[ سكن ]
سكن : السكون : ضد الحركة . سكن الشيء يسكن سكونا : إذا ذهبت حركته ، وأسكنه هو سكنه غيره تسكينا . وكل ما هدأ فقد سكن كالريح والحر والبرد ونحو ذلك . وسكن الرجل : سكت ، وقيل : سكن في معنى سكت ، وسكنت الريح وسكن المطر وسكن الغضب . وقوله تعالى :
وله ما سكن في الليل والنهار ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : معناه وله ما حل في الليل والنهار ; وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هذا احتجاج على المشركين لأنهم لم ينكروا أن ما استقر في الليل والنهار لله أي هو خالقه ومدبره ، فالذي هو كذلك قادر على إحياء الموتى . وقال
أبو العباس : في قوله تعالى :
وله ما سكن في الليل والنهار ; قال : إنما الساكن من الناس والبهائم خاصة ، وقال : سكن هدأ بعد تحرك ، وإنما معناه ، والله أعلم ، الخلق .
أبو عبيد : الخيزرانة ، السكان ، وهو الكوثل أيضا . وقال
أبو عمرو : الجذف السكان في باب السفن ،
الليث : السكان ذنب السفينة التي به تعدل ، ومنه قول
طرفة :
كسكان بوصي بدجلة مصعد
وسكان السفينة عربي . والسكان ما تسكن به السفينة تمنع به الحركة والاضطراب ، والسكين المدية تذكر وتؤنث ; قال الشاعر :
فعيث في السنام غداة قر بسكين مؤثقة النصاب
وقال
أبو ذؤيب :
يرى ناصحا فيما بدا وإذا خلا فذلك سكين على الحلق حاذق
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : لم أسمع تأنيث السكين ، وقال
ثعلب : قد سمعه
الفراء ; قال
الجوهري : والغالب عليه التذكير ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري : قال
أبو حاتم البيت الذي فيه :
بسكين موثقة النصاب
هذا البيت لا تعرفه أصحابنا . وفي الحديث :
فجاء الملك بسكين درهرهة أي معوجة الرأس ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري : ذكره
ابن الجواليقي في المعرب في باب الدال ، وذكره الهروي في الغريبين .
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : السكينة لغة في السكين ; قال :
سكينة من طبع سيف عمرو نصابها من قرن تيس بري
وفي حديث المبعث قال الملك لما شق بطنه :
إيتني بالسكينة هي لغة في السكين والمشهور بلا هاء ، وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، رضي الله عنه : إن سمعت بالسكين إلا في هذا الحديث ما كنا نسميها إلا المدية ; وقوله أنشده
يعقوب :
قد زملوا سلمى على تكين وأولعوها بدم المسكين
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : أراد على سكين فأبدل التاء مكان السين وقوله بدم المسكين أي بإنسان يأمرونها بقتله ، وصانعه سكان وسكاكيني قال : الأخيرة عندي مولدة لأنك إذا نسبت إلى الجمع فالقياس أن ترده إلى الواحد .
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد : السكين فعيل من ذبحت الشيء حتى سكن اضطرابه ; وقال
الأزهري : سميت سكينا لأنها تسكن الذبيحة أي تسكنها بالموت . وكل شيء مات فقد سكن ، ومثله غريد للمغني لتغريده بالصوت . ورجل شمير : لتشميره إذا جد في الأمر وانكمش . وسكن بالمكان يسكن سكنى وسكونا أقام ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=16840كثير عزة :
وإن كان لا سعدى أطالت سكونه ولا أهل سعدى آخر الدهر نازله
فهو ساكن من قوم سكان وسكن الأخيرة اسم للجمع ; وقيل : جمع على قول
الأخفش ; أسكنه إياه وسكنت داري أسكنتها غيري ; والاسم منه السكنى كما أن العتبى اسم من الإعتاب ، وهم سكان فلان ، والسكنى أن يسكن الرجل موضعا بلا كروة كالعمرى ; وقال
اللحياني : والسكن أيضا سكنى الرجل في الدار . يقال لك فيها سكن أي سكنى . والسكن والمسكن والمسكن : المنزل والبيت ; الأخيرة نادرة ،
وأهل الحجاز يقولون : مسكن بالفتح . والسكن : أهل الدار ، اسم لجمع ساكن كشارب وشرب ; قال
سلامة بن جندل :
ليس بأسفى ولا أقنى ولا سغل يسقى دواء قفي السكن مربوب
وأنشد
الجوهري nindex.php?page=showalam&ids=15871لذي الرمة :
فيا كرم السكن الذين تحملوا عن الدار والمستخلف المتبدل !
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري : أي صار خلفا وبدلا للظباء والبقر ، وقوله : فيا كرم يتعجب من كرمهم . والسكن : جمع ساكن كصحب وصاحب . وفي حديث
يأجوج ومأجوج :
حتى إن الرمانة لتشبع السكن ; وهو بفتح السين وسكون الكاف ، لأهل البيت . وقال
اللحياني : السكن أيضا جماع أهل القبيلة . يقال : تحمل السكن فذهبوا . والسكن : كل ما سكنت إليه واطمأننت به من أهل وغيره وربما قالت العرب السكن لما يسكن إليه ومنه قوله تعالى :
وجعل الليل سكنا ; والسكن المرأة لأنها يسكن إليها . والسكن الساكن ; قال الراجز :
ليلجئوا من هدف إلى فنن إلى ذرى دفء وظل ذي سكن
وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10369945اللهم أنزل علينا في أرضنا سكنها أي غياث أهلها الذي تسكن أنفسهم إليه ، وهو بفتح السين والكاف .
الليث : السكن
[ ص: 221 ] السكان . والسكن : أن تسكن إنسانا منزلا بلا كراء ، قال : والسكن العيال أهل البيت ، الواحد ساكن . وفي حديث
الدجال :
السكن القوت . وفي حديث
المهدي :
حتى إن العنقود ليكون سكن أهل الدار أي قوتهم من بركته . وهو بمنزلة النزل وهو طعام القوم الذين ينزلون عليه ; والأسكان : الأقوات ، وقيل للقوت : سكن لأن المكان به يسكن ، وهذا كما يقال : نزل العسكر لأرزاقهم المقدرة لهم إذا أنزلوا منزلا ، ويقال : مرعى مسكن إذا كان كثيرا لا يحوج إلى الظعن ، كذلك مرعى مربع ومنزل . قال : والسكن المسكن ، يقال : لك فيها سكن وسكنى بمعنى واحد . وسكنى المرأة : المسكن الذي يسكنها الزوج إياه ، يقال : لك داري هذه سكنى إذا أعاره مسكنا يسكنه . وسكان الدار : هم الجن المقيمون بها ، وكان الرجل إذا اطرف دارا ذبح فيها ذبيحة يتقي بها أذى الجن فنهى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عن ذبائح الجن . والسكن ، بالتحريك : النار ; قال يصف قناة ثقفها بالنار والدهن :
أقامها بسكن وأدهان
وقال آخر :
ألجأني الليل وريح بله إلى سواد إبل وثله
وسكن توقد في مظله
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : التسكين تقويم الصعدة بالسكن وهو النار ، والتسكين أن يدوم الرجل على ركوب السكين وهو الحمار الخفيف السريع ، والأتان إذا كانت كذلك سكينة ، وبه سميت الجارية الخفيفة الروح سكينة ، قال : السكينة أيضا اسم البقة التي دخلت في أنف
نمروذ بن كنعان الخاطئ فأكلت دماغه . والسكين : الحمار الوحشي ; قال
أبو دواد :
دعرت السكين به آيلا وعين نعاج تراعي السخالا
والسكينة : الوداعة والوقار . وقوله عز وجل :
فيه سكينة من ربكم وبقية ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : معناه فيه ما تسكنون به إذا أتاكم ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : قالوا إنه كان فيه ميراث الأنبياء وعصا
موسى وعمامة
هارون الصفراء ، وقيل : إنه كان فيه رأس كرأس الهر إذا صاح كان الظفر
لبني إسرائيل ، وقيل : إن السكينة لها رأس كرأس الهرة من زبرجد وياقوت ولها جناحان ، وقال
الحسن : جعل الله لهم في التابوت سكينة لا يفرون عنه أبدا وتطمئن قلوبهم إليه ،
الفراء : من العرب من يقول : أنزل الله عليهم السكينة للسكينة . وفي حديث
قيلة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10371301أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال لها : يا مسكينة عليك السكينة . أراد عليك الوقار والوداعة والأمن . يقال : رجل وديع وقور ساكن هادئ . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه قال : السكينة مغنم وتركها مغرم ، وقيل : أراد بها هاهنا الرحمة . وفي الحديث :
نزلت عليهم السكينة تحملها الملائكة . وقال
شمر : قال بعضهم : السكينة الرحمة ، وقيل : هي الطمأنينة ، وقيل : هي النصر وقيل : هي الوقار ، وما يسكن به الإنسان ، وقوله تعالى :
فأنزل الله سكينته على رسوله ; ما تسكن به قلوبهم . وتقول للوقور : عليه السكون والسكينة ; أنشد
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري لأبي عريف الكليبي :
لله قبر غالها ماذا يجن ن لقد أجن سكينة ووقارا
وفي حديث الدفع من
عرفة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10368636عليكم السكينة والوقار والتأني في الحركة والسير . وفي حديث الخروج إلى الصلاة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10371303فليأت وعليه السكينة . وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10371304كنت إلى جنب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فغشيته السكينة ; يريد ما كان يعرض له من السكون والغيبة عند نزول الوحي . وفي الحديث : ما كنا نبعد أن السكينة تكلم على لسان
عمر ; قيل : هو من الوقار والسكون ، وقيل : الرحمة ، وقيل : أراد السكينة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه العزيز ، قيل في تفسيرها إنها : حيوان له وجه كوجه الإنسان مجتمع ، وسائرها خلق رقيق كالريح والهواء ، وقيل : هو صورة كالهرة كانت معهم في جيوشهم ، فإذا ظهرت انهزم أعداؤهم ، وقيل : هي ما كانوا يسكنون إليه من الآيات التي أعطيها
موسى ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، قال : والأشبه بحديث
عمر أن يكون من الصورة المذكورة . وفي حديث
علي ، رضي الله عنه وبناء الكعبة : فأرسل الله إليه السكينة ; وهي ريح خجوج أي سريعة الممر . والسكينة : لغة في السكينة ; عن
أبي زيد ، ولا نظير لها ولا يعلم في الكلام فعيلة . والسكينة ، بالكسر : لغة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي من تذكرة
أبي علي . وتسكن الرجل : من السكينة والسكينة . وتركتهم على سكناتهم ومكناتهم ونزلاتهم ورباعتهم وربعاتهم أي على استقامتهم وحسن حالهم ، وقال
ثعلب : على مساكنهم ، وفي المحكم : على منازلهم ، قال : وهذا هو الجيد لأن الأول لا يطابق فيه الاسم الخبر ، إذ المبتدأ اسم والخبر مصدر ، فافهم . وقالوا : تركنا الناس على مصاباتهم أي على طبقاتهم ومنازلهم . والسكنة ، بكسر الكاف : مقر الرأس من العنق ; وقال
حنظلة بن شرقي وكنيته
أبو الطحان :
بضرب يزيل الهام عن سكناته وطعن كتشهاق العفا هم بالنهق
وفي الحديث :
أنه قال يوم الفتح : استقروا على سكناتكم فقد انقطعت الهجرة ، أي على مواضعكم وفي مساكنكم ، ويقال : واحدتها سكنة مثل مكنة ومكنات ، يعني أن الله قد أعز الإسلام ، وأغنى عن الهجرة والفرار عن الوطن خوف المشركين . ويقال : الناس على سكناتهم أي على استقامتهم ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري : وقال
زامل بن مصاد العيني :
بضرب يزيل الهام عن سكناته وطعن كأفواه المزاد المخرق
قال : وقال
طفيل :
بضرب يزيل الهام عن سكناته وينقع من هام الرجال المشرب
قال : وقال
النابغة :
بضرب يزيل الهام عن سكناته وطعن كإيزاع المخاض الضوارب
[ ص: 222 ] والمسكين والمسكين ; الأخيرة نادرة لأنه ليس في الكلام مفعيل : الذي لا شيء له ، وقيل : الذي لا شيء له يكفي عياله ، قال
أبو إسحاق : المسكين الذي أسكنه الفقر أي قلل حركته ، وهذا بعيد لأن مسكينا في معنى فاعل ، وقوله الذي أسكنه الفقر يخرجه إلى معنى مفعول ، والفرق بين المسكين والفقير مذكور في موضعه ، وسنذكر منه هنا شيئا ، وهو مفعيل من السكون ، مثل المنطيق من النطق . قال
ابن الأنبار : قال
يونس : الفقير أحسن حالا من المسكين ، والفقير الذي له بعض ما يقيمه ، والمسكين أسوأ حالا من الفقير ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت ; قال
يونس : وقلت لأعرابي أفقير أنت أم مسكين ؟ فقال : لا والله بل مسكين ، فأعلم أنه أسوأ حالا من الفقير ; واحتجوا على أن المسكين أسوأ حالا من الفقير بقول الراعي :
أما الفقير الذي كانت حلوبته وفق العيال فلم يترك له سبد
فأثبت أن للفقير حلوبة وجعلها وفقا لعياله ; قال : وقول
مالك في هذا كقول
يونس : وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي أنه قال : المسكين أحسن حالا من الفقير ، وإليه ذهب
أحمد بن عبيد ، قال : وهو القول الصحيح عندنا لأن الله تعالى قال :
أما السفينة فكانت لمساكين ; فأخبر أنهم مساكين وأن لهم سفينة تساوي جملة ، وقال :
للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا ; فهذه الحال التي أخبر بها عن الفقراء هي دون الحال التي أخبر بها عن المساكين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري : وإلى هذا القول ذهب
علي بن حمزة الأصبهاني اللغوي ، ويرى أنه الصواب وما سواه خطأ ، واستدل على ذلك بقوله :
مسكينا ذا متربة ; فأكد عز وجل سوء حاله بصفة الفقير لأن المتربة الفقر ، ولا يؤكد الشيء إلا بما هو أوكد منه ، واستدل على ذلك بقوله عز وجل :
أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر ; فأثبت أن لهم سفينة يعملون عليها في البحر ; واستدل أيضا بقول الراجز :
هل لك في أجر عظيم تؤجره تغيث مسكينا قليلا عسكره
عشر شياه سمعه وبصره قد حدث النفس بمصر يحضره
فأثبت أن له عشر شياه ، وأراد بقوله عسكره غنمه وأنها قليلة ، واستدل أيضا ببيت الراعي وزعم أنه أعدل شاهد على صحة ذلك ; وهو قوله :
أما الفقير الذي كانت حلوبته
لأنه قال : أما الفقير الذي كانت حلوبته ولم يقل الذي حلوبته ، وقال : فلم يترك له سبد ، فأعلمك أنه كانت له حلوبة تقوت عياله ، ومن كانت هذه حاله فليس بفقير ولكن مسكين ، ثم أعلمك أنها أخذت منه فصار إذ ذاك فقيرا ، يعني
ابن حمزة بهذا القول أن الشاعر لم يثبت أن للفقير حلوبة لأنه قال : الذي كانت حلوبته ، ولم يقل الذي حلوبته ، وهذا كما تقول أما الفقير الذي كان له مال وثروة فإنه لم يترك له سبد ، فلم يثبت بهذا أن للفقير مالا وثروة ، وإنما أثبت سوء حاله الذي به صار فقيرا ، بعد أن كان ذا مال وثروة ، وكذلك يكون المعنى في قوله :
أما الفقير الذي كانت حلوبته
أنه أثبت فقره لعدم حلوبته بعد أن كان مسكينا قبل عدم حلوبته ، ولم يرد أنه فقير مع وجودها فإن ذلك لا يصح كما لا يصح أن يكون للفقير مال وثروة في قولك : أما الفقير الذي كان له مال وثروة ، لأنه لا يكون فقيرا مع ثروته وماله فحصل بهذا أن الفقير في البيت هو الذي لم يترك له سبد بأخذ حلوبته ، وكان قبل أخذ حلوبته مسكينا لأن من كانت له حلوبة فليس فقيرا ، لأنه قد أثبت أن الفقير الذي لم يترك له سبد ، وإذا لم يكن فقيرا فهو إما غني وإما مسكين ، ومن له حلوبة واحدة فليس بغني ، وإذا لم يكن غنيا لم يبق إلا أن يكون فقيرا أو مسكينا ، ولا يصح أن يكون فقيرا على ما تقدم ذكره ، فلم يبق أن يكون إلا مسكينا ، فثبت بهذا أن المسكين أصلح حالا من الفقير ; قال
علي بن حمزة : ولذلك بدأ الله تعالى بالفقير قبل من يستحق الصدقة من المسكين وغيره ، وأنت إذا تأملت قوله تعالى :
إنما الصدقات للفقراء والمساكين ; وجدته سبحانه قد رتبهم فجعل الثاني أصلح حالا من الأول ، والثالث أصلح حالا من الثاني ، وكذلك الرابع والخامس والسادس والسابع والثامن ، قال : ومما يدلك على أن المسكين أصلح حالا من الفقير أن العرب قد تسمت به ولم تتسم بفقير لتناهي الفقر في سوء الحال ، ألا ترى أنهم قالوا تمسكن الرجل فبنوا منه فعلا على معنى التشبيه بالمسكين في زيه ، ولم يفعلوا ذلك في الفقير إذ كانت حاله لا يتزيا بها أحد ؟ قال : ولهذا رغب الأعرابي الذي سأله
يونس عن اسم الفقير لتناهيه في سوء الحال ، فآثر التسمية بالمسكنة أو أراد أنه ذليل لبعده عن قومه ووطنه ، قال : ولا أظنه أراد إلا ذلك ، ووافق قول
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي وابن حمزة في هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; وقال
قتادة : الفقير الذي به زمانة ، والمسكين الصحيح المحتاج . وقال
زيادة الله بن أحمد : الفقير القاعد في بيته لا يسأل ، والمسكين الذي يسأل ، فمن هاهنا ذهب من ذهب إلى أن المسكين أصلح حالا من الفقير لأنه يسأل فيعطى ، والفقير لا يسأل ولا يشعر به فيعطى للزومه بيته أو لامتناع سؤاله ، فهو يتقنع بأيسر شيء كالذي يتقوت في يومه بالتمرة والتمرتين ونحو ذلك ولا يسأل محافظة على ماء وجهه وإراقته عن السؤال ، فحاله إذا أشد من حال المسكين الذي لا يعدم من يعطيه ، ويشهد بصحة ذلك قوله ، صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10371306ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان ، وإنما المسكين الذي لا يسأل ولا يفطن له فيعطى ، فأعلم أن الذي لا يسأل أسوأ حالا من السائل ، وإذا ثبت أن الفقير هو الذي لا يسأل وأن المسكين هو السائل فالمسكين إذا أصلح حالا من الفقير ، والفقير أشد منه فاقة وضرا ، إلا أن الفقير أشرف نفسا من المسكين لعدم الخضوع الذي في المسكين ، لأن المسكين قد جمع فقرا ومسكنة ، فحاله في هذا أسوأ حالا من الفقير ، ولهذا قال ، صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10371307ليس المسكين الحديث ، فأبان أن لفظة المسكين في استعمال الناس أشد قبحا من لفظة الفقير ، وكان الأولى بهذه اللفظة أن تكون لمن لا يسأل
[ ص: 223 ] لذل الفقر الذي أصابه ، فلفظة المسكين من هذه الجهة أشد بؤسا من لفظة الفقير ، وإن كان حال الفقير في القلة والفاقة أشد من حال المسكين ، وأصل المسكين في اللغة الخاضع ، وأصل الفقير المحتاج ، ولهذا قال ، صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10369945اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين ; أراد به التواضع والإخبات وأن لا يكون من الجبارين المتكبرين أي خاضعا لك يا رب ذليلا غير متكبر ، وليس يراد بالمسكين هنا الفقير المحتاج . قال
محمد بن المكرم : وقد استعاذ سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم من الفقر ; قال : وقد يمكن أن يكون من هذا قوله سبحانه حكاية عن
الخضر ، عليه السلام :
أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر ; فسماهم مساكين لخضوعهم وذلهم من جور الملك الذي يأخذ كل سفينة وجدها في البحر غصبا ، وقد يكون المسكين مقلا ومكثرا ، إذ الأصل في المسكين أنه في المسكنة ، وهو الخضوع والذل ، ولهذا وصف الله المسكين بالفقر لما أراد أن يعلم أن خضوعه لفقر لا لأمر غيره بقوله عز وجل :
يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ; والمتربة : الفقر ، وفي هذا حجة لمن جعل المسكين أسوأ حالا لقوله ذا متربة ، وهو الذي لصق بالتراب لشدة فقره ، وفيه أيضا حجة لمن جعل المسكين أصلح حالا من الفقير لأنه أكد حاله بالفقر ، ولا يؤكد الشيء إلا بما هو أوكد منه . قال
ابن الأثير : وقد تكرر ذكر المسكين والمساكين والمسكنة والتمسكن ، قال : وكلها يدور معناها على الخضوع والذلة وقلة المال والحال السيئة ، واستكان إذا خضع . والمسكنة : فقر النفس . وتمسكن إذا تشبه بالمساكين ، وهم جمع المسكين ، وهو الذي لا شيء له ، وقيل : هو الذي له بعض الشيء قال : وقد تقع المسكنة على الضعف ; ومنه حديث
قيلة :
قال لها صدقت المسكينة ; أراد الضعف ولم يرد الفقر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : المسكين من الألفاظ المترحم بها ، تقول : مررت به المسكين ، تنصبه على أعني ، وقد يجوز الجر على البدل ، والرفع على إضمار هو ، وفيه معنى الترحم مع ذلك ، كما أن رحمة الله عليه وإن كان لفظه لفظ الخبر فمعناه معنى الدعاء ; قال : وكان
يونس يقول مررت به المسكين ، على الحال ، ويتوهم سقوط الألف واللام ، وهذا خطأ لأنه لا يجوز أن يكون حالا وفيه الألف واللام ، ولو قلت هذا لقلت مررت بعبد الله الظريف تريد ظريفا ، ولكن إن شئت حملته على الفعل كأنه قال لقيت المسكين ، لأنه إذا قال مررت به فكأنه قال لقيته ، وحكي أيضا : إنه المسكين أحمق وتقديره : إنه أحمق ، وقوله المسكين أي هو المسكين ، وذلك اعتراض بين اسم إن وخبرها ، والأنثى مسكينة ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : شبهت بفقيرة حيث لم تكن في معنى الإكثار ، وقد جاء مسكين أيضا للأنثى ; قال
تأبط شرا :
قد أطعن الطعنة النجلاء عن عرض كفرج خرقاء وسط الدار مسكين
عنى بالفرج ما انشق من ثيابها ، والجمع مساكين ، وإن شئت قلت مسكينون كما تقول فقيرون ; قال
أبو الحسن : يعني أن مفعيلا يقع للمذكر والمؤنث بلفظ واحد نحو محضير ومئشير ، وإنما يكون ذلك ما دامت الصيغة للمبالغة ، فلما قالوا مسكينة يعنون المؤنث ولم يقصدوا به المبالغة شبهوها بفقيرة ، ولذلك ساغ جمع مذكره بالواو والنون . وقوم مساكين ومسكينون أيضا ، وإنما قالوا ذلك من حيث قيل للإناث مسكينات لأجل دخول الهاء ، والاسم المسكنة .
الليث : المسكنة مصدر فعل المسكين ، وإذا اشتقوا منه فعلا قالوا تمسكن الرجل أي صار مسكينا . ويقال : أسكنه الله وأسكن جوفه أي جعله مسكينا . قال
الجوهري : المسكين الفقير ، وقد يكون بمعنى الذلة والضعف . يقال : تسكن الرجل تمسكن ، كما قالوا تمدرع وتمندل من المدرعة والمنديل ، على تمفعل ، قال : وهو شاذ ، وقياسه تسكن وتدرع مثل تشجع وتحلم . وسكن الرجل أسكن تمسكن إذا صار مسكينا ، أثبتوا الزائد ، كما قالوا تمدرع في المدرعة . قال
اللحياني : تسكن كتمسكن ، وأصبح القوم مسكنين أي ذوي مسكنة . وحكي : ما كان مسكينا وما كنت مسكينا ولقد أسكنت . وتمسكن لربه : تضرع ; عن
اللحياني ، وهو من ذلك . وتمسكن إذا خضع لله . والمسكنة : الذلة . وفي الحديث عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال للمصلي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10371308تبأس وتمسكن وتقنع يديك ; وقوله تمسكن أي تذلل وتخضع ، وهو تمفعل من السكون ; وقال
القتيبي : أصل الحرف السكون ، والمسكنة مفعلة منه ، وكان القياس تسكن ، وهو الأكثر والأفصح إلا أنه جاء في هذا الحرف تمفعل ، ومثله تمدرع ، وأصله تدرع . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : كل ميم كانت في أول حرف فهي مزيدة إلا ميم معزى وميم معد ، تقول : تمعدد ، وميم منجنيق وميم مأجج وميم مهدد ; قال
أبو منصور : وهذا فيما جاء على بناء مفعل أو مفعل أو مفعيل ، فأما ما جاء على بناء فعل أو فعال فالميم تكون أصلية مثل المهد والمهاد والمرد وما أشبهه . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي عن بعض
بني أسد : المسكين ، بفتح الميم ، المسكين .
والمسكينة : اسم
مدينة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : لا أدري لم سميت بذلك إلا أن يكون لفقدها النبي ، صلى الله عليه وسلم . واستكان الرجل : خضع وذل ، وهو افتعل من المسكنة ، أشبعت حركة عينه فجاءت ألفا . وفي التنزيل العزيز :
فما استكانوا لربهم ; وهذا نادر وقوله :
فما استكانوا لربهم ; أي فما خضعوا ، كان في الأصل فما استكنوا فمدت فتحة الكاف بألف كقوله : لها متنتان خظاتا ، أراد خظتا فمد فتحة الظاء بألف . يقال : سكن وأسكن واستكن وتمسكن واستكان أي خضع وذل . وفي حديث توبة
كعب :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10371309أما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما أي خضعا وذلا . والاستكانة : استفعال من السكون ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : وأكثر ما جاء إشباع حركة العين في الشعر كقوله ينباع من ذفرى غضوب أي ينبع ، مدت فتحة الباء بألف ، وكقوله : أدنو فأنظور ، وجعله
أبو علي الفارسي من الكين الذي هو لحم باطن الفرج لأن الخاضع الذليل خفي ، فشبهه بذلك لأنه أخفى ما يكون من الإنسان ، وهو يتعدى بحرف الجر ودونه ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=16840كثير عزة :
فما وجدوا فيك ابن مروان سقطة ولا جهلة في مازق تستكينها
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج في قوله تعالى :
وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ; أي
[ ص: 224 ] يسكنون بها ،
والسكون ، بالفتح : حي من
اليمن . والسكون : موضع ، وكذلك مسكن ، بكسر الكاف ، وقيل : موضع من أرض
الكوفة ; قال الشاعر :
إن الرزية يوم مس كن والمصيبة والفجيعه
جعله اسما للبقعة فلم يصرفه . وأما المسكان ، بمعنى العربون ، فهو فعلال ، والميم أصلية ، وجمعه المساكين ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي .
nindex.php?page=showalam&ids=15409ابن شميل : تغطية الوجه عند النوم سكنة كأنه يأمن الوحشة ، وفلان بن السكن . قال
الجوهري : وكان
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي يقوله بجزم الكاف ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري : قال
ابن حبيب : يقال سكن وسكن ; قال
جرير في الإسكان :
ونبئت جوابا وسكنا يسبني وعمرو بن عفرا لا سلام على عمرو !
وسكن وسكن وسكين : أسماء . وسكين : اسم موضع ; قال
النابغة :
وعلى الرميثة من سكين حاضر وعلى الدثينة من بني سيار
وسكين ، مصغر : حي من العرب في شعر
النابغة الذبياني . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري : يعني هذا البيت : وعلى الرميثة من سكين .
وسكينة : بنت
الحسين بن علي ، عليهم السلام ، والطرة السكينية منسوبة إليها .