صفحة جزء
[ سيب ]

سيب : السيب : العطاء ، والعرف ، والنافلة . وفي حديث الاستسقاء : واجعله سيبا نافعا . أي : عطاء ، ويجوز أن يريد مطرا سائبا أي جاريا . والسيوب : الركاز ، لأنها من سيب الله وعطائه ؛ وقال ثعلب : هي المعادن . وفي كتابه لوائل بن حجر : وفي السيوب الخمس ؛ قال أبو عبيد : السيوب الركاز ؛ قال : ولا أراه أخذ إلا من السيب ، وهو العطاء ؛ وأنشد :


فما أنا من ريب المنون بجبأ وما أنا من سيب الإله بآيس

وقال أبو سعيد : السيوب عروق من الذهب والفضة ، تسيب في المعدن أي تتكون فيه وتظهر ، سميت سيوبا لانسيابها في الأرض ، قال الزمخشري : السيوب جمع سيب ، يريد به المال المدفون في الجاهلية ، أو المعدن لأنه من فضل الله وعطائه ، لمن أصابه . وسيب الفرس : شعر ذنبه . والسيب : مردي السفينة . والسيب مصدر ساب الماء يسيب سيبا : جرى . والسيب : مجرى الماء ، [ ص: 315 ] وجمعه سيوب . وساب يسيب : مشى مسرعا . وسابت الحية تسيب إذا مضت مسرعة ؛ أنشد ثعلب :

أتذهب سلمى في اللمام فلا ترى     وبالليل أيم حيث شاء يسيب

وكذلك انسابت تنساب . وساب الأفعى انساب إذا خرج من مكمنه . وفي الحديث : أن رجلا شرب من سقاء ؛ فانسابت في بطنه حية ، فنهي عن الشرب من فم السقاء ، أي دخلت وجرت مع جريان الماء . يقال : ساب الماء وانساب إذا جرى . وانساب فلان نحوكم : رجع . وسيب الشيء : تركه . وسيب الدابة ، أو الناقة ، أو الشيء : تركه يسيب حيث شاء . وكل دابة تركتها وسومها ، فهي سائبة . والسائبة : العبد يعتق على أن لا ولاء له . والسائبة : البعير يدرك نتاج نتاجه ، فيسيب ، ولا يركب ، ولا يحمل عليه . والسائبة التي في القرآن العزيز ، في قوله تعالى : ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ؛ كان الرجل في الجاهلية إذا قدم من سفر بعيد ، أو برئ من علة ، أو نجته دابة من مشقة أو حرب قال : ناقتي سائبة أي تسيب فلا ينتفع بظهرها ، ولا تحلأ عن ماء ، ولا تمنع من كلأ ، ولا تركب ؛ وقيل : بل كان ينزع من ظهرها فقارة ، أو عظما ، فتعرف بذلك ؛ فأغير على رجل من العرب ، فلم يجد دابة يركبها ، فركب سائبة ، فقيل : أتركب حراما ؟ فقال : يركب الحرام من لا حلال له ، فذهبت مثلا . وفي الصحاح : السائبة الناقة التي كانت تسيب في الجاهلية لنذر ونحوه ؛ وقد قيل : هي أم البحيرة ؛ كانت الناقة إذا ولدت عشرة أبطن ، كلهن إناث ، سيبت فلم تركب ، ولم يشرب لبنها إلا ولدها أو الضيف حتى تموت ، فإذا ماتت أكلها الرجال والنساء جميعا ، وبحرت أذن بنتها الأخيرة ، فتسمى البحيرة ، وهي بمنزلة أمها في أنها سائبة ، والجمع سيب ، مثل نائم ونوم ، ونائحة ونوح . وكان الرجل إذا أعتق عبدا وقال : هو سائبة ، فقد عتق ، ولا يكون ولاؤه لمعتقه ، ويضع ماله حيث شاء ، وهو الذي ورد النهي عنه . قال ابن الأثير : قد تكرر في الحديث ذكر السائبة والسوائب ؛ قال : كان الرجل إذا نذر لقدوم من سفر ، أو برء من مرض ، أو غير ذلك قال : ناقتي سائبة ، فلا تمنع من ماء ، ولا مرعى ، ولا تحلب ، ولا تركب ؛ وكان إذا أعتق عبدا فقال : هو سائبة ، فلا عقل بينهما ، ولا ميراث ؛ وأصله من تسييب الدواب ، وهو إرسالها تذهب وتجيء ، حيث شاءت . وفي الحديث : رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار . وكان أول من سيب السوائب ، وهي التي نهى الله عنها بقوله : ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ؛ فالسائبة : أم البحيرة ، وهو مذكور في موضعه . وقيل : كان أبو العالية سائبة ، فلما هلك ، أتي مولاه بميراثه ، فقال : هو سائبة ، وأبى أن يأخذه . وقال الشافعي : إذا أعتق عبده سائبة ، فمات العبد وخلف مالا ، ولم يدع وارثا غير مولاه الذي أعتقه ، فميراثه لمعتقه ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الولاء لحمة كلحمة النسب ، فكما أن لحمة النسب لا تنقطع ، كذلك الولاء ؛ وقد قال ، صلى الله عليه وسلم : الولاء لمن أعتق . وروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال : السائبة والصدقة ليومهما . قال أبو عبيدة في قوله " ليومهما " : أي : يوم القيامة واليوم الذي كان أعتق سائبته ، وتصدق بصدقته فيه . يقول : فلا يرجع إلى الانتفاع بشيء منها بعد ذلك في الدنيا ، وذلك كالرجل يعتق عبده سائبة ، فيموت العبد ويترك مالا ، ولا وارث له ، فلا ينبغي لمعتقه أن يزرأ من ميراثه شيئا إلا أن يجعله في مثله . وقال ابن الأثير : قوله الصدقة والسائبة ليومهما ، أي يراد بهما ثواب يوم القيامة ؛ أي من أعتق سائبته ، وتصدق بصدقة ، فلا يرجع إلى الانتفاع بشيء منها بعد ذلك في الدنيا ، وإن ورثهما عنه أحد فليصرفهما في مثلهما ، قال : وهذا على وجه الفضل ، وطلب الأجر ، لا على أنه حرام ، وإنما كانوا يكرهون أن يرجعوا في شيء جعلوه لله وطلبوا به الأجر . وفي حديث عبد الله : السائبة يضع ماله حيث شاء ؛ أي العبد الذي يعتق سائبة ولا يكون ولاؤه لمعتقه ، ولا وارث له ، فيضع ماله حيث شاء ، وهو الذي ورد النهي عنه . وفي الحديث : عرضت علي النار فرأيت صاحب السائبتين يدفع بعصا ، السائبتان : بدنتان أهداهما النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى البيت ، فأخذهما رجل من المشركين فذهب بهما . سماهما سائبتين لأنه سيبهما لله تعالى . وفي حديث عبد الرحمن بن عوف : أن الحيلة بالمنطق أبلغ من السيوب في الكلم . السيوب : ما سيب وخلي فساب ، أي ذهب . وساب في الكلام : خاض فيه بهذر ؛ أي التلطف والتقلل منه أبلغ من الإكثار . ويقال : ساب الرجل في منطقه إذا ذهب فيه كل مذهب . والسياب ، مثل السحاب : البلح . قال أبو حنيفة : هو البسر الأخضر ، واحدته سيابة ؛ وبها سمي الرجل ؛ قال أحيحة :


أقسمت لا أعطيك في     كعب ومقتله سيابه

فإذا شددته ضممته ، فقلت : سياب وسيابة ؛ قال أبو زبيد :


أيام تجلو لنا عن بارد رتل     تخال نكهتها بالليل سيابا

أراد نكهة سياب وسيابة أيضا . الأصمعي : إذا تعقد الطلع حتى يصير بلحا ، فهو السياب ، مخفف ، واحدته سيابة ؛ وقال شمر : هو السدى والسداء ، ممدود بلغة أهل المدينة ؛ وهي السيابة ، بلغة وادي القرى ؛ وأنشد للبيد :


سيابة ما بها عيب ولا أثر

قال : وسمعت البحرانيين ، تقول : سياب وسيابة . وفي حديث أسيد بن حضير : لو سألتنا سيابة ما أعطيناكها ، هي بفتح السين والتخفيف : البلحة ، وجمعها سياب . والسيب : التفاح ، فارسي ؛ قال أبو العلاء : وبه سمي سيبويه : سيب تفاح ، وويه رائحته ، فكأنه رائحة تفاح . وسائب : اسم من ساب يسيب إذا مشى مسرعا ، أو من ساب الماء إذا جرى . والمسيب : من شعرائهم . والسوبان : اسم واد ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية