صفحة جزء
ضبب

ضبب : الضب : دويبة من الحشرات معروف ، وهو يشبه الورل ; والجمع أضب مثل كف وأكف ، وضباب وضبان ، الأخيرة عن اللحياني . قال : وذلك إذا كثرت جدا ; قال ابن سيده : ولا أدري ما هذا الفرق ; لأن فعالا وفعلانا سواء في أنهما بناءان من أبنية الكثرة ، والأنثى : ضبة . وأرض مضبة وضببة : كثيرة الضباب . التهذيب : أرض ضببة ; أحد ما جاء على أصله . قال أبو منصور : الورل سبط الخلق ، طويل الذنب ، كأن ذنبه ذنب حية ; ورب ورل يربي طوله على ذراعين . وذنب الضب ذو عقد ، وأطوله يكون قدر شبر . والعرب تستخبث الورل وتستقذره ولا تأكله ، وأما الضب فإنهم يحرصون على صيده وأكله ; والضب أحرش الذنب ، خشنه ، مفقره ، ولونه إلى الصحمة ، وهي غبرة مشربة سوادا ; وإذا سمن اصفر صدره ، ولا يأكل إلا الجنادب والدبى والعشب ، ولا يأكل الهوام ; وأما الورل فإنه يأكل العقارب ، والحيات ، والحرابي ، والخنافس ، ولحمه درياق ، والنساء يتسمن بلحمه . وضبب البلد وأضب : كثرت ضبابه ; وهو أحد ما جاء على الأصل من هذا الضرب . ويقال : أضبت أرض بني فلان إذا كثر ضبابها . وأرض مضبة ومربعة : ذات ضباب ويرابيع . ابن السكيت : ضبب البلد كثرت ضبابه ; ذكره في حروف أظهر فيها التضعيف ، وهي متحركة ، مثل قطط شعره ومششت الدابة وألل السقاء . وفي الحديث : أن أعرابيا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني في غائط مضبة . قال ابن الأثير : هكذا جاء في الرواية ، بضم الميم وكسر الضاد ، والمعروف بفتحهما ، وهي أرض مضبة مثل مأسدة ومذأبة ومربعة أي ذات أسود وذئاب [ ص: 8 ] ويرابيع ، وجمع المضبة مضاب . فأما مضبة : فهو اسم فاعل من أضب ، كأغدت ، فهي مغدة . فإن صحت الرواية فهي بمعناها . قال : ونحو هذا البناء الحديث الآخر : لم أزل مضبا بعد ; هو من الضب : الغضب والحقد أي لم أزل ذا ضب . ووقعنا في مضاب منكرة : وهي قطع من الأرض كثيرة الضباب ، الواحدة مضبة . قال الأصمعي سمعت غير واحد من العرب يقول : خرجنا نصطاد المضبة أي نصيد الضباب ، جمعوها على مفعلة ، كما يقال للشيوخ مشيخة ، وللسيوف مسيفة . والمضبب : الحارش الذي يصب الماء في جحره حتى يخرج ليأخذه . والمضبب : الذي يؤتي الماء إلى جحرة الضباب حتى يذلقها فتبرز فيصيدها ; قال الكميت :


بغبية صيف لا يؤتي نطافها ليبلغها ، ما أخطأته ، المضبب

يقول : لا يحتاج المضبب أن يؤتي الماء إلى جحرتها حتى يستخرج الضباب ويصيدها ; لأن الماء قد كثر ، والسيل قد علا الزبى ، فكفاه ذلك . وضببت على الضب إذا حرشته ، فخرج إليك مذنبا ، فأخذت بذنبه . والضبة : مسك الضب يدبغ فيجعل فيه السمن . وفي المثل : أعق من ضب ; لأنه ربما أكل حسوله . وقولهم : لا أفعله حتى يحن الضب في أثر الإبل الصادرة ، ولا أفعله حتى يرد الضب الماء ; لأن الضب لا يشرب الماء . ومن كلامهم الذي يضعونه على ألسنة البهائم ، قالت السمكة : وردا يا ضب فقال :


أصبح قلبي صردا     لا يشتهي أن يردا
إلا عرادا عردا     وصليانا بردا
وعنكثا ملتبدا

والضب يكنى أبا حسل ; والعرب تشبه كف البخيل إذا قصر عن العطاء بكف الضب ; ومنه قول الشاعر :


مناتين ، أبرام ، كأن أكفهم     أكف ضباب أنشقت في الحبائل

وفي حديث أنس : أن الضب ليموت هزالا في جحره بذنب ابن آدم أي يحبس المطر عنه بشؤم ذنوبهم . وإنما خص الضب ; لأنه أطول الحيوان نفسا وأصبرها على الجوع . ويروى : أن الحبارى بدل الضب ; لأنها أبعد الطير نجعة . ورجل خب ضب : منكر مراوغ حرب . والضب والضب : الغيظ والحقد ; وقيل : هو الضغن والعداوة ، وجمعه ضباب ; قال الشاعر :


فما زالت رقاك تسل ضغني     وتخرج ، من مكامنها ، ضبابي

وتقول : أضب فلان على غل في قلبه أي أضمره . وأضب الرجل على حقد في القلب ، وهو يضب إضبابا . ويقال للرجل إذا كان خبا منوعا : إنه لخب ضب . قال : والضب الحقد في الصدر . أبو عمرو : ضب إذا حقد . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : كل منهما حامل ضب لصاحبه . وفي حديث عائشة رضي الله عنها - : فغضب القاسم وأضب عليها . وضب ضبا ، وأضب به : سكت مثل أضبأ ، وأضب على الشيء ، وضب : سكت عليه . وقال أبو زيد : أضب إذا تكلم ، وضب على الشيء وأضب وضبب : احتواه . وأضب الشيء : أخفاه . وأضب على ما في يديه : أمسكه . وأضب القوم : صاحوا وجلبوا ; وقيل : تكلموا أو كلم بعضهم بعضا . وأضبوا في الغارة : نهدوا واستغاروا . وأضبوا عليه إذا أكثروا عليه ; وفي الحديث : ( فلما أضبوا عليه ) أي أكثروا . ويقال : أضبوا إذا تكلموا متتابعا ، وإذا نهضوا في الأمر جميعا . وأضب فلان على ما في نفسه أي سكت . الأصمعي : أضب فلان على ما في نفسه أي أخرجه . قال أبو حاتم : أضب القوم إذا سكتوا وأمسكوا عن الحديث ، وأضبوا إذا تكلموا وأفاضوا في الحديث ; وزعموا أنه من الأضداد . وقال أبو زيد : أضب الرجل إذا تكلم ، ومنه يقال : ضبت لثته دما إذا سالت ، وأضببتها أنا إذا أسلت منها الدم ، فكأنه أضب الكلام أي أخرجه كما يخرج الدم . وأضب النعم : أقبل وفيه تفرق . والضب والتضبيب : تغطية الشيء ودخول بعضه في بعض ، والضباب : ندى كالغيم . وقيل الضبابة : سحابة تغشي الأرض كالدخان ، والجمع : الضباب . وقيل : الضباب والضبابة ندى كالغبار يغشي الأرض بالغدوات . ويقال : أضب يومنا ، وسماء مضبة . وفي الحديث : كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريق مكة ، فأصابتنا ضبابة فرقت بين الناس ; هي البخار المتصاعد من الأرض في يوم الدجن ، يصير كالظلة تحجب الأبصار لظلمتها . وقيل : الضباب هو السحاب الرقيق ; سمي بذلك لتغطيته الأفق ، واحدته ضبابة . وقد أضبت السماء إذا كان لها ضباب . وأضب الغيم : أطبق . وأضب يومنا : صار ذا ضباب . وأضبت الأرض : كثر نباتها . ابن بزرج : أضبت الأرض بالنبات : طلع نباتها جميعا . وأضب القوم : نهضوا في الأمر جميعا . وأضب الشعر : كثر . وأضب السقاء : هريق ماؤه من خرزة فيه ، أو وهية . وأضببت على الشيء : أشرفت عليه أن أظفر به . قال أبو منصور : وهذا من ضبأ يضبأ ، وليس من باب المضاعف . وقد جاء به الليث في باب المضاعف . قال : والصواب الأول ، وهو مروي عن الكسائي . وأضب على الشيء : لزمه فلم يفارقه ، وأصل الضب اللصوق بالأرض . وضب الناقة يضبها : جمع خلفيها في كفه للحلب ; قال الشاعر :


جمعت له كفي بالرمح طاعنا     كما جمع الخلفين ، في الضب حالب

ويقال : فلان يضب ناقته ، بالضم ، إذا حلبها بخمس أصابع . والضب أيضا : الحلب بالكف كلها ; وقيل : هذا هو الضف ، فأما الضب فأن تجعل إبهامك على الخلف ، ثم ترد أصابعك على الإبهام والخلف جميعا ; هذا إذا طال الخلف ، فإن كان وسطا ، فالبزم بمفصل السبابة وطرف الإبهام ، فإن كان قصيرا ، فالفطر بطرف السبابة والإبهام . وقيل : الضب أن تضم يدك على الضرع وتصير إبهامك في وسط راحتك . وفي حديث موسى وشعيب - عليهما السلام - : [ ص: 9 ] ليس فيها ضبوب ولا ثعول . الضبوب : الضيقة ثقب الإحليل . والضبة : الحلب بشدة العصر . وقوله في الحديث : إنما بقيت من الدنيا مثل ضبابة ; يعني في القلة وسرعة الذهاب . قال أبو منصور : الذي جاء في الحديث : إنما بقيت من الدنيا صبابة كصبابة الإناء ، بالصاد غير معجمة ، هكذا رواه أبو عبيد وغيره . والضب : القبض على الشيء بالكف . ابن شميل : التضبيب شدة القبض على الشيء كيلا ينفلت من يده ; يقال : ضببت عليه تضبيبا . والضب : داء يأخذ في الشفة ، فترم ، أو تجسأ ، أو تسيل دما ; ويقال : تجسأ بمعنى تيبس وتصلب . والضبيبة : سمن ورب يجعل للصبي في العكة يطعمه . وضببته وضببت له : أطعمته الضبيبة ; يقال : ضببوا لصبيكم . وضببت الخشب ونحوه : ألبسته الحديد . والضبة : حديدة عريضة يضبب بها الباب والخشب ، والجمع ضباب ; قال أبو منصور : يقال لها الضبة والكتيفة ; لأنها عريضة كهيئة خلق الضب ، وسميت كتيفة لأنها عرضت على هيئة الكتف . وضب الشيء ضبا : سال كبض . وضبت شفته تضب ضبا وضبوبا : سال منها الدم ، وانحلب ريقها . وقيل : الضب دون السيلان الشديد . وضبت لثته تضب ضبا : انحلب ريقها ; قال :


أبينا أبينا أن تضب لثاتكم     على خرد مثل الظباء ، وجامل

وجاء تضب لثته ، بالكسر ، يضرب ذلك مثلا للحريص على الأمر ; وقال بشر بن أبي خازم :


وبني تميم ، قد لقينا منهم     خيلا ، تضب لثاتها للمغنم

وقال أبو عبيدة : هو قلب تبض أي تسيل وتقطر . وتركت لثته تضب ضبيبا من الدم إذا سالت . وفي الحديث : ( ما زال مضبا مذ اليوم ) أي إذا تكلم ضبت لثاته دما . وضب فمه يضب ضبا : سال ريقه . وضب الماء والدم يضب ، بالكسر ، ضبيبا : سال . وأضببته أنا ، وجاءنا فلان تضب لثته إذا وصف بشدة النهم للأكل والشبق للغلمة ، أو الحرص على حاجته وقضائها ; قال الشاعر :


أبينا أبينا أن تضب لثاتكم     على مرشقات ، كالظباء ، عواطيا

يضرب هذا مثلا للحريص النهم . وفي حديث ابن عمر : أنه كان يفضي بيديه إلى الأرض إذا سجد ، وهما تضبان دما أي تسيلان ; قال : والضب دون السيلان ، يعني أنه لم ير الدم القاطر ناقضا للوضوء . يقال : ضبت لثاته دما أي قطرت . والضبوب من الدواب : التي تبول وهي تعدو ; قال الأعشى :


متى تأتنا ، تعدو بسرجك لقوة     ضبوب ، تحيينا ، ورأسك مائل

وقد ضبت تضب ضبوبا . والضب : ورم في صدر البعير ; قال :


وأبيت كالسراء يربو ضبها     فإذا تحزحز عن عداء ، ضجت

وقيل : هو أن يحز مرفق البعير في جلده ; وقيل : هو أن ينحرف المرفق حتى يقع في الجنب فيخرقه ; قال :


ليس بذي عرك ، ولا ذي ضب

والضب أيضا : ورم يكون في خف البعير ، وقيل في فرسنه ; تقول منه : ضب يضب ، بالفتح ، فهو بعير أضب ، وناقة ضباء بينة الضبب . والتضبب : انفتاق من الإبط وكثرة من اللحم ; تقول : تضبب الصبي أي سمن ، وانفتقت آباطه وقصر عنقه . الأموي : بعير أضب وناقة ضباء بينة الضبب ، وهو وجع يأخذ في الفرسن . وقال العدبس الكناني : الضاغط والضب شيء واحد ، وهما انفتاق من الإبط وكثرة من اللحم . والتضبب : السمن حين يقبل ; قال أبو حنيفة : يكون في البعير والإنسان . وضبب الغلام : شب . والضب والضبة : الطلعة قبل أن تنفلق عن الغريض ، والجمع ضباب ; قال البطين التيمي ، وكان وصافا للنحل :


يطفن بفحال ، كأن ضبابه     بطون الموالي ، يوم عيد ، تغدت

يقول : طلعها ضخم كأنه بطون موال تغدوا فتضلعوا . وضبة : حي من العرب . وضبة بن أد : عم تميم بن مر . الأزهري : في آخر العين مع الجيم : قال مدرك الجعفري : يقال فرقوا لضوالكم بغيانا يضبون لها أي يشمعطون ; فسئل عن ذلك ، فقال : أضبوا لفلان أي تفرقوا في طلبه ; وقد أضب القوم في بغيتهم أي في ضالتهم أي تفرقوا في طلبها . وضب : اسم رجل . وأبو ضب : شاعر من هذيل . والضباب : اسم رجل ، وهو أبو بطن ، سمي بجمع الضب ; قال :


لعمري ! لقد بر الضباب بنوه     وبعض البنين غصة وسعال

والنسب إليه ضبابي ، ولا يرد في النسب إلى واحده ; لأنه جعل اسما للواحد ، كما تقول في النسب إلى كلاب : كلابي . وضباب والضباب : اسم رجل أيضا ، الأول عن الأعرابي ; وأنشد :


نكدت أبا زبينة ، إذ سألنا     بحاجتنا ، ولم ينكد ضباب

وروى بيت امرئ القيس :


وعليك ، سعد بن الضباب     فسمحي سيرا إلى سعد ، عليك بسعد

قال ابن سيده : هكذا أنشده ابن جني ، بفتح الضاد . وأبو ضب من كناهم . والضبيب : فرس معروف من خيل العرب ، وله حديث . وضبيب : اسم واد . وامرأة ضبضب : سمينة . ورجل ضباضب ، بالضم : غليظ سمين قصير فحاش جريء . والضباضب : الرجل الجلد الشديد ، وربما استعمل في البعير . أبو زيد : رجل ضبضب ، وامرأة ضبضبة ، وهو الجريء على ما أتى ; وهو الأبلخ أيضا ، وامرأة بلخاء : وهي الجريئة التي تفخر على جيرانها . وضب : اسم الجبل الذي مسجد الخيف في أصله ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية