صفحة جزء
[ عزا ]

عزا : العزاء : الصبر عن كل ما فقدت ، وقيل : حسنه عزي يعزى عزاء - ممدود - فهو عز ، ويقال : إنه لعزي صبور إذا كان حسن العزاء على المصائب ، وعزاه تعزية - على الحذف والعوض - فتعزى قال سيبويه : لا يجوز غير ذلك . قال أبو زيد : الإتمام أكثر في لسان العرب ، يعني التفعيل من هذا النحو ، وإنما ذكرت هذا ليعلم طريق القياس فيه ، وقيل : عزيته من باب تظنيت ، وقد ذكر تعليله في موضعه ، وتقول : عزيت فلانا أعزيه تعزية ، أي أسيته وضربت له الأسى ، وأمرته بالعزاء فتعزى تعزيا ، أي تصبر تصبرا . وتعازى القوم : عزى بعضهم بعضا - عن ابن جني . والتعزوة : العزاء - حكاه ابن جني عن أبي زيد - اسم لا مصدر ; لأن تفعلة ليست من أبنية المصادر ، والواو هاهنا ياء ، وإنما انقلبت للضمة قبلها كما قالوا الفتوة . وعزا الرجل إلى أبيه عزوا : نسبه ، وإنه لحسن العزوة . قال ابن سيده : وعزاه إلى أبيه عزيا نسبه ، وإنه لحسن العزية - عن اللحياني . يقال : عزوته إلى أبيه وعزيته ، قال الجوهري : والاسم العزاء . وعزا فلان نفسه إلى بني فلان يعزوها عزوا وعزا واعتزى وتعزى ، كله : انتسب ، صدقا كان أو كذبا ، وانتمى إليهم مثله ، والاسم العزوة والنموة ، وهي بالياء أيضا . والاعتزاء : الادعاء والشعار في الحرب منه . والاعتزاء : الانتماء . ويقال : إلى من تعزي هذا الحديث ؟ أي : إلى من تنميه . قال ابن جريج : حدث عطاء بحديث فقيل له : إلى من تعزيه ؟ أي : إلى من تسنده ، وفي رواية : فقلت له : أتعزيه إلى أحد ؟ وفي الحديث : من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا قوله تعزى ، أي انتسب وانتمى . يقال : عزيت الشيء وعزوته أعزيه وأعزوه ، إذا أسندته إلى أحد ، ومعنى قوله : ولا تكنوا ، أي قولوا له : اعضض بأير أبيك ، ولا تكنوا عن الأير بالهن . والعزاء والعزوة : اسم لدعوى المستغيث ، وهو أن يقول : يا لفلان ، أو يا للأنصار ، أو يا للمهاجرين ، قال الراعي :


فلما التقت فرساننا ورجالهم دعوا يا لكعب واعتزينا لعامر

وقول بشر بن أبي خازم :


نعلو القوانس بالسيوف ونعتزي     والخيل مشعرة النحور من الدم

وفي الحديث : من لم يتعز بعزاء الله فليس منا أي : من لم يدع بدعوى الإسلام فيقول : يا لله أو يا للإسلام أو يا للمسلمين ! وفي حديث عمر - رضي الله عنه - أنه قال : يا لله للمسلمين ! قال الأزهري : له وجهان : أحدهما أن لا يتعزى بعزاء الجاهلية ودعوى القبائل ، ولكن يقول : يا للمسلمين ، فتكون دعوة المسلمين واحدة غير منهي عنها ، والوجه الثاني أن معنى التعزي في هذا الحديث التأسي والصبر ، فإذا أصاب المسلم مصيبة تفجعه قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، كما أمره الله ، ومعنى قوله بعزاء الله أي : بتعزية الله إياه ، فأقام الاسم مقام المصدر الحقيقي وهو التعزية ، من عزيت ، كما يقال : أعطيته عطاء ، ومعناه أعطيته إعطاء . وفي الحديث : سيكون للعرب دعوى قبائل ، فإذا كان كذلك فالسيف السيف حتى يقولوا : يا للمسلمين وقال الليث : الاعتزاء : الاتصال في الدعوى إذا كانت حرب ، فكل من ادعى في شعاره : أنا فلان بن فلان ، أو فلان الفلاني ، فقد اعتزى إليه . والعزة : عصبة من الناس ، والجمع عزون . الأصمعي : يقال في الدار عزون ، أي أصناف من الناس . والعزة : الجماعة والفرقة من الناس ، والهاء عوض من الياء ، والجمع عزى على فعل ، وعزون وعزون أيضا بالضم ، ولم يقولوا عزات كما قالوا ثبات ، وأنشد ابن بري للكميت :


ونحن وجندل باغ تركنا     كتائب جندل شتى عزينا

[ ص: 142 ] وقوله تعالى : عن اليمين وعن الشمال عزين معنى عزين حلقا حلقا وجماعة جماعة ، وعزون : جمع عزة ، فكانوا عن يمينه وعن شماله جماعات في تفرقة . وقال الليث : العزة عصبة من الناس فوق الحلقة ونقصانها واو . وفي الحديث : ما لي أراكم عزين ؟ قالوا : هي الحلقة المجتمعة من الناس كأن كل جماعة اعتزاؤها أي : انتسابها واحد ، وأصلها عزوة ، فحذفت الواو وجمعت جمع السلامة على غير قياس كثبين وبرين في جمع ثبة وبرة . وعزة مثل عضة ، أصلها عضوة ، وسنذكرها في موضعها . قال ابن بري : ويأتي عزين بمعنى متفرقين ، ولا يلزم أن يكون من صفة الناس بمنزلة ثبين ، قال : وشاهده ما أنشده الجوهري :


فلما أن أتين على أضاخ     ضرحن حصاه أشتاتا عزينا

، لأنه يريد الحصى ، ومثله قول ابن أحمر البجلي :


حلقت لهازمه عزين ورأسه     كالقرص فرطح من طحين شعير

وعزويت فعليت ، قال ابن سيده : وإنما حكمنا عليه بأنه فعليت لوجود نظيره وهو عفريت ونفريت ، ولا يكون فعويلا ; لأنه لا نظير له ، قال ابن بري : جعله سيبويه صفة ، وفسره ثعلب بأنه القصير . وقال ابن دريد : هو اسم موضع . وبنو عزوان : حي من الجن ، قال ابن أحمر يصف الظليم ، والعرب تقول : إن الظليم من مراكب الجن :


حلقت بنو عزوان جؤجؤه     والرأس غير قنازع زعر

قال الليث : وكلمة شنعاء من لغة أهل الشحر ، يقولون : يعزى ما كان كذا وكذا ، كما نقول نحن : لعمري لقد كان كذا وكذا ، ويعزيك ما كان كذا ، وقال بعضهم : عزوى ، كأنها كلمة يتلطف بها . وقيل : بعزي ، وقد ذكر في عزز ، قال ابن دريد : العزو لغة مرغوب عنها يتكلم بها بنو مهرة بن حيدان ، يقولون : عزوى ، كأنها كلمة يتلطف بها ، وكذلك يقولون يعزى .

التالي السابق


الخدمات العلمية