يراد صورتك عندي صورته ، وحالك في نفسي ومعتقدي حاله ؟ . والجارية : عين كل حيوان . والجارية : النعمة من الله على عباده . وفي الحديث : الأرزاق جارية ، والأعطيات دارة متصلة ; قال شمر : هما واحد يقول هو دائم . يقال : جرى له ذلك الشيء ودر له بمعنى دام له ; وقال ابن حازم يصف امرأة :


غذاها فارض يجري عليها     ومحض حين ينبعث العشار

قال ابن الأعرابي : ومنه قولك : أجريت عليه كذا أي : أدمت له . والجراية : الجاري من الوظائف . وفي الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أي : دارة متصلة كالوقوف المرصدة لأبواب البر . والإجريا والإجرياء : الوجه الذي تأخذ فيه ، وتجري عليه ; قال لبيد يصف الثور :


وولى كنصل السيف يبرق متنه     على كل إجريا يشق الخمائلا

وقالوا : الكرم من إجرياه ومن إجريائه أي : من طبيعته ; عن اللحياني ، وذلك لأنه إذا كان الشيء من طبعه جرى إليه وجرن عليه . والإجريا - بالكسر - : الجري والعادة مما تأخذ فيه ; قال الكميت :


وولى بإجريا ولاف كأنه     على الشرف الأقصى يساط ويكلب

وقال أيضا :


على تلك إجرياي وهي ضريبتي     ولو أجلبوا طرا علي وأحلبوا

وقولهم : فعلت ذلك من جراك ومن جرائك أي : من أجلك لغة في جراك ; ومنه قول أبي النجم :


فاضت دموع العين من جراها

ولا تقل مجراك . والجري : الوكيل : الواحد والجمع والمؤنث في ذلك سواء . ويقال : جري بين الجراية والجراية . وجرى جريا : وكله . قال أبو حاتم : وقد يقال للأنثى جرية - بالهاء - وهي قليلة ; قال الجوهري : والجمع أجرياء . والجري : الرسول ، وقد أجراه في حاجته ; قال ابن بري : شاهده قول الشماخ :


تقطع بيننا الحاجات إلا     حوائج يحتملن مع الجري

وفي حديث أم إسماعيل - عليه السلام - : فأرسلوا جريا أي : رسولا . والجري : الخادم أيضا ; قال الشاعر :


إذا المعشيات منعن الصبو     ح حث جريك بالمحصن

قال : المحصن : المدخر للجدب . والجري : الأجير ; عن كراع . ابن السكيت : إني جريت جريا واستجريت أي : وكلت وكيلا . وفي الحديث : أنت الجفنة الغراء ، فقال قولوا بقولكم ولا يستجرينكم الشيطان أي : لا يستغلبنكم ، كانت العرب تدعو السيد المطعام جفنة لإطعامه فيها ، وجعلوها غراء لما فيها من وضح السنام ، وقوله ولا يستجرينكم من الجري ، وهو الوكيل . تقول : جريت جريا واستجريت جريا أي : اتخذت وكيلا ; يقول : تكلموا بما يحضركم من القول ولا تتنطعوا ولا تسجعوا ولا تتكلفوا كأنكم وكلاء الشيطان ورسله كأنما تنطقون عن لسانه ; قال الأزهري : وهذا قول القتيبي ولم أر القوم سجعوا في كلامهم فنهاهم عنها ، ولكنهم مدحوا فكره لهم الهرف في المدح فنهاهم عنه ، وكان ذلك تأديبا لهم ولغيرهم من الذين يمدحون الناس في وجوههم ، ومعنى لا يستجرينكم أي : لا يستتبعنكم فيتخذكم جريه ووكيله ، وسمي الوكيل جريا ; لأنه يجري مجرى موكله . والجري : الضامن ، وأما الجريء المقدام فهو من باب الهمز . والجارية : الفتية من النساء بينة الجراية والجراء والجرى والجراء والجرائية ; الأخيرة عن ابن الأعرابي . أبو زيد : جارية بينة الجراية والجراء ، وجري بين الجراية ; وأنشد الأعشى :


والبيض قد عنست وطال جراؤها      [ ص: 136 ] ونشأن في قن وفي أذواد

ويروى - بفتح الجيم وكسرها - ; قال ابن بري : صواب إنشاده ، والبيض - بالخفض - عطف على الشرب في قوله قبله :


ولقد أرجل لمتي بعشية     للشرب قبل سنابك المرتاد

أي أتزين للشرب وللبيض . وقولهم : كان ذلك في أيام جرائها - بالفتح - أي : صباها . والجري : ضرب من السمك . والجرية : الحوصلة ، ومن جعلهما ثنائيين فهما فعلي وفعلية ، وكل منهما مذكور في موضعه . الفراء . يقال ألقه في جريتك ، وهي الحوصلة . أبو زيد : هي القرية والجرية والنوطة لحوصلة الطائر ; هكذا رواه ثعلب عن ابن نجدة بغير همز ، وأما ابن هانئ : فإنه الجريئة مهموز لأبي زيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية