صفحة جزء
[ سكر ]

سكر : السكران : خلاف الصاحي . والسكر : نقيض الصحو . والسكر ثلاثة : سكر الشباب وسكر المال وسكر السلطان ; وسكر يسكر سكرا وسكرا وسكرا وسكرانا فهو سكر ، عن سيبويه . وسكران ، والأنثى سكرة وسكرى وسكرانة ; الأخيرة عن أبي علي في التذكرة . قال : ومن قال هذا واجب عليه أن يصرف سكران في النكرة . الجوهري : لغة بني أسد سكرانة والاسم السكر ، بالضم ، وأسكره الشراب والجمع سكارى وسكارى وسكرى ; وقوله تعالى : وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ; وقرئ سكرى وما هم بسكرى ، التفسير أنك تراهم سكارى من العذاب والخوف وما هم بسكارى من الشراب ، يدل عليه قوله تعالى : ولكن عذاب الله شديد ; ولم يقرأ أحد من القراء سكارى ، بفتح السين ، وهي لغة ولا تجوز القراءة بها لأن القراءة سنة . قال أبو الهيثم : النعت الذي على فعلان يجمع على فعالى وفعالى مثل أشران وأشارى وأشارى ، وغيران وقوم غيارى وغيارى ، وإنما قالوا سكرى وفعلى أكثر ما تجيء جمعا لفعيل بمعنى مفعول مثل قتيل وقتلى وجريح وجرحى وصريع وصرعى ، لأنه شبه بالنوكى والحمقى والهلكى لزوال عقل السكران ، وأما النشوان فلا يقال في جمعه غير النشاوى ، وقال الفراء : لو قيل : سكرى على أن الجمع يقع عليه التأنيث فيكون كالواحدة كان وجها ; وأنشد بعضهم :


أضحت عامر غضبى أنوفهم إني عفوت فلا عار ولا باس

وقوله تعالى : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ; قال ثعلب : إنما قيل هذا : قبل أن ينزل تحريم الخمر ، وقال غيره : إنما عنى هنا سكر النوم يقول : لا تقربوا الصلاة روبى . ورجل سكير دائم السكر . ومسكير وسكر وسكور : كثير السكر ; الأخيرة عن ابن الأعرابي ; وأنشد لعمرو بن قميئة :


يا رب من أسفاه أحلامه     أن قيل يوما إن عمرا سكور

وجمع السكر سكارى كجمع سكران لاعتقاب فعل وفعلان كثيرا [ ص: 216 ] على الكلمة الواحدة . ورجل سكير لا يزال سكران ، وقد أسكره الشراب . وتساكر الرجل أظهر السكر واستعمله ; قال الفرزدق :


أسكران كان ابن المراغة إذ هجا     تميما بجوف الشام أم متساكر ؟

تقديره : أكان سكران ابن المراغة فحذف الفعل الرافع وفسره بالثاني فقال : كان ابن المراغة ; قال سيبويه : فهذا إنشاد بعضهم وأكثرهم ينصب السكران ويرفع الآخر على قطع وابتداء ، يريد أن بعض العرب يجعل اسم كان سكران ومتساكر وخبرها ابن المراغة وقوله وأكثرهم ينصب السكران ويرفع الآخر على قطع وابتداء يريد أن سكران خبر كان مضمرة ، تفسيرها هذه المظهرة ، كأنه قال : أكان سكران ابن المراغة كان سكران ويرفع متساكر على أنه خبر ابتداء مضمر ، كأنه قال : أم هو متساكر . وقولهم : ذهب بين الصحوة والسكرة إنما هو بين أن يعقل ولا يعقل ، والمسكر : المخمور ; قال الفرزدق :


أبا حاضر من يزن يعرف زناؤه     ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا

وسكرة الموت : شدته . وقوله تعالى : وجاءت سكرة الموت بالحق ; سكرة الميت غشيته التي تدل الإنسان على أنه ميت . وقوله : بالحق أي بالموت الحق . قال ابن الأعرابي : السكرة الغضبة ، والسكرة : غلبة اللذة على الشباب ، والسكر : الخمر نفسها ، والسكر : شراب يتخذ من التمر والكشوث والآس ، وهو محرم كتحريم الخمر . وقال أبو حنيفة : السكر يتخذ من التمر والكشوث يطرحان سافا سافا ويصب عليه الماء . قال : وزعم زاعم أنه ربما خلط به الآس فزاده شدة . وقال : المفسرون في السكر الذي في التنزيل إنه الخل وهذا شيء لا يعرفه أهل اللغة . الفراء : في قوله : تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ; قال : هو الخمر قبل أن يحرم والرزق الحسن الزبيب والتمر وما أشبههما . وقال أبو عبيد : السكر نقيح التمر الذي لم تمسه النار ، وكان إبراهيم والشعبي وأبو رزين يقولون : السكر خمر . وروي عن ابن عمر أنه قال : السكر من التمر ، وقال أبو عبيدة وحده : السكر : الطعام ; يقول الشاعر :


جعلت أعراض الكرام سكرا

أي جعلت ذمهم طعما لك . وقال الزجاج : هذا بالخمر أشبه منه بالطعام ; المعنى : جعلت تتخمر بأعراض الكرام ، وهو أبين مما يقال للذي يبترك في أعراض الناس . وروى الأزهري عن ابن عباس في هذه الآية قال : السكر ما حرم من ثمرتها ، والرزق ما أحل من ثمرتها . ابن الأعرابي : السكر الغضب ; والسكر : الامتلاء ; والسكر : الخمر ، والسكر : النبيذ ; وقال جرير :


إذا روين على الخنزير من سكر     نادين يا أعظم القسين جردانا

وفي الحديث : حرمت الخمر بعينها والسكر من كل شراب ، السكر بفتح السين والكاف : الخمر المعتصر من العنب ، قال ابن الأثير : هكذا رواه الأثبات منهم من يرويه بضم السين وسكون الكاف يريد حالة السكران فيجعلون التحريم للسكر لا لنفس المسكر ، فيبيحون قليله الذي لا يسكر ، والمشهور الأول ، وقيل : السكر بالتحريك الطعام وأنكر أهل اللغة هذا والعرب لا تعرفه . وفي حديث أبي وائل : أن رجلا أصابه الصقر فبعث له السكر فقال : إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم . والسكار : النباذ . وسكرة الموت : غشيته وكذلك سكرة الهم والنوم ونحوهما ; وقوله :


فجاءونا بهم سكر علينا     فأجلى اليوم والسكران صاحي

أراد سكر فأتبع الضم الضم ; ليسلم الجزء من العصب ، ورواه يعقوب سكر . وقال اللحياني : ومن قال : سكر علينا فمعناه غيظ وغضب . ابن الأعرابي : سكر من الشراب يسكر سكرا ، وسكر من الغضب ، ويسكر سكرا إذا غضب ; وأنشد البيت . وسكر بصره : غشي عليه . وفي التنزيل العزيز : لقالوا إنما سكرت أبصارنا ; أي حبست عن النظر وحيرت . وقال أبو عمرو بن العلاء : معناها غطيت وغشيت ، وقرأها الحسن مخففة وفسرها سحرت ، التهذيب : قرئ سكرت وسكرت بالتخفيف والتشديد ، ومعناهما أغشيت وسدت بالسحر ، فيتخايل بأبصارنا غير ما نرى ، وقال مجاهد : سكرت أبصارنا أي سدت ، قال أبو عبيد : يذهب مجاهد إلى أن الأبصار غشيها ما منعها من النظر كما يمنع السكر الماء من الجري فقال أبو عبيدة : سكرت أبصار القوم إذا دير بهم وغشيهم كالسمادير فلم يبصروا ; وقال أبو عمرو بن العلاء : سكرت أبصارنا مأخوذ من سكر الشراب كأن العين لحقها ما يلحق شارب المسكر إذا سكر ، وقال الفراء : معناه حبست ومنعت من النظر . الزجاج : يقال : سكرت عينه تسكر إذا تحيرت وسكنت عن النظر ، وسكر الحر يسكر ; وأنشد :


جاء الشتاء واجثأل القبر     وجعلت عين الحرور تسكر

قال أبو بكر : اجثأل معناه اجتمع وتقبض . والتسكير للحاجة : اختلاط الرأي فيها قبل أن يعزم عليها فإذا عزم عليها ذهب اسم التسكير وقد سكر . وسكر النهر يسكره : وسكرا سد فاه وكل شق سد فقد سكر . والسكر ما سد به . والسكر سد الشق ومنفجر الماء السكر ، اسم ذلك السداد الذي يجعل سدا للشق ونحوه . وفي الحديث : أنه قال للمستحاضة لما شكت إليه كثرة الدم : اسكريه ، أي سديه بخرقة وشديه بعصابة ، تشبيها بسكر الماء ، والسكر المصدر . ابن الأعرابي : سكرته ملأته . والسكر ، بالكسر ، العرم . والسكر أيضا : المسناة والجمع سكور . وسكرت الريح تسكر سكورا وسكرانا : سكنت بعد الهبوب ، وليلة ساكرة : ساكنة لا ريح فيها ; قال أوس بن حجر :


تزاد ليالي في طولها     فليست بطلق ولا ساكره

وفي التهذيب قال أوس :


جذلت على ليلة ساهره [ ص: 217 ]     فليست بطلق ولا ساكره

أبو زيد : الماء الساكر الساكن الذي لا يجري ; وقد سكر سكورا . وسكر البحر : ركد ; أنشد ابن الأعرابي في صفة بحر :


يقيء زعب الحر حين يسكر

كذا أنشده ، يسكر على صيغة فعل المفعول ، وفسره بيركد على صيغة فعل الفاعل . والسكر من الحلواء : فارسي معرب ; قال :


يكون بعد الحسو والتمزر     في فمه مثل عصير السكر

والسكرة : الواحدة من السكر ، وقول أبي زياد الكلابي في صفة العشر : وهو مر لا يأكله شيء ومغافيره سكر ; إنما أراد مثل السكر في الحلاوة . وقال أبو حنيفة : السكر عنب يصيبه المرق فينتثر فلا يبقى في العنقود إلا أقله ، وعناقيده أوساط ، وهو أبيض رطب صادق الحلاوة عذب من طرائف العنب ، ويزبب أيضا . والسكر : بقلة من الأحرار : عن أبي حنيفة ، قال : ولم يبلغني لها حلية . والسكرة المريراء التي تكون في الحنطة . والسكران : موضع ; قال كثير يصف سحابا :


وعرس بالسكران يومين وارتكى     يجر كما جر المكيث المسافر

والسيكران : نبت ، قال :


وشفشف حر الشمس كل بقية     من النبت إلا سيكرانا وحلبا

قال أبو حنيفة : السيكران مما تدوم خضرته القيظ كله . قال : وسألت شيخا من الأعراب عن السيكران فقال : هو السخر ونحن نأكله رطبا أي أكل ، قال : وله حب أخضر كحب الرازيانج . ويقال للشيء الحار إذا خبا حره وسكن فوره : قد سكر يسكر وسكره تسكيرا : خنقه ، والبعير يسكر آخر بذراعه حتى يكاد يقتله . التهذيب : روي عن أبي موسى الأشعري أنه قال : السكركة خمر الحبشة ; قال أبو عبيد : وهي من الذرة ; قال الأزهري : وليست بعربية ، وقيده شمر بخطه : السكركة ، الجزم على الكاف والراء مضمومة ، وفي الحديث : أنه سئل عن الغبيراء فقال : لا خير فيها ، ونهى عنها ; قال مالك : فسألت زيد بن أسلم : ما الغبيراء ؟ فقال : هي السكركة ، بضم السين والكاف وسكون الراء ، نوع من الخمور تتخذ من الذرة ، وهي لفظة حبشية قد عربت ، وقيل : السقرقع ، وفي الحديث : لا آكل في سكرجة ; هي ، بضم السين والكاف والراء والتشديد ، إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأدم ، وهي فارسية ، وأكثر ما يوضع فيها الكوامخ ونحوها ،

التالي السابق


الخدمات العلمية