صفحة جزء
[ بدا ]

بدا : بدا الشيء يبدو بدوا وبدوا وبداء وبدا ; الأخيرة عن سيبويه : ظهر . وأبديته أنا : أظهرته . وبداوة الأمر : أول : ما يبدو منه ; هذه عن اللحياني ، وقد ذكر عامة ذلك في الهمزة . وبادي الرأي : ظاهره ; عن ثعلب ، وقد ذكر في الهمز . وأنت بادي الرأي تفعل كذا ، حكاه اللحياني بغير همز ، ومعناه أنت فيما بدا من الرأي وظهر . وقوله عز وجل : وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ; أي في ظاهر الرأي ، قرأ أبو عمرو وحده بادئ الرأي ، بالهمز وسائر القراء قرءوا : بادي ، بغير همز ، وقال الفراء : لا يهمز بادي الرأي ; لأن المعنى فيما يظهر لنا ويبدو ، ولو أراد ابتداء الرأي فهمز كان صوابا ; وأنشد :


أضحى لخالي شبهي بادي بدي وصار للفحل لساني ويدي



أراد به : ظاهري في الشبه لخالي . قال الزجاج : نصب بادي الرأي على اتبعوك في ظاهر الرأي وباطنهم على خلاف ذلك ، ويجوز أن يكون اتبعوك في ظاهر الرأي ولم يتدبروا ما قلت ولم يفكروا فيه ; وتفسير قوله :


أضحى لخالي شبهي بادي بدي



معناه : خرجت عن شرخ الشباب إلى حد الكهولة التي معها الرأي والحجا ، فصرت كالفحولة التي بها يقع الاختيار ولها بالفضل تكثر الأوصاف ; قال الجوهري : من همزه جعله من بدأت معناه أول الرأي . وبادى فلان بالعداوة أي جاهر بها ، وتبادوا بالعداوة أي جاهروا بها . وبدا له في الأمر بدوا وبدا وبداء ; قال الشماخ :


لعلك والموعود حق لقاؤه     بدا لك في تلك القلوص بداء



وقال سيبويه في قوله عز وجل : ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه ; أراد بدا لهم بداء وقالوا ليسجننه ، ذهب إلى أن موضع ليسجننه لا يكون فاعل بدا ; لأنه جملة والفاعل لا يكون جملة . قال أبو منصور : ومن هذا أخذ ما يكتبه الكاتب في أعقاب الكتب . وبداءات عوارضك ، على فعالات ، واحدتها بداءة بوزن فعالة : تأنيث بداء أي ما يبدو من عوارضك ; قال : وهذا مثل السماءة ; لما سما وعلاك من سقف أو غيره ، وبعضهم يقول سماوة ، قال : ولو قيل بدوات في بدآت الحوائج كان جائزا . وقال أبو بكر في قولهم أبو البدوات ، قال : معناه أبو الآراء التي تظهر له ، قال : وواحدة البدوات بداة : يقال : بداة وبدوات كما يقال قطاة وقطوات ، قال : وكانت العرب تمدح بهذه اللفظة فيقولون للرجل الحازم ذو بدوات أي ذو آراء تظهر له فيختار بعضا ويسقط بعضا ; أنشد الفراء :


من أمر ذي بدوات ما يزال له     بزلاء ، يعيا بها الجثامة اللبد



قال : وبدا لي بداء أي تغير رأيي على ما كان عليه . ويقال : بدا لي من أمرك بداء أي ظهر لي . وفي حديث سلمة بن الأكوع : خرجت أنا ورباح مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعي فرس أبي طلحة أبديه مع الإبل - أي أبرزه معها إلى موضع الكلإ . وكل شيء أظهرته فقد أبديته وبديته ; ومنه الحديث : أنه أمر أن يبادي الناس بأمره أي يظهره لهم ; ومنه الحديث : " من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله " ; أي من يظهر لنا فعله الذي كان يخفيه أقمنا عليه الحد . وفي حديث الأقرع والأبرص والأعمى : " بدا الله - عز وجل - أن يبتليهم " ; أي قضى بذلك ; قال ابن [ ص: 42 ] الأثير : وهو معنى البداء هاهنا ; لأن القضاء سابق ، والبداء استصواب شيء علم بعد أن لم يعلم ، وذلك على الله غير جائز . وقال الفراء : بدا لي بداء أي ظهر لي رأي آخر وأنشد :


لو على العهد لم يخنه لدمنا     ثم لم يبد لي سواه بداء



قال الجوهري : وبدا له في الأمر بداء ، ممدودة ، أي نشأ له فيه رأي ، وهو ذو بدوات ، قال ابن بري : صوابه بداء ، بالرفع ; لأنه الفاعل وتفسيره بنشأ له فيه رأي يدلك على ذلك ; وقول الشاعر :


لعلك ، والموعود حق لقاؤه     بدا لك في تلك القلوص بداء



وبداني بكذا يبدوني : كبدأني . وافعل ذلك بادي بد وبادي بدي ، غير مهموز ; قال :


وقد علتني ذرأة بادي بدي



وقد ذكر في الهمزة وحكى سيبويه : بادي بدا ، وقال : لا ينون ولا يمنع القياس تنوينه .

وقال الفراء : يقال افعل هذا بادي بدي كقولك : أول شيء ، وكذلك بدأة ذي بدي ، قال : ومن كلام العرب بادي بدي بهذا المعنى إلا أنه لم يهمز ، الجوهري : افعل ذلك بادي بد وبادي بدي أي أولا ، قال : وأصله الهمز وإنما ترك لكثرة الاستعمال ; وربما جعلوه اسما للداهية كما قال أبو نخيلة :


وقد علتني ذرأة بادي بدي     وريثة تنهض بالتشدد
وصار للفحل لساني ويدي



قال : وهما اسمان جعلا اسما واحدا مثل معدي كرب وقالي قلا . وفي حديث سعد بن أبي وقاص : قال يوم الشورى : الحمد لله بديا ; البدي ، بالتشديد : الأول ; ومنه قولهم : افعل هذا بادي بدي أي أول كل شيء . وبدئت بالشيء وبديت : ابتدأت ، وهي لغة الأنصار ; قال ابن رواحة :


باسم الإله وبه بدينا     ولو عبدنا غيره شقينا
وحبذا ربا وحب دينا



قال ابن بري : قال ابن خالويه : ليس أحد يقول بديت بمعنى بدأت إلا الأنصار ، والناس كلهم بديت وبدأت ; لما خففت الهمزة كسرت الدال فانقلبت الهمزة ياء ، قال : وليس هو من بنات الياء . ويقال : أبديت في منطقك أي جرت مثل أعديت ; ومنه قولهم في الحديث : السلطان ذو عدوان وذو بدوان ، بالتحريك فيهما ، أي لا يزال يبدو له رأي جديد ، وأهل المدينة يقولون : بدينا بمعنى بدأنا . والبدو والبادية والبداة والبداوة والبداوة : خلاف الحضر ، والنسب إليه بدوي ، نادر ، وبداوي وبداوي ، وهو على القياس لأنه حينئذ منسوب إلى البداوة والبداوة ; قال ابن سيده : وإنما ذكرته . . . . لا يعرفون غير بدوي ، فإن قلت : إن البداوي قد يكون منسوبا إلى البدو والبادية فيكون نادرا ، قيل : إذا أمكن في الشيء المنسوب أن يكون قياسا وشاذا كان حمله على القياس أولى ; لأن القياس أشيع وأوسع . وبدا القوم بدوا أي خرجوا إلى باديتهم مثل قتل قتلا . ابن سيده : وبدا القوم بداء خرجوا إلى البادية ، وقيل للبادية : بادية ; لبروزها وظهورها ; وقيل للبرية : بادية ; لأنها ظاهرة بارزة ، وقد بدوت أنا وأبديت غيري . وكل شيء أظهرته فقد أبديته . ويقال : بدا لي شيء أي ظهر . وقال الليث : البادية اسم للأرض التي لا حضر فيها ، وإذا خرج الناس من الحضر إلى المراعي في الصحاري قيل : قد بدوا ، والاسم البدو . قال أبو منصور : البادية خلاف الحاضرة ، والحاضرة القوم الذين يحضرون المياه وينزلون عليها في حمراء القيظ ، فإذا برد الزمان ظعنوا عن أعداد المياه وبدوا طلبا للقرب من الكلأ ، فالقوم حينئذ بادية بعدما كانوا حاضرة ، وهي مباديهم جمع مبدى ، وهي المناجع ضد المحاضر ، ويقال لهذه المواضع التي يبتدي إليها البادون : بادية أيضا ، وهي البوادي ، والقوم أيضا بواد جمع بادية . وفي الحديث : " من بدا جفا " ; أي من نزل البادية صار فيه جفاء الأعراب . وتبدى الرجل : أقام بالبادية . وتبادى : تشبه بأهل البادية . وفي الحديث : " لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية " قال ابن الأثير : إنما كره شهادة البدوي ; لما فيه من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشرع ; ولأنهم في الغالب لا يضبطون الشهادة على وجهها ، قال : وإليه ذهب مالك والناس على خلافه . وفي الحديث : كان إذا اهتم لشيء بدا أي خرج إلى البدو ; قال ابن الأثير : يشبه أن يكون يفعل ذلك ليبعد عن الناس ويخلو بنفسه ; ومنه الحديث : أنه كان يبدو إلى هذه التلاع . والمبدى : خلاف المحضر . وفي الحديث : أنه أراد البداوة مرة أي الخروج إلى البادية ، وتفتح باؤها وتكسر . وقوله في الدعاء : فإن جار البادي يتحول ; قال : هو الذي يكون في البادية ومسكنه المضارب والخيام ، وهو غير مقيم في موضعه بخلاف جار المقام في المدن ، ويروى النادي بالنون . وفي الحديث : لا يبع حاضر لباد ، وهو مذكور مستوفى في حضر . وقوله في التنزيل العزيز : وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب ; أي إذا جاءت الجنود والأحزاب ودوا أنهم في البادية ; وقال ابن الأعرابي : إنما يكون ذلك في ربيعهم ، وإلا فهم حضار على مياههم . وقوم بداء : بادون ; قال :


بحضري شاقه بداؤه     لم تلهه السوق ولا كلاؤه



قال ابن سيده : فأما قول ابن أحمر :


جزى الله قومي بالأبلة نصرة     وبدوا لهم حول الفراض وحضرا



فقد يكون اسما لجمع باد كراكب وركب ، قال : وقد يجوز أن يعني به البداوة التي هي خلاف الحضارة كأنه قال وأهل بدو . قال الأصمعي : هي البداوة والحضارة بكسر الباء وفتح الحاء وأنشد :


فمن تكن الحضارة أعجبته     فأي رجال بادية ترانا ؟



وقال أبو زيد : هي البداوة والحضارة ، بفتح الباء وكسر الحاء .

[ ص: 43 ] والبداوة : الإقامة في البادية ، تفتح وتكسر ، وهي خلاف الحضارة . قال ثعلب : لا أعرف البداوة ، بالفتح ، إلا عن أبي زيد وحده ، والنسبة إليها بداوي . أبو حنيفة : بدوتا الوادي جانباه . والبئر البدي : التي حفرها فحفرت حديثة وليست بعادية ، وترك فيها الهمز في أكثر كلامهم . والبدا ، مقصور : ما يخرج من دبر الرجل ; وبدا الرجل : أنجى فظهر ذلك منه . ويقال للرجل إذا تغوط وأحدث : قد أبدى ، فهو مبد ; لأنه إذا أحدث برز من البيوت وهو متبرز أيضا . والبدا : مفصل الإنسان ، وجمعه أبداء ، وقد ذكر في الهمز . أبو عمرو : الأبداء المفاصل ، واحدها بدا ، مقصور ، وهو أيضا بدء ، مهموز ، تقديره بدع ، وجمعه بدوء على وزن بدوع . والبدا : السيد ، وقد ذكر في الهمز . والبدي ووادي البدي : موضعان . غيره : والبدي اسم واد ; قال لبيد :


جعلن جراج القرنتين وعالجا     يمينا ، ونكبن البدي شمائلا



وبدوة : ماء لبني العجلان . قال : وبدا اسم موضع . يقال : بين شغب وبدا ، مقصور يكتب بالألف ; قال كثير :


وأنت التي حببت شغبا إلى بدا     إلي ، وأوطاني بلاد سواهما



ويروى : بدا غير منون . وفي الحديث ذكر بدا بفتح الباء وتخفيف الدال : موضع بالشام قرب وادي القرى ، كان به منزل علي بن عبد الله بن العباس وأولاده - رضي الله عنه . والبدي : العجب ; وأنشد :


عجبت جارتي لشيب علاني     عمرك الله ! هل رأيت بديا ؟



التالي السابق


الخدمات العلمية