صفحة جزء
[ عين ]

عين : العين : حاسة البصر والرؤية - أنثى - تكون للإنسان وغيره من الحيوان . قال ابن السكيت : العين التي يبصر بها الناظر ، والجمع أعيان وأعين وأعينات ؛ الأخيرة جمع الجمع والكثير عيون ؛ قال يزيد بن عبد المدان :


ولكنني أغدو علي مفاضة دلاص كأعيان الجراد المنظم



وأنشد ابن بري :


بأعينات لم يخالطها القذى



وتصغير العين عيينة ؛ ومنه قيل ذو العيينتين للجاسوس ، ولا تقل ذو العوينتين . قال ابن سيده : والعين الذي يبعث ليتجسس الخبر ، ويسمى ذا العينين ، ويقال تسميه العرب ذا العينين وذا العوينتين ، كله بمعنى واحد . وزعم اللحياني أن أعينا قد يكون جمع الكثير أيضا ؛ قال الله - عز وجل : أم لهم أعين يبصرون بها وإنما أراد الكثير . وقولهم : بعين ما أرينك ؛ معناه عجل حتى أكون كأني أنظر إليك بعيني . وفي الحديث : أن موسى - عليه السلام - فقأ عين ملك الموت بصكة صكه ؛ قيل : أراد أنه أغلظ له في القول ، يقال : أتيته فلطم وجهي بكلام غليظ ، والكلام الذي قاله له موسى قال : أحرج عليك أن تدنو مني فإني أحرج داري ومنزلي ، فجعل هذا تغليظا من موسى له تشبيها بفقء العين ، وقيل : هذا الحديث مما يؤمن به وبأمثاله ولا يدخل في كيفيته . وقول العرب : إذا سقطت الجبهة نظرت الأرض بإحدى عينيها ، فإذا سقطت الصرفة نظرت بهما جميعا ؛ إنما جعلوا لها عينين على المثل . وقوله - تعالى - : ولتصنع على عيني فسره ثعلب فقال : لتربى من حيث أراك . وفي التنزيل : واصنع الفلك بأعيننا قال ابن الأنباري : قال أصحاب النقل والأخذ بالأثر : الأعين يريد به العين ، قال : وعين الله لا تفسر بأكثر من ظاهرها ، ولا يسع أحدا أن يقول : كيف هي ، أو ما صفتها ؟ وقال بعض المفسرين : بأعيننا بإبصارنا إليك ، وقال غيره : بإشفاقنا عليك ، واحتج بقوله : ولتصنع على عيني أي : لتغذى بإشفاقي . وتقول العرب : على عيني قصدت زيدا ؛ يريدون الإشفاق . والعين : أن تصيب الإنسان بعين . وعان الرجل يعينه عينا ، فهو عائن ، والمصاب معين ، على النقص ، ومعيون ، على التمام : أصابه بالعين . قال الزجاج : المعين المصاب بالعين ، والمعيون الذي فيه عين ؛ قال عباس بن مرداس :


قد كان قومك يحسبونك سيدا     وإخال أنك سيد معيون



وحكى اللحياني : إنك لجميل ولا أعنك ولا أعينك ؛ الجزم على الدعاء ، والرفع على الإخبار ، أي : لا أصيبك بعين . ورجل معيان وعيون : شديد الإصابة بالعين ، والجمع عين وعين ، وما أعينه . وفي الحديث : العين حق وإذا استغسلتم فاغسلوا . يقال : أصابت فلانا عين إذا نظر إليه عدو أو حسود فأثرت فيه فمرض بسببها . وفي الحديث : كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين . وفي الحديث : لا رقية إلا من عين أو حمة ؛ تخصيصه العين والحمة لا يمنع جواز الرقية في غيرهما من الأمراض لأنه أمر بالرقية مطلقا ، ورقى بعض أصحابه من غيرهما ، وإنما معناه لا رقية أولى وأنفع من رقية العين والحمة . وتعين الإبل واعتانها : استشرفها ليعينها ؛ وأنشد ابن الأعرابي :


يزينها للناظر المعتان خيف     قريب العهد بالحيران



أي : إذا كان عهدها قريبا بالولادة كان أضخم لضرعها وأحسن وأشد امتلاء . وتعين الرجل إذا تشوه وتأنى ليصيب شيئا بعينه . وأعانها كاعتانها . ورجل عيون إذا كان نجيء العين يقال : أتيت فلانا فما عين لي بشيء وما عينني بشيء أي : ما أعطاني شيئا . والعين والمعاينة : النظر ، وقد عاينه معاينة وعيانا . ورآه عيانا : لم يشك في رؤيته إياه . ورأيت فلانا عيانا أي : مواجهة . قال ابن سيده : ولقيه عيانا أي : معاينة ، وليس في كل شيء قيل مثل هذا ، لو قلت لحاظا لم يجز ، إنما يحكى من ذلك ما سمع . وتعينت الشيء : أبصرته ؛ قال ذو الرمة :


تخلى فلا تنبو إذا ما تعينت     بها شبحا أعناقها كالسبائك



ورأيت عائنة من أصحابه أي : قوما عاينوني . وهو عبد عين أي : ما دمت تراه فهو كالعبد لك ، وقيل : أي ما دام مولاه يراه فهو فاره وأما بعده فلا ؛ عن اللحياني ؛ قال : وكذلك تصرفه في كل شيء من هذا كقولك هو صديق عين . ويقال للرجل يظهر لك من نفسه ما لا يفي به إذا غاب : هو عبد عين وصديق عين ؛ قال الشاعر :


ومن هو عبد العين أما لقاؤه     فحلو وأما غيبه فظنون



[ ص: 358 ] ونعم الله بك عينا أي : أنعمها . ولقيته أدنى عائنة أي : أدنى شيء تدركه العين . والعين : عظم سواد العين وسعتها . عين يعين عينا وعينة حسنة ؛ الأخيرة عن اللحياني ، وهو أعين وإنه لبين العينة ؛ عن اللحياني ، وإنه لأعين إذا كان ضخم العين واسعها ، والأنثى عيناء ، والجمع منها عين ، وأصله فعل بالضم ؛ ومنه قيل لبقر الوحش عين ، صفة غالبة . قال الله - عز وجل : وحور عين . ورجل أعين : واسع العين بين العين ؛ والعين : جمع عيناء ، وهي الواسعة العين . وفي الحديث : إن في الجنة لمجتمعا للحور العين . وفي الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الكلاب العين ، هي جمع أعين . وحديث اللعان : إن جاءت به أعين أدعج . والثور أعين والبقرة عيناء . قال ابن سيده : ولا يقال ثور أعين ولكن يقال الأعين ، غير موصوف به ، كأنه نقل إلى حد الاسمية . وقال ابن بري : يقال عين الرجل يعين عينا وعينة ، وهو أعين . وعيون البقر : ضرب من العنب بالشام ، ومنهم من لم يخص بالشام ، ولا بغيره ، على التشبيه بعيون البقر من الحيوان ؛ وقال أبو حنيفة : هو عنب أسود ليس بالحالك ، عظام الحب مدحرج يزبب ، وليس بصادق الحلاوة . وثوب معين : في وشيه ترابيع صغار تشبه بعيون الوحش . وثور معين : بين عينيه سواد ؛ أنشد سيبويه :


فكأنه لهق السراة كأنه     ما حاجبيه معين بسواد


والعينة للشاة : كالمحجر للإنسان ، وهو ما حول العين . وشاة عيناء إذا اسود عينتها وابيض سائرها ، وقيل : أو كان بعكس ذلك . وعين الرجل : منظره . والعين : الذي ينظر للقوم ، يذكر ويؤنث ، سمي بذلك لأنه إنما ينظر بعينه ، وكأن نقله من الجزء إلى الكل هو الذي حملهم على تذكيره ، وإلا فإن حكمه التأنيث ؛ قال ابن سيده : وقياس هذا عندي أن من حمله على الجزء فحكمه أن يؤنثه ، ومن حمله على الكل فحكمه أن يذكره ؛ وكلاهما قد حكاه سيبويه ؛ وقول أبي ذؤيب :


ولو أنني استودعته الشمس لارتقت     إليه المنايا عينها ورسولها



أراد نفسها . وكان يجب أن يقول أعينها ورسلها لأن المنايا جمع ، فوضع الواحد موضع الجمع ، وبيت أبي ذؤيب هذا استشهد به الأزهري على قوله : العين الرقيب ، وقال بعد إيراد البيت : يريد رقيبها ؛ وأنشد أيضا لجميل :


رمى الله في عيني بثينة بالقذى     وفي الغر من أنيابها بالقوادح



وقال : معناه في رقيبيها اللذين يرقبانها ويحولان بيني وبينها ، وهذا مكان يحتاج إلى محاققة الأزهري عليه ، وإلا فما الجمع بين الدعاء على رقيبيها وعلى أنيابها ، وفيما ذكره تكلف ظاهر . وفلان عين الجيش : يريدون رئيسه . والاعتيان : الارتياد . وبعثنا عينا أي : طليعة يعتاننا ويعتان لنا أي : يأتينا بالخبر . والمعتان : الذي يبعثه القوم رائدا . حكى اللحياني : ذهب فلان فاعتان لنا منزلا مكلئا فعداه أي : ارتاد لنا منزلا ذا كلإ . وعان لهم : كاعتان ؛ عن الهجري ؛ وأنشد لناهض ابن ثومة الكلابي :


يقاتل مرة ويعين أخرى     ففرت بالصغار وبالهوان



واعتان لنا فلان أي : صار عينا أي : ربيئة ، وربما قالوا عان علينا فلان يعين عيانة أي : صار لهم عينا . وفي الحديث : أنه بعث بسبسة عينا يوم بدر أي : جاسوسا . واعتان له إذا أتاه بالخبر . ومنه حديث الحديبية : كان الله قد قطع عينا من المشركين أي : كفى الله منهم من كان يرصدنا ويتجسس علينا أخبارنا . ويقال : اذهب واعتن لي منزلا أي : ارتده . والعين : الديدبان والجاسوس . وأعيان القوم : أشرافهم وأفاضلهم ، على المثل بشرف العين الحاسة . وابنا عيان : طائران يزجر بهما العرب كأنهم يرون ما يتوقع أو ينتظر بهما عيانا ، وقيل : ابنا عيان خطان يخطان في الأرض يزجر بهما الطير ، وقيل : هما خطان يخطونهما للعيافة ثم يقول الذي يخطهما : ابني عيان أسرعا البيان ؛ وقال الراعي :


وأصفر عطاف إذا راح ربه     جرى ابنا عيان بالشواء المضهب



وإنما سميا ابني عيان لأنهم يعاينون الفوز والطعام بهما ، وقيل : ابنا عيان قدحان معروفان ، وقيل : هما طائران يزجر بهما يكونان في خط الأرض ، وإذا علم أن القامر يفوز قدحه قيل : جرى ابنا عيان . والعين : عين الماء . والعين : التي يخرج منها الماء . والعين : ينبوع الماء الذي ينبع من الأرض ويجري - أنثى ، والجمع أعين وعيون . ويقال : غارت عين الماء . وعين الركية : مفجر مائها ومنبعها . وفي الحديث : خير المال عين ساهرة لعين نائمة ؛ أراد عين الماء التي تجري ولا تنقطع ليلا ونهارا ، وعين صاحبها نائمة فجعل السهر مثلا لجريها ؛ وقوله أنشده ثعلب :


أولئك عين الماء فيهم وعندهم     من الخيفة المنجاة والمتحول



فسره فقال : عين الماء الحياة للناس . وحفرت حتى عنت وأعينت : بلغت العيون ، وكذلك أعان وأعين : حفر فبلغ العيون . وقال الأزهري : حفر الحافر فأعين وأعان أي : بلغ العيون . وعين القناة : مصب مائها . وماء معيون : ظاهر ، تراه العين جاريا على وجه الأرض ؛ وقول بدر بن عامر الهذلي :


ماء يجم لحافر معيون



قال بعضهم : جره على الجوار ، وإنما حكمه معيون بالرفع لأنه نعت لماء ؛ وقال بعضهم : هو مفعول بمعنى فاعل . وماء معين : كمعيون ، وقد اختلف في وزنه فقيل : هو مفعول وإن لم يكن له فعل ، وقيل : هو فعيل من المعن ، وهو الاستقاء ، وقد ذكر في الصحيح . أبو سعيد : عين معيونة لها مادة من الماء ؛ وقال الطرماح :


ثم آلت وهي معيونة من     بطيء الضهل نكز المهامي



أراد أنها طمت ثم آلت أي : رجعت . وعانت البئر عينا : كثر ماؤها . وعان الماء والدمع يعين عينا وعينانا - بالتحريك : جرى وسال .

[ ص: 359 ] وسقاء عين وعين ، والكسر أكثر ، كلاهما إذا سال ماؤه ؛ عن اللحياني ؛ وقيل : العين والعين الجديد ، طائية ؛ قال الطرماح :


قد اخضل منها كل بال وعين     وجف الروايا بالملا المتباطن


وكذلك قربة عين : جديدة ، طائية أيضا ؛ قال :


ما بال عيني كالشعيب العين



وحمل سيبويه عينا على أنه فيعل مما عينه ياء ، وقد كان يمكن أن يكون فوعلا وفعولا من لفظ العين ومعناها ، ولو حكم بأحد هذين المثالين لحمل على مألوف غير منكر ، ألا ترى أن فعولا وفوعلا لا مانع لكل واحد منهما أن يكون في المعتل كما يكون في الصحيح ؟ وأما فيعل - بفتح العين - مما عينه ياء فعزيز ، ثم لم تمنعه عزة ذلك أن حكم بذلك على عين ، وعدل عن أن يحمله على أحد المثالين اللذين كل واحد منهما لا مانع له من كونه في المعتل العين كونه في الصحيحها ، فلا نظير لعين ؛ والجمع عيائن ؛ همزوا لقربها من الطرف . الأصمعي : عينت القربة إذا صببت فيها ماء ليخرج من مخارزها فتنسد آثار الخرز وهي جديدة ، وسربتها كذلك . وقالالفراء : التعين أن يكون في الجلد دوائر رقيقة ؛ قال القطامي :


ولكن الأديم إذا تفرى بلى     وتعينا غلب الصناعا



الجوهري : عينت القربة صببت فيها ماء لتتفتح عيون الخرز فتنسد ؛ قال جرير :


بلى فارفض دمعك غير نزر     كما عينت بالسرب الطبابا



ابن الأعرابي : تعينت أخفاف الإبل إذا نقبت مثل تعين القربة . وتعينت الشخص تعينا إذا رأيته . وعين القبلة : حقيقتها . والعين من السحاب : ما أقبل من ناحية القبلة وعن يمينها ، يعني قبلة العراق . يقال : هذا مطر العين ، ولا يقال مطرنا بالعين . وقال ثعلب : إذا كان المطر من ناحية القبلة فهو مطر العين ، والعين : اسم لما عن يمين قبلة أهل العراق ، وكانت العرب تقول : إذا نشأت السحابة من قبل العين فإنها لا تكاد تخلف أي : من قبل قبلة أهل العراق . وفي الحديث : إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة ، هو من ذلك ، قال : وذلك أخلق للمطر في العادة ؛ وقال : تقول العرب : مطرنا بالعين ، وقيل : العين من السحاب ما أقبل عن القبلة ، وذلك الصقع يسمى العين ؛ وقوله : تشاءمت أي : أخذت نحو الشأم ، والضمير في تشاءمت للسحابة : فتكون بحرية منصوبة ، أو للبحرية فتكون مرفوعة . والعين : مطر أيام لا يقلع ، وقيل : هو المطر يدوم خمسة أيام أو ستة أو أكثر لا يقلع ؛ قال الراعي :


وأنآء حي تحت عين مطيرة     عظام البيوت ينزلون الروابيا



يعني حيث لا تخفى بيوتهم يريدون أن تأتيهم الأضياف . والعين : الناحية . والعين : عين الركبة . وعين الركبة : نقرة في مقدمها ، ولكل ركبة عينان ، وهما نقرتان في مقدمها عند الساق . والعين : عين الشمس ، وعين الشمس : شعاعها الذي لا تثبت عليه العين ، وقيل : العين الشمس نفسها . يقال : طلعت العين وغابت العين ؛ حكاه اللحياني . والعين : المال العتيد الحاضر الناض . ومن كلامهم : عين غير دين . والعين : النقد ؛ يقال : اشتريت العبد بالدين أو بالعين ؛ والعين الدينار كقول أبي المقدام :


حبشي له ثمانون عينا     بين عينيه قد يسوق إفالا



أراد عبدا حبشيا له ثمانون دينارا ، بين عينيه : بين عيني رأسه . والعين : الذهب عامة . قال سيبويه : وقالوا عليه مائة عينا ، والرفع الوجه لأنه يكون من اسم ما قبله ، وهو هو . الأزهري : والعين الدينار . والعين في الميزان : الميل ، قيل : هو أن ترجح إحدى كفتيه على الأخرى ، وهي أنثى . يقال : ما في الميزان عين ، والعرب تقول : في هذا الميزان عين أي : في لسانه ميل قليل أو لم يكن مستويا . ويقولون : هذا دينار عين إذا كان ميالا أرجح بمقدار ما يميل به لسان الميزان . قال الأزهري : وعين سبعة دنانير نصف دانق . والعين عند العرب : حقيقة الشيء . يقال : جاء بالأمر من عين صافية أي : من فصه وحقيقته . وجاء بالحق بعينه أي : خالصا واضحا . وعين كل شيء : خياره . وعين المتاع والمال وعينته : خياره ، وقد اعتانه . وخرج في عينة ثيابه أي : في خيارها . قال الجوهري : وعينة المال خياره مثل العيمة . وهذا ثوب عينة إذا كان حسنا في مرآة العين . واعتان فلان الشيء إذا أخذ عينته وخياره . والعينة : خيار الشيء ، جمعها عين ؛ قال الراجز :


فاعتان منها عينة فاختارها     حتى اشترى بعينه خيارها



واعتان الرجل إذا اشترى الشيء بنسيئة . وعينة الخيل : جيادها ؛ عن اللحياني . وعين الشيء : نفسه وشخصه وأصله ، والجمع أعيان . وعين كل شيء : نفسه وحاضره وشاهده . وفي الحديث : أوه عين الربا أي : ذاته ونفسه . ويقال : هو هو عينا ، وهو هو بعينه ، وهذه أعيان دراهمك ودراهمك بأعيانها ؛ عن اللحياني ، ولا يقال فيها أعين ولا عيون . ويقال : لا أقبل إلا درهمي بعينه ، وهؤلاء إخوتك بأعيانهم ، ولا يقال فيه بأعينهم ، ولا عيونهم . وعين الرجل : شاهده ؛ ومنه قولهم : الفرس الجواد عينه فراره ؛ وفراره إذا رأيته تفرست فيه الجودة من غير أن تفره عن عدو أو غير ذلك . وفي المثل : إن الجواد عينه فراره . ويقال : إن فلانا لكريم عين الكرم . ولا أطلب أثرا بعد عين أي : بعد معاينة ؛ معناه أي : لا أترك الشيء وأنا أعاينه وأطلب أثره بعد أن يغيب عني ، وأصله أن رجلا رأى قاتل أخيه ، فلما أراد قتله قال أفتدي بمائة ناقة ، فقال : لست أطلب أثرا بعد عين ، وقتله . وما بها عين وعين - بنصب الياء - والعين وعائن وعائنة أي : أحد ، وقيل : العين أهل الدار ؛ قال أبو النجم :


تشرب ما في وطبها قبل العين     تعارض الكلب إذا الكلب رشن



والأعيان : الإخوة يكونون لأب وأم ولهم إخوة لعلات . وفي حديث علي - كرم الله وجهه : أن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات ؛ قال : الأعيان ولد الرجل من امرأة واحدة، مأخوذ من عين [ ص: 360 ] الشيء وهو النفيس منه ؛ قال الجوهري : وهذه الأخوة تسمى المعاينة . والأقران : بنو أم من رجال شتى ، وبنو العلات : بنو رجل من أمهات شتى ، وفي النهاية : فإذا كانوا لأم واحدة وآباء شتى فهم الأخياف ؛ ومعنى الحديث : أن الإخوة من الأب والأم يتوارثون دون الإخوة للأب . وعين القوس : التي يقع فيها البندق . وعين عليه : أخبر السلطان بمساويه ، شاهدا كان أو غائبا . وعين فلانا : أخبره بمساويه في وجهه ؛ عن اللحياني . والعين والعينة : الربا . وعين التاجر : أخذ بالعينة أو أعطى بها . والعينة : السلف ، تعين عينة وعينه إياها . والعين : الجماعة ؛ قال جندل بن المثنى :


إذا رآني واحدا أو في عين     يعرفني أطرق إطراق الطحن


الأزهري : يقال عين التاجر يعين تعيينا وعينة قبيحة ، وهي الاسم ، وذلك إذا باع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل معلوم ، ثم اشتراها منه بأقل من الثمن الذي باعها به ، وقد كره العينة أكثر الفقهاء وروي فيها النهي عن عائشة وابن عباس . وفي حديث ابن عباس : أنه كره العينة ؛ قال : فإن اشترى التاجر بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم وقبضها ، ثم باعها من طالب العينة بثمن أكثر مما اشتراه إلى أجل مسمى ، ثم باعها المشتري من البائع الأول بالنقد بأقل من الثمن الذي اشتراها به ، فهذه أيضا عينة ، وهي أهون من الأولى ، وأكثر الفقهاء على إجازتها على كراهة من بعضهم لها ، وجملة القول فيها أنها إذا تعرت من شرط يفسدها فهي جائزة ، وإن اشتراها المتعين بشرط أن يبيعها من بائعها الأول فالبيع فاسد عند جميعهم ، وسميت عينة لحصول النقد لطالب العينة ، وذلك أن العينة اشتقاقها من العين ، وهو النقد الحاضر ويحصل له من فوره ، والمشتري إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه معجلة ؛ وقال الراجز :


وعينه كالكالئ الضمار



يريد بعينه حاضر عطيته ، يقول : فهو كالضمار ، وهو الغائب الذي لا يرجى . وصنع ذلك على عين وعلى عينين وعلى عمد عين وعلى عمد عينين كل ذلك بمعنى واحد أي : عمدا ؛ عن اللحياني . ولقيته قبل كل عائنة وعين أي : قبل كل شيء . ولقيته أول ذي عين وعائنة وأول عين وأول عائنة وأدنى عائنة أي : قبل كل شيء أو أول كل شيء . ولقيته معاينة ولقيته عين عنة ومعاينة ، كل ذلك بمعنى أي : مواجهة ، وقيل : لقيته عين عنة إذا رأيته عيانا ولم يرك . وأعطاه ذلك عين عنة أي : خاصة من بين أصحابه . وفعلت ذلك عمد عين إذا تعمدته بجد ويقين ؛ قال امرؤ القيس :


أبلغا عني الشويعر أني     عمد عين قلدتهن حريما



قال ابن بري : الشويعر يعني به محمد بن حمران ، وكذلك فعلته عمدا على عين ؛ قال خفاف بن ندبة السلمي :


فإن تك خيلي قد أصيب صميمها     فعمدا على عين تيممت مالكا


والعين : طائر أصفر البطن أخضر الظهر بعظم القمري . والعيان : حلقة السنة وجمعها عين . قال ابن سيده : والعيان حلقة على طرف اللومة والسلب والدجرين ، والجمع أعينة وعين ؛ سيبويه : ثقلوا لأن الياء أخف عليهم من الواو ، يعني أنه لا يحمل باب عين على باب خون بالإجماع لخفة الياء وثقل الواو ، ومن قال أزر فخفف ، وهي التميمية لزمه أن يقول عين فيكسر فتصح الياء ، ولم يقولوا عين كراهية الياء الساكنة بعد الضمة . قال الجوهري : والعيان حديدة تكون في متاع الفدان ، والجمع عين ، وهو فعل ، فنقلوا لأن الياء أخف من الواو . قال أبو عمرو : اللومة السنة التي تحرث بها الأرض ، فإذا كانت على الفدان فهي العيان ، وجمعه عين لا غير ؛ قال ابن بري : تكون في متاع الفدان بالتخفيف ، والجمع عين - بضمتين - وإن أسكنت قلت عين مثل رسل ، قال : وقال أبو الحسن الصقلي : الفدان - بالتخفيف - الآلة التي يحرث بها ، والفدان - بالتشديد - المبلغ المعروف . ويقال : عين فلان الحرب بيننا إذا أدرها . وعينة الحرب : مادتها ؛ قال ابن مقبل :


لا تحلب الحرب مني بعد     عينتها إلا علالة سيد مارد سدم



ورأيته بعائنة العدو أي : بحيث تراه عيون العدو . وما رأيت ثم عائنة أي : إنسانا . ورجل عين : سريع البكاء . والمعان : المنزل ، يقال : الكوفة معان منا أي : منزل ومعلم ؛ قال ابن سيده : وقد ذكر في الصحيح لأنه يكون فعالا ومفعلا . وتعين السقاء : رق من القدم ، وقيل : التعين في الجلد أن يكون فيه دوائر رقيقة مثل الأعين ، وليس ذلك بقوي . وسقاء عين ومتعين إذا رق فلم يمسك الماء . يقال : بالجلد عين ، وهو عيب فيه ، تقول منه : تعين الجلد ؛ وأنشد لرؤبة :


ما بال عيني كالشعيب العين     وبعض أعراض الشجون

الشجن دار كرقم الكاتب المرقن

وشعيب عين وعين : يسيل منها الماء ، وقد تقدم ذلك في السقاء . والمعين من الجراد : الذي يسلخ فتراه أبيض وأحمر ؛ وذكر الأزهري في ترجمة ( ينع ) قال : قال أبو الدقيش ضروب الجراد الحرشف والمعين والمرجل والخيفان ، قال : فالمعين الذي ينسلخ فيكون أبيض وأحمر ، والخيفان نحوه ، والمرجل الذي ترى آثار أجنحته ، قال : وغزال شعبان وراعية الأتن ، والكدم من ضروب الجراد ، ويقال له كدم السمر ، وهو الحجل والسرمان والشقير واليعسوب ، وهو حجل أحمر عظيم . وأتيت فلانا وما عين لي بشيء وما عينني بشيء أي : ما أعطاني شيئا ؛ عن اللحياني ، وقيل : معناه لم يدلني على شيء . وعين : موضع ، قال ساعدة بن جؤية :


فالسدر مختلج وغودر طافيا     ما بين عين إلى نباتى الأثأب



وعينونة : موضع . وروى بعضهم في الحديث : عينين - بكسر الأول - جبل بأحد ، وروي عينين - بفتحه ، وهو الجبل الذي قام عليه إبليس يوم أحد فنادى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قتل . وفي حديث عثمان - رضي الله عنه - قال له عبد الرحمن بن عوف يعرض به : إني لم أفر يوم [ ص: 361 ] عينين ، قال عثمان : فلم تعيرني بذنب قد عفا الله عنه ؟ حكى الحديث الهروي في الغريبين . ويقال ليوم أحد : يوم عينين ؛ وهو الجبل الذي أقام عليه الرماة يومئذ ؛ قال الأزهري : وبالبحرين قرية تعرف بعينين ، قال : وقد دخلتها أنا ، وإليها ينسب خليد عينين ، وهو رجل يهاجي جريرا ؛ وأنشد ابن بري :


ونحن منعنا يوم عينين منقرا     ويوم جدود لم نواكل عن الأصل



وعين التمر : موضع . ورأس عين ورأس العين : موضع بين حران ونصيبين ، وقيل : بين ربيعة ومضر ؛ قال المخبل :


وأنكحت هزالا خليدة بعدما     زعمت برأس العين أنك قاتله



ابن السكيت : يقال قدم فلان من رأس عين ، ولا يقال من رأس العين . وحكى ابن بري عن ابن درستويه : رأس عين قرية فوق نصيبين ؛ وأنشد :


نصيبين بها إخوان صدق     ولم أنس الذين برأس عين



وقال ابن حمزة : لا يقال فيها إلا رأس العين - بالألف واللام ؛ وأنشد بيت المخبل ، وقد تقدم آنفا ؛ وأنشد أيضا لامرأة قتل الزبرقان زوجها :


تجلل خزيها عوف بن كعب     فليس لخلفها منه اعتذار
برأس العين قاتل من أجرتم     من الخابور مرتعه السرار



وعيينة : اسم موضع . وعينان : اسم موضع بشق البحرين كثير النخل ؛ قال الراعي :


يحث بهن الحاديان كأنما     يحثان جبارا بعينين مكرعا



والعين : حرف هجاء ، وهو حرف مجهور ، يكون أصلا ويكون بدلا كقول ذي الرمة :

أعن ترسمت من خرقاء منزلة ماء الصبابة من عينيك مسجوم

يريد : أن ؛ قال ابن جني : وزن عين فعل ، ولا يجوز أن يكون فيعلا كميت وهين ولين ، ثم حذفت عين الفعل منه ؛ لأن ذلك هنا لا يحسن من قبل أن هذه حروف جوامد بعيدة عن الحذف والتصرف ، وكذلك الغين . وعين عينا حسنة : عملها ؛ عن ثعلب . وعائنة بني فلان : أموالهم ورعيانهم . وبلد قليل العين أي : قليل الناس . وأسود العين : جبل ؛ قال الفرزدق :


إذا زال عنكم أسود العين كنتم     كراما وأنتم ما أقام ألائم



وفي حديث الحجاج : قال للحسن والله لعينك أكبر من أمدك ؛ يعني شاهدك ومنظرك أكبر من سنك وأكثر في أمد عمرك . وعين كل شيء : شاهده وحاضره . ويقال : أنت على عيني في الإكرام والحفظ جميعا ؛ قال - تعالى : ولتصنع على عيني . وروى المنذري عن أحمد بن يحيى قال : يقال أصابته من الله عين . وفي حديث عمر - رضي الله عنه : أن رجلا كان ينظر في الطواف إلى حرم المسلمين فلطمه علي - رضي الله عنه - فاستعدى عليه عمر فقال : ضربك بحق أصابته عين من عيون الله - عز وجل ؛ أراد خاصة من خواص الله ووليا من أوليائه ؛ وأنشدنا :


فما الناس أردوه ولكن أصابه     يد الله والمستنصر الله غالب



وأما حديث عائشة - رضي الله عنها : اللهم عين على سارق أبي بكر أي : أظهر عليه سرقته . يقال : عينت على السارق تعيينا إذا خصصته من بين المتهمين من عين الشيء نفسه وذاته ، وأما حديث علي - كرم الله وجهه : أنه قاس العين ببيضة جعل عليها خطوطا وأراها إياه ، وذلك في العين تضرب بشيء يضعف منه بصرها فيعرف ما نقص منها ببيضة تخط عليها خطوط سود أو غيرها ، وتنصب على مسافة تدركها العين الصحيحة ، ثم تنصب على مسافة تدركها العين العليلة ، ويعرف ما بين المسافتين فيكون ما يلزم الجاني بنسبة ذلك من الدية ؛ وقال ابن عباس : لا تقاس العين في يوم غيم لأن الضوء يختلف يوم الغيم في الساعة الواحدة ولا يصح القياس . وتعين عليه الشيء : لزمه بعينه . وشرب من عائن أي : من ماء سائل . وتعيين الشيء : تخصيصه من الجملة . والمعين : فحل ثور ؛ قال جابر بن حريش :


ومعينا يحوي الصوار كأنه     متخمط قطم إذا ما بربرا


وعينت اللؤلؤة ثقبتها ، والله - تعالى - أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية