صفحة جزء
[ أني ]

أني : أنى الشيء يأني أنيا وإنى وأنى ، وهو أني : حان وأدرك ، وخص بعضهم به النبات . الفراء : يقال ألم يأن وألم يئن لك ، وألم ينل لك وألم ينل لك ، وأجودهن ما نزل به القرآن العزيز ، يعني قوله : ألم يأن للذين آمنوا ، هو من أنى يأني وآن لك يئين . ويقال : أنى لك أن تفعل كذا ونال لك وأنال لك وآن لك ، كل بمعنى واحد ; قال الزجاج : ومعناها كلها حان لك يحين . وفي حديث الهجرة : هل أنى الرحيل أي حان وقته ، وفي رواية : هل آن الرحيل أي قرب . ابن الأنباري : الأنى من بلوغ الشيء منتهاه ، مقصور يكتب بالياء ، وقد أنى يأني ; وقال :


بيوم أنى ولكل حاملة تمام



أي أدرك وبلغ . وإنى الشيء : بلوغه وإدراكه . وقد أنى الشيء يأني إنى ، وقد آن أوانك وأينك وإينك . ويقال من الأين : آن يئين أينا . والإناء ، ممدود : واحد الآنية معروف مثل رداء وأردية ، وجمعه آنية ، وجمع الآنية الأواني ، على فواعل جمع فاعلة ، مثل سقاء وأسقية وأساق . والإناء : الذي يرتفق به ، وهو مشتق من ذلك لأنه قد بلغ أن يعتمل بما يعانى به من طبخ أو خرز أو نجارة ، والجمع آنية وأوان ; الأخيرة جمع الجمع مثل أسقية وأساق ، والألف في آنية مبدلة من الهمزة وليست بمخففة عنها لانقلابها في التكسير واوا ، ولولا ذلك لحكم عليه دون البدل لأن القلب قياسي والبدل موقوف . وأنى الماء : سخن وبلغ في الحرارة . وفي التنزيل العزيز : يطوفون بينها وبين حميم آن ; قيل : هو الذي قد انتهى في الحرارة . ويقال : أنى الحميم أي انتهى حره ; ومنه قوله - عز وجل - : حميم آن ، وفي التنزيل العزيز : تسقى من عين آنية ، أي متناهية في شدة الحر ، وكذلك سائر الجواهر . وبلغ الشيء إناه وأناه أي غايته . وفي التنزيل : غير ناظرين إناه ، أي غير منتظرين نضجه وإدراكه وبلوغه . تقول : أنى يأني إذا نضج . وفي حديث الحجاب : غير ناظرين إناه ; الإنى ، بكسر الهمزة والقصر : النضج . والأناة والأنى : الحلم والوقار . وأني وتأنى واستأنى : تثبت . ورجل آن على فاعل أي كثير الأناة والحلم . وأنى أنيا فهو أني : تأخر وأبطأ . وآنى : كأنى . وفي الحديث في صلاة الجمعة : قال لرجل جاء يوم الجمعة يتخطى رقاب الناس : رأيتك آنيت وآذيت ; قال الأصمعي : آنيت أي أخرت المجيء وأبطأت ، وآذيت أي آذيت الناس بتخطيك ; ومنه قيل للمتمكث في الأمور متأن . ابن الأعرابي : تأنى إذا رفق . وآنيت وأنيت بمعنى واحد ، وفي حديث غزوة حنين : اختاروا إحدى الطائفتين إما المال وإما السبي ، وقد كنت استأنيت بكم أي انتظرت وتربصت ; يقال : آنيت وأنيت وتأنيت واستأنيت . الليث : يقال استأنيت بفلان أي لم أعجله . ويقال : استأن في أمرك أي لا تعجل ; وأنشد :

استأن تظفر في أمورك كلها وإذا عزمت على الهوى فتوكل

والأناة : التؤدة . ويقال : لا تؤن فرصتك أي لا تؤخرها إذا أمكنتك . وكل شيء أخرته فقد آنيته . الجوهري : آناه يؤنيه إيناء أي أخره وحبسه وأبطأه ; قال الكميت :

ومرضوفة لم تؤن في الطبخ طاهيا عجلت إلى محورها حين غرغرا

وتأنى في الأمر أي ترفق وتنظر . واستأنى به أي انتظر به ; يقال : استؤني به حولا . ويقال : تأنيتك حتى لا أناة بي ، والاسم الأناة مثل قناة ; قال ابن بري شاهده :


الرفق يمن والأناة سعادة



وآنيت الشيء : أخرته . والاسم منه الأناء على فعال ، بالفتح ; قال الحطيئة :

[ ص: 184 ] وآنيت العشاء إلى سهيل

أو الشعرى ، فطال بي الأناء



التهذيب : قال أبو بكر في قولهم تأنيت الرجل أي انتظرته وتأخرت في أمره ولم أعجل . ويقال : إن خير فلان لبطيء أني ; قال ابن مقبل :


ثم احتملن أنيا بعد تضحية     مثل المخاريف من جيلان أو هجر



الليث : أنى الشيء يأني أنيا إذا تأخر عن وقته ; ومنه قوله :


والزاد لا آن ولا قفار



أي لا بطيء ولا جشب غير مأدوم ; ومن هذا يقال : تأنى فلان يتأنى ، وهو متأن إذا تمكث وتثبت وانتظر . والأنى : من الأناة والتؤدة ; قال العجاج فجعله الأناء :


طال الأناء وزايل الحق الأشر



، وهي الأناة . قال ابن السكيت : الإنى من الساعات ومن بلوغ الشيء منتهاه ، مقصور يكتب بالياء ويفتح فيمد . وأنشد بيت الحطيئة :


وآنيت العشاء إلى سهيل



ورواه أبو سعيد : وأنيت ، بتشديد النون . ويقال : أنيت الطعام في النار إذا أطلت مكثه ، وأنيت في الشيء إذا قصرت فيه . قال ابن بري : أني عن القوم وأنى الطعام عنا إنى شديدا والصلاة أنيا ، كل ذلك : أبطأ . وأنى يأني ويأنى أنيا فهو أني إذا رفق . والأني والإني : الوهن أو الساعة من الليل ، وقيل : الساعة منه أي ساعة كانت . وحكى الفارسي عن ثعلب : إنو ، في هذا المعنى ، قال : وهو من باب أشاوي ، وقيل : الإنى النهار كله ، والجمع آناء وأني ; قال :


يا ليت لي مثل شريبي من نمي     وهو شريب الصدق ضحاك الأني



يقول : في أي ساعة جئته وجدته يضحك . والإني : واحد آناء الليل ، وهي ساعاته . وفي التنزيل العزيز : ومن آناء الليل ; قال أهل اللغة منهم الزجاج : آناء الليل ساعاته ، واحدها إني وإنى ، فمن قال إني فهو مثل نحي وأنحاء ، ومن قال إنى فهو مثل معى وأمعاء ، قال الهذلي المتنخل :


السالك الثغر مخشيا موارده     بكل إني قضاه الليل ينتعل



قال الأزهري : كذا رواه ابن الأنباري ; وأنشده الجوهري :


حلو ومر كعطف القدح مرته     في كل إني قضاه الليل ينتعل



ونسبه أيضا للمتنخل ، فإما أن يكون هو البيت بعينه أو آخر من قصيدة أخرى . وقال ابن الأنباري : واحد آناء على ثلاثة أوجه : إني بسكون النون ، وإنى بكسر الألف ، وأنى بفتح الألف ; وقوله :


فوردت قبل إنى ضحائها

; يروى : إنى وأنى ، وقاله الأصمعي . وقال الأخفش : واحد الآناء إنو ; يقال : مضى إنيان من الليل وإنوان ; وأنشد ابن الأعرابي في الإنى :


أتمت حملها في نصف شهر     وحمل الحاملات إنى طويل



ومضى إنو من الليل أي وقت ، لغة في إني . قال أبو علي : وهذا كقولهم : جبوت الخراج جباوة ، أبدلت الواو من الياء . وحكى الفارسي : أتيته آينة بعد آينة ، أي تارة بعد تارة ; كذا حكاه ، قال ابن سيده : وأراه بنى من الإنى فاعلة وروى :


وآينة يخرجن من غامر ضحل



والمعروف آونة . وقال عروة في وصية لبنيه : يا بني إذا رأيتم خلة رائعة من رجل فلا تقطعوا إناتكم . وإن كان الناس رجل سوء ; أي رجاءكم ; وقول السلمية أنشده يعقوب :


عن الأمر الذي يؤنيك عنه     وعن أهل النصيحة والوداد



قال : أرادت ينئيك من النأي ، وهو البعد ، فقدمت الهمزة قبل النون . الأصمعي : الأناة من النساء التي فيها فتور عن القيام وتأن ; قال أبو حية النميري :


رمته أناة من ربيعة عامر     نئوم الضحى في مأتم أي مأتم



والوهنانة نحوها . الليث : يقال للمرأة المباركة الحليمة المواتية أناة ، والجمع أنوات . قال : وقال أهل الكوفة إنما هي الوناة من الضعف ، فهمزوا الواو ، وقال أبو الدقيش : هي المباركة ، وقيل : امرأة أناة أي رزينة لا تصخب ولا تفحش ; قال الشاعر :


أناة كأن المسك تحت ثيابها     وريح خزامى الطل في دمث الرمل



قال سيبويه : أصله وناة ، مثل أحد ووحد ، من الونى . وفي الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلا أن يزوج ابنته من جليبيب ، فقال حتى أشاور أمها ; فلما ذكره لها قالت : حلقى ، ألجليبيب ؟ إنيه ، لا لعمر الله ! ذكره ابن الأثير في هذه الترجمة ، وقال : قد اختلف في ضبط هذه اللفظة اختلافا كثيرا فرويت بكسر الهمزة والنون وسكون الياء وبعدها هاء ، ومعناها أنها لفظة تستعملها العرب في الإنكار ، يقول القائل : جاء زيد ، فتقول أنت : أزيدنيه وأزيد إنيه ، كأنك استبعدت مجيئه . وحكى سيبويه : أنه قيل لأعرابي سكن البلد : أتخرج إذا أخصبت البادية ؟ فقال : أنا إنيه ؟ يعني أتقولون لي هذا القول وأنا معروف بهذا الفعل ؟ كأنه أنكر استفهامهم إياه ، ورويت أيضا بكسر الهمزة وبعدها ياء ساكنة ، ثم نون مفتوحة ، وتقديرها ألجليبيب ابنتي ؟ فأسقطت الياء ووقفت عليها بالهاء ; قال أبو موسى - وهو في مسند أحمد بن حنبل بخط أبي الحسن بن الفرات - وخطه حجة : وهو هكذا معجم مقيد في مواضع ، قال : ويجوز أن لا يكون قد حذف الياء ، وإنما هي ابنة نكرة أي أتزوج جليبيبا ببنت ، يعني أنه لا يصلح أن يزوج ببنت ، إنما يزوج مثله بأمة استنقاصا له ; قال : وقد رويت مثل هذه الرواية الثانية بزيادة ألف ولام للتعريف أي ألجليبيب الابنة ، ورويت ألجليبيب الأمة ؟ تريد الجارية كناية عن بنتها ، ورواه بعضهم أمية أو آمنة على أنه اسم البنت .

[ ص: 185 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية