صفحة جزء
[ رقب ]

رقب : في أسماء الله تعالى : الرقيب : وهو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء ، فعيل بمعنى فاعل . وفي الحديث : ارقبوا محمدا في أهل بيته أي : احفظوه فيهم . وفي الحديث : ما من نبي إلا أعطي سبعة نجباء رقباء أي : حفظة يكونون معه . والرقيب : الحفيظ . ورقبه يرقبه رقبة ورقبانا بالكسر فيهما ورقوبا ، وترقبه وارتقبه : انتظره ورصده . والترقب : الانتظار وكذلك الارتقاب . وقوله تعالى : ولم ترقب قولي معناه لم تنتظر قولي . والترقب : تنظر وتوقع شيء . ورقيب الجيش : طليعتهم . ورقيب الرجل : خلفه من ولده أو عشيرته . والرقيب : المنتظر . وارتقب أشرف وعلا . والمرقب والمرقبة : الموضع المشرف ، يرتفع عليه الرقيب ، وما أوفيت عليه من علم أو رابية لتنظر من بعد . وارتقب المكان : علا وأشرف ، قال :


بالجد حيث ارتقبت معزاؤه



أي : أشرفت ، الجد هنا : الجدد من الأرض . شمر : المرقبة هي المنظرة في رأس جبل أو حصن ، وجمعه مراقب . وقال أبو عمرو : المراقب : ما ارتفع من الأرض وأنشد :


ومرقبة كالزج أشرفت رأسها     أقلب طرفي في فضاء عريض



ورقب الشيء يرقبه ، وراقبه مراقبة ورقابا ، حرسه حكاه ابن الأعرابي ، وأنشد :


يراقب النجم رقاب الحوت



يصف رفيقا له ، يقول : يرتقب النجم حرصا على الرحيل كحرص الحوت على الماء ينظر النجم حرصا على طلوعه ، حتى يطلع فيرتحل . والرقبة التحفظ والفرق . ورقيب القوم : حارسهم ، وهو الذي يشرف على مرقبة ليحرسهم . والرقيب : الحارس الحافظ . والرقابة : الرجل الوغد الذي يرقب للقوم رحلهم إذا غابوا . والرقيب : الموكل بالضريب . ورقيب القداح : الأمين على الضريب ؛ وقيل : هو أمين أصحاب الميسر ، قال كعب بن زهير :


لها خلف أذنابها أزمل     مكان الرقيب من الياسرينا



وقيل : هو الرجل الذي يقوم خلف الحرضة في الميسر ، ومعناه كله سواء ، والجمع رقباء . التهذيب ، ويقال : الرقيب اسم السهم الثالث من قداح الميسر ، وأنشد :


كمقاعد الرقباء للض     رباء أيديهم نواهد



قال اللحياني : وفيه ثلاثة فروض ، وله غنم ثلاثة أنصباء إن فاز ، وعليه غرم ثلاثة أنصباء إن لم يفز . وفي حديث حفر زمزم : فغار سهم الله ذي الرقيب ، الرقيب : الثالث من سهام الميسر . والرقيب : النجم الذي في المشرق ، يراقب الغارب . ومنازل القمر ، كل واحد منها رقيب لصاحبه ، كلما طلع منها واحد سقط آخر مثل الثريا رقيبها الإكليل إذا طلعت الثريا عشاء غاب الإكليل وإذا طلع الإكليل عشاء غابت الثريا . ورقيب النجم : الذي يغيب بطلوعه ، مثل الثريا رقيبها الإكليل وأنشد الفراء :


أحقا عباد الله أن لست لاقيا     بثينة أو يلقى الثريا رقيبها



وقال المنذري : سمعت أبا الهيثم يقول : الإكليل رأس العقرب . ويقال : إن رقيب الثريا من الأنواء الإكليل ; لأنه يطلع أبدا حتى تغيب ؛ كما أن الغفر رقيب الشرطين ، لا يطلع الغفر حتى يغيب الشرطان ، وكما أن الزبانيين رقيب البطين ، لا يطلع أحدهما إلا بسقوط صاحبه وغييوبته ، فلا يلقى أحدهما صاحبه ، وكذلك الشولة رقيب الهقعة ، والنعائم رقيب الهنعة ، والبلدة رقيب الذراع . وإنما قيل للعيوق : رقيب الثريا ، تشبيها برقيب الميسر ، ولذلك قال أبو ذؤيب :


فوردن والعيوق مقعد رابئ الض     رباء خلف النجم لا يتتلع



النجم هاهنا : الثريا ، اسم علم غالب . والرقيب : نجم من نجوم [ ص: 200 ] المطر ، يراقب نجما آخر . وراقب الله تعالى في أمره أي : خافه . وابن الرقيب : فرس الزبرقان بن بدر ، كأنه كان يراقب الخيل أن تسبقه . والرقبى : أن يعطي الإنسان لإنسان دارا أو أرضا فأيهما مات ، رجع ذلك المال إلى ورثته ، وهي من المراقبة سميت بذلك ; لأن كل واحد منهما يراقب موت صاحبه . وقيل : الرقبى : أن تجعل المنزل لفلان يسكنه ، فإن مات ، سكنه فلان ، فكل واحد منهما يرقب موت صاحبه . وقد أرقبه الرقبى ، وقال اللحياني : أرقبه الدار : جعلها له رقبى ، ولعقبه بعده بمنزلة الوقف . وفي الصحاح : أرقبته دارا أو أرضا إذا أعطيته إياها فكانت للباقي منكما ، وقلت : إن مت قبلك ، فهي لك ، وإن مت قبلي ، فهي لي ، والاسم الرقبى . وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم في العمرى والرقبى : أنها لمن أعمرها ، ولمن أرقبها ولورثتهما من بعدهما . قال أبو عبيد : حدثني ابن علية ، عن حجاج أنه سأل أبا الزبير عن الرقبى فقال : هو أن يقول الرجل للرجل وقد وهب له دارا : إن مت قبلي رجعت إلي وإن مت قبلك فهي لك . قال أبو عبيد : وأصل الرقبى من المراقبة ، كأن كل واحد منهما إنما يرقب موت صاحبه ؛ ألا ترى أنه يقول : إن مت قبلي رجعت إلي وإن مت قبلك فهي لك ؟ فهذا ينبئك عن المراقبة . قال : والذي كانوا يريدون من هذا أن يكون الرجل يريد أن يتفضل على صاحبه بالشيء ، فيستمتع به ما دام حيا فإذا مات الموهوب له لم يصل إلى ورثته منه شيء ، فجاءت سنة النبي صلى الله عليه وسلم بنقض ذلك أنه من ملك شيئا حياته ، فهو لورثته من بعده . قال ابن الأثير : وهي فعلى من المراقبة . والفقهاء فيها مختلفون : منهم من يجعلها تمليكا ، ومنهم من يجعلها كالعارية ، قال : وجاء في هذا الباب آثار كثيرة ، وهي أصل لكل من وهب هبة ، واشترط فيها شرطا ، وأن الهبة جائزة ، وأن الشرط باطل . ويقال : أرقبت فلانا دارا ، وأعمرته دارا إذا أعطيته إياها بهذا الشرط ، فهو مرقب ، وأنا مرقب . ويقال : ورث فلان مالا عن رقبة أي : عن كلالة ، لم يرثه عن آبائه وورث مجدا عن رقبة إذا لم يكن آباؤه أمجادا ، قال الكميت :


كان السدى والندى مجدا مكرمة     تلك المكارم لم يورثن عن رقب



أي : ورثها عن دنى فدنى من آبائه ولم يرثها من وراء وراء . والمراقبة في عروض المضارع ، والمقتضب أن يكون الجزء مرة مفاعيل ومرة مفاعلن سمي بذلك ; لأن آخر السبب الذي في آخر الجزء وهو النون من مفاعيلن لا يثبت مع آخر السبب الذي قبله ، وهو الياء في مفاعيلن وليست بمعاقبة ; لأن المراقبة لا يثبت فيها الجزآن المتراقبان ، وإنما هو من المراقبة المتقدمة الذكر ، والمعاقبة يجتمع فيها المتعاقبان . التهذيب ، الليث : المراقبة في آخر الشعر عند التجزئة بين حرفين ، وهو أن يسقط أحدهما ، ويثبت الآخر ولا يسقطان معا ، ولا يثبتان جميعا ، وهو في مفاعيلن التي للمضارع لا يجوز أن يتم ، إنما هو مفاعيل أو مفاعلن . والرقيب : ضرب من الحيات ، كأنه يرقب من يعض ، وفي التهذيب : ضرب من الحيات خبيث ، والجمع رقب ورقيبات . والرقيب والرقوب من النساء : التي تراقب بعلها ليموت فترثه . والرقوب من الإبل : التي لا تدنو إلى الحوض من الزحام ، وذلك لكرمها ، سميت بذلك ; لأنها ترقب الإبل فإذا فرغن من شربهن ، شربت هي . والرقوب من الإبل والنساء : التي لا يبقى لها ولد ، قال عبيد :


كأنها شيخة رقوب



وقيل : هي التي مات ولدها ، وكذلك الرجل ، قال الشاعر :


فلم ير خلق قبلنا مثل أمنا     ولا كأبينا عاش وهو رقوب



وفي الحديث : أنه قال : ما تعدون الرقوب فيكم ؟ قالوا : الذي لا يبقى له ولد قال : بل الرقوب الذي لم يقدم من ولده شيئا . قال أبو عبيد : وكذلك معناه في كلامهم ، إنما هو على فقد الأولاد ، قال صخر الغي :


فما إن وجد مقلات رقوب     بواحدها إذا يغزو تضيف



قال أبو عبيد : فكان مذهبه عندهم على مصائب الدنيا ، فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم على فقدهم في الآخرة ؛ وليس هذا بخلاف ذلك في المعنى ، ولكنه تحويل الموضع إلى غيره ، نحو حديثه الآخر : إن المحروب من حرب دينه ، وليس هذا أن يكون من سلب ماله ، ليس بمحروب . قال ابن الأثير : الرقوب في اللغة : الرجل والمرأة إذا لم يعش لهما ولد ; لأنه يرقب موته ويرصده خوفا عليه ، فنقله النبي صلى الله عليه وسلم إلى الذي لم يقدم من الولد شيئا أي : يموت قبله تعريفا ; لأن الأجر والثواب لمن قدم شيئا من الولد ، وأن الاعتداد به أعظم ، والنفع به أكثر ، وأن فقدهم وإن كان في الدنيا عظيما ، فإن فقد الأجر والثواب على الصبر والتسليم للقضاء في الآخرة أعظم ، وأن المسلم ولده في الحقيقة من قدمه واحتسبه ، ومن لم يرزق ذلك ، فهوكالذي لا ولد له ولم يقله صلى الله عليه وسلم إبطالا لتفسيره اللغوي ، إنما هو كقوله : إنما المحروب من حرب دينه ، ليس على أن من أخذ ماله غير محروب . والرقبة : العنق : وقيل : أعلاها وقيل : مؤخر أصل العنق ، والجمع رقب ورقبات ، ورقاب وأرقب ، الأخيرة على طرح الزائد ؛ حكاه ابن الأعرابي ، وأنشد :


ترد بنا في سمل لم ينضب     منها عرضنات عظام الأرقب



وجعله أبو ذؤيب للنحل ، فقال :


تظل على الثمراء منها جوارس     مراضيع صهب الريش زغب رقابها



والرقب : غلظ الرقبة ، رقب رقبا . وهو أرقب : بين الرقب أي : غليظ الرقبة ، ورقباني أيضا على غير قياس . والأرقب والرقباني : الغليظ الرقبة قال سيبويه : هو من نادر معدول النسب ، والعرب تلقب العجم برقاب المزاود ; لأنهم حمر . ويقال للأمة الرقبانية : رقباء لا تنعت به الحرة . وقال ابن دريد : يقال رجل رقبان ورقباني أيضا ، ولا يقال للمرأة رقبانية . والمرقب : الجلد الذي سلخ من قبل رأسه [ ص: 201 ] ورقبته ; قال سيبويه : وإن سميت برقبة ، لم تضف إليه إلا على القياس . ورقبه : طرح الحبل في رقبته . والرقبة : المملوك . وأعتق رقبة أي : نسمة . وفك رقبة : أطلق أسيرا ، سميت الجملة باسم العضو لشرفها . التهذيب : وقوله تعالى في آية الصدقات : والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب قال أهل التفسير في الرقاب إنهم المكاتبون ، ولا يبتدأ منه مملوك فيعتق . وفي حديث قسم الصدقات : وفي الرقاب ، يريد المكاتبين من العبيد ، يعطون نصيبا من الزكاة ، يفكون به رقابهم ، ويدفعونه إلى مواليهم . الليث يقال : أعتق الله رقبته ، ولا يقال : أعتق الله عنقه . وفي الحديث : كأنما أعتق رقبة . قال ابن الأثير : وقد تكررت الأحاديث في ذكر الرقبة ، وعتقها وتحريرها وفكها ، وهي في الأصل العنق ، فجعلت كناية عن جميع ذات الإنسان ، تسمية للشيء ببعضه ، فإذا قال : أعتق رقبة ، فكأنه قال : أعتق عبدا أو أمة ، ومنه قولهم : دينه في رقبته . وفي حديث ابن سيرين : لنا رقاب الأرض ، أي : نفس الأرض ، يعني ما كان من أرض الخراج فهو للمسلمين ، ليس لأصحابه الذين كانوا فيه قبل الإسلام شيء ، لأنها فتحت عنوة . وفي حديث بلال : والركائب المناخة ، لك رقابهن وما عليهن أي : ذواتهن وأحمالهن ؛ وفي حديث الخيل : ثم لم ينس حق الله في رقابها وظهورها ، أراد بحق رقابها الإحسان إليها ، وبحق ظهورها الحمل عليها . وذو الرقيبة : أحد شعراء العرب ، وهو لقبمالك القشيري ، لأنه كان أوقص ، وهو الذي أسر حاجب بن زرارة يوم جبلة . والأشعر الرقباني : لقب رجل من فرسان العرب . وفي حديث عيينة بن حصن ذكر ذي الرقيبة وهو بفتح الراء وكسر القاف جبل بخيبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية