صفحة جزء
[ غرب ]

غرب : الغرب والمغرب : بمعنى واحد . ابن سيده : الغرب خلاف الشرق ، وهو المغرب . وقوله تعالى : رب المشرقين ورب المغربين أحد المغربين : أقصى ما تنتهي إليه الشمس في الصيف ، والآخر : أقصى ما تنتهي إليه في الشتاء ، وأحد المشرقين : أقصى ما تشرق منه الشمس في الصيف ، وأقصى ما تشرق منه في الشتاء ؛ وبين المغرب الأقصى والمغرب الأدنى مائة وثمانون مغربا ، وكذلك بين المشرقين . التهذيب : للشمس مشرقان ومغربان : فأحد مشرقيها أقصى المطالع في الشتاء : والآخر أقصى مطالعها في القيظ ، وكذلك أحد مغربيها أقصى المغارب في الشتاء وكذلك في الجانب الآخر . وقوله جل ثناؤه : فلا أقسم برب المشارق والمغارب جمع لأنه أريد أنها تشرق كل يوم من موضع ، وتغرب في موضع ، إلى انتهاء السنة . وفي التهذيب : أراد مشرق كل يوم ومغربه ، فهي مائة وثمانون مشرقا ، ومائة وثمانون مغربا . والغروب : غيوب الشمس . غربت الشمس تغرب غروبا ومغيربانا : غابت في المغرب ؛ وكذلك غرب النجم ، وغرب . ومغربان الشمس : حيث تغرب . ولقيته مغرب الشمس ومغيربانها ومغيرباناتها أي عند غروبها . وقولهم : لقيته مغيربان الشمس ، صغروه على غير مكبرة كأنهم صغروا مغربانا ؛ والجمع : مغيربانات ، كما قالوا : مفارق الرأس ، كأنهم جعلوا ذلك الحيز أجزاء ، كلما تصوبت الشمس ذهب منها جزء ، فجمعوه على ذلك . وفي الحديث : ألا إن مثل آجالكم في آجال الأمم قبلكم ، كما بين صلاة العصر إلى مغيربان الشمس أي إلى وقت مغيبها . والمغرب في الأصل : موضع الغروب ثم استعمل في المصدر والزمان ، وقياسه الفتح ، ولكن استعمل بالكسر كالمشرق والمسجد . وفي حديث أبي سعيد : خطبنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى مغيربان الشمس . والمغرب : الذي يأخذ في ناحية المغرب ؛ قال قيس بن الملوح :


وأصبحت من ليلى ، الغداة ، كناظر مع الصبح في أعقاب نجم مغرب

وقد نسب المبرد هذا البيت إلى أبي حية النميري . وغرب القوم : ذهبوا في المغرب ؛ وأغربوا : أتوا الغرب ؛ وتغرب : أتى من قبل الغرب . والغربي من الشجر : ما أصابته الشمس بحرها عند أفولها . وفي التنزيل العزيز : زيتونة لا شرقية ولا غربية . والغرب : الذهاب والتنحي عن الناس . وقد غرب عنا يغرب غربا وغرب وأغرب وغربه ، وأغربه : نحاه . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أمر بتغريب الزاني سنة إذا لم يحصن ؛ وهو نفيه عن بلده . والغربة والغرب : النوى والبعد ، وقد تغرب ، قال ساعدة بن جؤية يصف سحابا :


ثم انتهى بصري وأصبح جالسا     منه لنجد ، طائف متغرب

وقيل : متغرب هنا أي من قبل المغرب . ويقال : غرب في الأرض وأغرب إذا أمعن فيها ؛ قال ذو الرمة :


أدنى تقاذفه التغريب والخبب

ويروى التقريب . ونوى غربة : بعيدة . وغربة النوى : بعدها ؛ قال الشاعر :


وشط ولي النوى ، إن النوى قذف     تياحة غربة بالدار أحيانا

النوى : المكان الذي تنوي أن تأتيه في سفرك . ودارهم غربة : نائية . وأغرب القوم : انتووا . وشأو مغرب ومغرب ، بفتح الراء : بعيد ؛ قال الكميت :


عهدك من أولى الشبيبة تطلب     على دبر هيهات شأو مغرب

وقالوا : هل أطرفتنا من مغربة خبر ؟ أي هل من خبر جاء من بعد ؟ وقيل إنما هو : هل من مغربة خبر ؟ وقال يعقوب : إنما هو هل جاءتك مغربة خبر ؟ يعني الخبر الذي يطرأ عليك من بلد سوى بلدك . وقال ثعلب : ما عنده من مغربة خبر ، تستفهمه أو تنفي ذلك عنه أي طريفة . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أنه قال لرجل قدم عليه من بعض الأطراف : هل من مغربة خبر ؟ أي هل من خبر جديد جاء من بلد بعيد ؟ قال أبو عبيد : يقال بكسر الراء وفتحها ، مع الإضافة فيهما . وقالها الأموي ، بالفتح ، وأصله فيما نرى من الغرب ، وهو البعد ؛ ومنه قيل : دار فلان غربة . والخبر المغرب : الذي جاء غريبا حادثا طريفا . والتغريب : النفي عن البلد . وغرب أي بعد ؛ ويقال : اغرب عني ؛ أي تباعد ؛ ومنه الحديث : أنه أمر بتغريب الزاني ، التغريب : النفي عن البلد الذي وقعت الجناية فيه . يقال : أغربته وغربته إذا نحيته وأبعدته . والتغرب : البعد . وفي الحديث : أن رجلا قال له : إن امرأتي لا ترد يد لامس فقال : غربها أي أبعدها ؛ يريد الطلاق . وغربت الكلاب : أمعنت في طلب الصيد . وغربه وغرب عليه : تركه بعدا . والغربة والغرب : النزوح عن الوطن والاغتراب ؛ قال المتلمس :


ألا أبلغا أفناء سعد بن مالك     رسالة من قد صار ، في الغرب ، جانبه

والاغتراب والتغرب كذلك ؛ تقول منه : تغرب واغترب وقد غربه الدهر . ورجل غرب ، بضم الغين والراء ، وغريب : بعيد عن وطنه ؛ الجمع غرباء والأنثى غريبة ؛ قال :


إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة     سهيل أذاعت غزلها في الغرائب

أي فرقته بينهن ؛ وذلك أن أكثر من يغزل بالأجرة إنما هي غريبة . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سئل عن الغرباء ، فقال : الذين يحيون ما أمات الناس من سنتي . وفي حديث آخر : إن الإسلام بدأ غريبا ، وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء أي إنه كان في أول أمره كالغريب الوحيد الذي لا أهل له عنده ، لقلة المسلمين يومئذ ؛ وسيعود غريبا كما كان أي يقل المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغرباء ، فطوبى للغرباء ؛ أي الجنة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أول الإسلام ، ويكونون في آخره ؛ وإنما خصهم بها لصبرهم على أذى الكفار أولا وآخرا ، ولزومهم دين الإسلام . وفي حديث آخر : أمتي [ ص: 24 ] كالمطر لا يدرى أولها خير أو آخرها . قال : وليس شيء من هذه الأحاديث مخالفا للآخر ، وإنما أراد أن أهل الإسلام حين بدأ كانوا قليلا وهم في آخر الزمان يقلون إلا أنهم خيار . ومما يدل على هذا المعنى الحديث الآخر : خيار أمتي أولها وآخرها ، وبين ذلك ثبج أعوج ليس منك ولست منه . ورحى اليد يقال لها : غريبة ؛ لأن الجيران يتعاورونها بينهم ؛ وأنشد بعضهم :


كأن نفي ما تنفي يداها     نفي غريبة بيدي معين

والمعين : أن يستعين المدير بيد رجل أو امرأة ، يضع يده على يده إذا أدارها . واغترب الرجل : نكح في الغرائب ، وتزوج إلى غير أقاربه . وفي الحديث : اغتربوا لا تضووا أي لا يتزوج الرجل القرابة القريبة ، فيجيء ولده ضاويا . والاغتراب : افتعال من الغربة ؛ أراد : تزوجوا إلى الغرائب من النساء غير الأقارب ، فإنه أنجب للأولاد . ومنه حديث المغيرة : ولا غريبة نجيبة ؛ أي أنها مع كونها غريبة ، فإنها غير نجيبة الأولاد . وفي الحديث : إن فيكم مغربين ؛ قيل : وما مغربون ؟ قال : الذين يشترك فيهم الجن سموا مغربين لأنه دخل فيهم عرق غريب ، أو جاءوا من نسب بعيد ؛ وقيل : أراد بمشاركة الجن فيهم أمرهم إياهم بالزنا ، وتحسينه لهم ، فجاء أولادهم عن غير رشدة ، ومنه قوله تعالى : وشاركهم في الأموال والأولاد . ابن الأعرابي : التغريب أن يأتي ببنين بيض ، والتغريب أن يأتي ببنين سود ، والتغريب أن يجمع الغراب ، وهو الجليد والثلج ، فيأكله . وأغرب الرجل : صار غريبا ؛ حكاه أبو نصر . وقدح غريب : ليس من الشجر التي سائر القداح منها . ورجل غريب : ليس من القوم ؛ ورجل غريب وغرب أيضا ، بضم الغين والراء ، وتثنيته غربان ؛ قال طهمان بن عمرو الكلابي :


وإني والعبسي في أرض مذحج     غريبان ، شتى ، الدار مختلفان
وما كان غض الطرف منا سجية     ولكننا في مذحج غربان

والغرباء : الأباعد . أبو عمرو : رجل غريب وغريبي وشصيب وطاري وإتاوي ، بمعنى . والغريب : الغامض من الكلام ؛ وكلمة غريبة ، وقد غربت ، وهو من ذلك . وفرس غرب : مترام بنفسه متتابع في حضره ، لا ينزع حتى يبعد بفارسه . وغرب الفرس : حدته ، وأول جريه ؛ تقول : كففت من غربه ، قال النابغة الذبياني :


والخيل تمزع غربا في أعنتها     كالطير ينجو من الشؤبوب ذي البرد

قال ابن بري : صواب إنشاده : والخيل ، بالنصب ؛ لأنه معطوف على المائة من قوله :


الواهب المائة الأبكار زينها     سعدان توضح في أوبارها اللبد

والشؤبوب : الدفعة من المطر الذي يكون فيه البرد . والمزع : سرعة السير . والسعدان : تسمن عنه الإبل ، وتغزر ألبانها ، ويطيب لحمها . وتوضح : موضع . واللبد : ما تلبد من الوبر ، الواحدة لبدة ، التهذيب : يقال كف من غربك أي من حدتك . والغرب : حد كل شيء ، وغرب كل شيء حده ؛ وكذلك غرابه . وفرس غرب : كثير العدو ؛ قال لبيد :


غرب المصبة ، محمود مصارعه     لاهي النهار لسير الليل محتقر

أراد بقوله غرب المصبة : أنه جواد واسع الخير والعطاء عند المصبة ، أي عند إعطاء المال ، يكثره كما يصب الماء . وعين غربة : بعيدة المطرح . وإنه لغرب العين أي بعيد مطرح العين ؛ والأنثى غربة العين ؛ وإياها عنى الطرماح بقوله :


ذاك أم حقباء بيدانة     غربة العين جهاد المسام

وأغرب الرجل : جاء بشيء غريب . وأغرب عليه ، وأغرب به : صنع به صنعا قبيحا . الأصمعي : أغرب الرجل في منطقه إذا لم يبق شيئا إلا تكلم به . وأغرب الفرس في جريه : وهو غاية الإكثار . وأغرب الرجل إذا اشتد وجعه من مرض أو غيره . قال الأصمعي وغيره : وكل ما واراك وسترك ، فهو مغرب ؛ وقال ساعدة الهذلي :


موكل بسدوف الصوم ، يبصرها     من المغارب ، مخطوف الحشا زرم

وكنس الوحش : مغاربها ، لاستتارها بها . وعنقاء مغرب ومغربة ، وعنقاء مغرب على الإضافة ، عن أبي علي : طائر عظيم يبعد في طيرانه ؛ وقيل : هو من الألفاظ الدالة على غير معنى . التهذيب : والعنقاء المغرب ؛ قال : هكذا جاء عن العرب بغير هاء ، وهي التي أغربت في البلاد ، فنأت ولم تحس ولم تر . وقال أبو مالك : العنقاء المغرب رأس الأكمة في أعلى الجبل الطويل ؛ وأنكر أن يكون طائرا ؛ وأنشد :


وقالوا : الفتى ابن الأشعرية ، حلقت     به ، المغرب العنقاء ، إن لم يسدد

ومنه قالوا : طارت به العنقاء المغرب ؛ قال الأزهري : حذفت هاء التأنيث منها كما قالوا : لحية ناصل وناقة ضامر وامرأة عاشق . وقال الأصمعي : أغرب الرجل إغرابا إذا جاء بأمر غريب . وأغرب الدابة إذا اشتد بياضه ، حتى تبيض محاجره وأرفاغه ، وهو مغرب . وفي الحديث : طارت به عنقاء مغرب أي ذهبت به الداهية . والمغرب : المبعد في البلاد . وأصابه سهم غرب وغرب إذا كان لا يدري من رماه . وقيل : إذا أتاه من حيث لا يدري ؛ وقيل : إذا تعمد به غيره فأصابه ؛ وقد يوصف به ، وهو يسكن ويحرك ، ويضاف ولا يضاف ، وقال الكسائي والأصمعي : بفتح الراء ؛ وكذلك سهم غرض . وفي الحديث : أن رجلا كان واقفا معه في غزاة ، فأصابه سهم غرب أي لا يعرف راميه ؛ يقال : سهم غرب وسهم غرب ، بفتح الراء وسكونها ، بالإضافة وغير الإضافة ؛ وقيل : هو بالسكون إذا أتاه من حيث لا يدري ، وبالفتح إذا رماه فأصاب غيره . قال ابن الأثير والهروي : لم يثبت عن الأزهري إلا الفتح . والغرب والغربة : [ ص: 25 ] الحدة . ويقال لحد السيف : غرب . ويقال : في لسانه غرب أي حدة . وغرب اللسان : حدته . وسيف غرب : قاطع حديد ؛ قال الشاعر يصف سيفا :


غربا سريعا في العظام الخرس

ولسان غرب : حديد . وغرب الفرس : حدته . وفي حديث ابن عباس ذكر الصديق ، فقال : كان والله برا تقيا يصادى غربه ؛ وفي رواية : يصادى منه غرب ؛ الغرب : الحدة ؛ ومنه غرب السيف ؛ أي كانت تدارى حدته وتتقى ؛ ومنه حديث عمر : فسكن من غربه ؛ وفي حديث عائشة ، قالت عن زينب ، رضي الله عنها : كل خلالها محمود ، ما خلا سورة من غرب ، كانت فيها ؛ وفي حديث الحسن : سئل عن القبلة للصائم ، فقال : إني أخاف عليك غرب الشباب أي حدته . والغرب : النشاط والتمادي . واستغرب في الضحك ، واستغرب : أكثر منه . وأغرب : اشتد ضحكه ولج فيه . واستغرب عليه الضحك ، كذلك . وفي الحديث : أنه ضحك حتى استغرب أي بالغ فيه . يقال : أغرب في ضحكه ، واستغرب وكأنه من الغرب البعد ؛ وقيل : هو القهقهة . وفي حديث الحسن : إذا استغرب الرجل ضحكا في الصلاة ، أعاد الصلاة ؛ قال : وهو مذهب أبي حنيفة ، ويزيد عليه إعادة الوضوء . وفي دعاء ابن هبيرة : أعوذ بك من كل شيطان مستغرب ، وكل نبطي مستعرب ؛ قال الحربي : أظنه الذي جاوز القدر في الخبث ، كأنه من الاستغراب في الضحك ، ويجوز أن يكون بمعنى المتناهي في الحدة ، من الغرب : وهي الحدة ؛ قال الشاعر :


فما يغربون الضحك إلا تبسما     ولا ينسبون القول إلا تخافيا

شمر : أغرب الرجل إذا ضحك حتى تبدو غروب أسنانه . والغرب : الراوية التي يحمل عليها الماء . والغرب : دلو عظيمة من مسك ثور ، مذكر ، وجمعه غروب . الأزهري ، الليث : الغرب يوم السقي ؛ وأنشد :


في يوم غرب ، وماء البئر مشترك

قال : أراه أراد بقوله في يوم غرب أي في يوم يسقى فيه بالغرب ، وهو الدلو الكبير ، الذي يستقى به على السانية ؛ ومنه قول لبيد :


فصرفت قصرا ، والشؤون كأنها     غرب ، تخب به القلوص ، هزيم

وقال الليث : الغرب في بيت لبيد : الراوية ، وإنما هو الدلو الكبيرة . وفي حديث الرؤيا : فأخذ الدلو عمر ، فاستحالت في يده غربا ؛ الغرب ، بسكون الراء : الدلو العظيمة التي تتخذ من جلد ثور ، فإذا فتحت الراء ، فهو الماء السائل بين البئر والحوض ، وهذا تمثيل ؛ قال ابن الأثير : ومعناه أن عمر لما أخذ الدلو ليستقي عظمت في يده ؛ لأن الفتوح كان في زمنه أكثر منها في زمن أبي بكر ، رضي الله عنهما . ومعنى استحالت : انقلبت عن الصغر إلى الكبر . وفي حديث الزكاة : وما سقي بالغرب ، ففيه نصف العشر . وفي الحديث : لو أن غربا من جهنم جعل في الأرض ، لآذى نتن ريحه وشدة حره ما بين المشرق والمغرب . والغرب : عرق في مجرى الدمع يسقي ولا ينقطع وهو كالناسور ؛ وقيل : هو عرق في العين لا ينقطع سقيه . قال الأصمعي : يقال : بعينه غرب إذا كانت تسيل ، ولا تنقطع دموعها . والغرب : مسيل الدمع ، والغرب : انهماله من العين . والغروب : الدموع حين تخرج من العين ؛ قال :


ما لك لا تذكر أم عمرو     إلا لعينيك غروب تجري

واحدها غرب . والغروب أيضا : مجاري الدمع ؛ وفي التهذيب : مجاري العين . وفي حديث الحسن : ذكر ابن عباس فقال : كان مثجا يسيل غربا . الغرب : أحد الغروب ، وهي الدموع حين تجري . يقال : بعينه غرب إذا سال دمعها ، ولم ينقطع ، فشبه به غزارة علمه ، وأنه لا ينقطع مدده وجريه . وكل فيضة من الدمع : غرب ؛ وكذلك هي من الخمر . واستغرب الدمع : سال . وغربا العين : مقدمها ومؤخرها . وللعين غربان : مقدمها ومؤخرها . والغرب : بثرة تكون في العين ، تغذ ولا ترقأ . وغربت العين غربا : ورم مأقها . وبعينه غرب إذا كانت تسيل ، فلا تنقطع دموعها . والغرب ، محرك : الخدر في العين ، وهو السلاق . وغرب الفم : كثرة ريقه وبلله ؛ وجمعه : غروب . وغروب الأسنان : مناقع ريقها ؛ وقيل : أطرافها وحدتها وماؤها ؛ قال عنترة :


إذ تستبيك بذي غروب واضح     عذب مقبله لذيذ المطعم

وغروب الأسنان : الماء الذي يجري عليها ؛ الواحد : غرب . وغروب الثنايا : حدها وأشرها . وفي حديث النابغة : ترف غروبه ، هي جمع غرب ، وهو ماء الفم ، وحدة الأسنان . والغرب : الماء الذي يسيل من الدلو ؛ وقيل : هو كل ما انصب من الدلو ، من لدن رأس البئر إلى الحوض . وقيل : الغرب الماء الذي يقطر من الدلاء بين البئر والحوض ، وتتغير ريحه سريعا ؛ وقيل : هو ما بين البئر والحوض ، أو حولهما من الماء والطين ؛ قال ذو الرمة :


وأدرك المتبقى من ثميلته     ومن ثمائلها واستنشئ الغرب

وقيل : هو ريح الماء والطين لأنه يتغير ريحه سريعا . ويقال للدالج بين البئر والحوض : لا تغرب أي لا تدفق الماء بينهما فتوحل . وأغرب الحوض والإناء : ملأهما ؛ وكذلك السقاء ؛ قال بشر ابن أبي خازم :


وكأن ظعنهم ، غداة تحملوا     سفن تكفأ في خليج مغرب

وأغرب الساقي إذا أكثر الغرب . والإغراب : كثرة المال ، وحسن الحال من ذلك ، كأن المال يملأ يدي مالكه ، وحسن الحال يملأ نفس ذي الحال ؛ قال عدي بن زيد العبادي :


أنت مما لقيت ، يبطرك الإغ     راب ، بالطيش معجب محبور

والغرب : الخمر ؛ قال :

[ ص: 26 ]

دعيني أصطبح غربا فأغرب     مع الفتيان إذ صبحوا ، ثمودا

والغرب : الذهب ؛ وقيل : الفضة ؛ قال الأعشى :


إذا انكب أزهر بين السقاة     تراموا به غربا أو نضارا

نصب غربا على الحال ، وإن كان جوهرا ، وقد يكون تمييزا . ويقال الغرب : جام فضة ؛ قال الأعشى :


فدعدعا سرة الركاء ، كما     دعدع ساقي الأعاجم الغربا

قال ابن بري : هذا البيت للبيد ، وليس للأعشى ، كما زعم الجوهري ، والركاء بفتح الراء : موضع قال : ومن الناس من يكسر الراء والفتح أصح . ومعنى دعدع : ملأ . وصف ماءين التقيا من السيل ، فملأ سرة الركاء كما ملأ ساقي الأعاجم قدح الغرب خمرا ؛ قال : وأما بيت الأعشى الذي وقع فيه الغرب بمعنى الفضة فهو قوله :


تراموا به غربا أو نضارا

والأزهر : إبريق أبيض يعمل فيه الخمر ، وانكبابه إذا صب منه في القدح . وتراميهم بالشراب : هو مناولة بعضهم بعضا أقداح الخمر . والغرب : الفضة . والنضار : الذهب . وقيل : الغرب والنضار : ضربان من الشجر تعمل منهما الأقداح . التهذيب : الغرب شجر تسوى منه الأقداح البيض ؛ والنضار : شجر تسوى منه أقداح صفر ، الواحدة : غربة وهي شجرة ضخمة شاكة خضراء ، وهي التي يتخذ منها الكحيل ، وهو القطران ، حجازية . قال الأزهري : والأبهل هو الغرب لأن القطران يستخرج منه . ابن سيده : والغرب ، بسكون الراء : شجرة ضخمة شاكة خضراء حجازية ، وهي التي يعمل منها الكحيل الذي تهنأ به الإبل ، واحدته غربة . والغرب : القدح ، والجمع أغراب ؛ قال الأعشى :


باكرته الأغراب في سنة النو     م ، فتجري خلال شوك السيال

ويروى باكرتها . والغرب : ضرب من الشجر ، واحدته غربة ؛ قاله الجوهري ؛ وأنشد :


عودك عود النضار لا الغرب

قال : وهو اسبيددار ، بالفارسية . والغرب : داء يصيب الشاة ، فيتمعط خرطومها ، ويسقط منه شعر العين ، والغرب في الشاة : كالسعف في الناقة ؛ وقد غربت الشاة ، بالكسر . والغارب : الكاهل من الخف ، وهو ما بين السنام والعنق ، ومنه قولهم : حبلك على غاربك . وكانت العرب إذا طلق أحدهم امرأته ، في الجاهلية ، قال لها : حبلك على غاربك أي خليت سبيلك فاذهبي حيث شئت . قال الأصمعي : وذلك أن الناقة إذا رعت وعليها خطامها ، ألقي على غاربها وتركت ليس عليها خطام ؛ لأنها إذا رأت الخطام لم يهنها المرعى . قال : معناه أمرك إليك ، اعملي ما شئت . والغارب : أعلى مقدم السنام ، وإذا أهمل البعير طرح حبله على سنامه ، وترك يذهب حيث شاء . وتقول : أنت مخلى كهذا البعير ، لا يمنع من شيء ، فكان أهل الجاهلية يطلقون بهذا . وفي حديث عائشة ، رضي الله عنها ، قالت ليزيد بن الأصم : رمي برسنك على غاربك ؛ أي خلي سبيلك ، فليس لك أحد يمنعك عما تريد ؛ تشبيها بالبعير يوضع زمامه على ظهره ، ويطلق يسرح أين أراد في المرعى . وورد في الحديث في كنايات الطلاق : حبلك على غاربك أي أنت مرسلة مطلقة ، غير مشدودة ولا ممسكة بعقد النكاح . والغاربان : مقدم الظهر ومؤخره . وغوارب الماء : أعاليه ؛ وقيل : أعالي موجه ؛ شبه بغوارب الإبل . وقيل : غارب كل شيء أعلاه . الليث : الغارب أعلى الموج ، وأعلى الظهر . والغارب : أعلى مقدم السنام . وبعير ذو غاربين إذا كان ما بين غاربي سنامه متفتقا ، وأكثر ما يكون هذا في البخاتي التي أبوها الفالج وأمها عربية . وفي حديث الزبير : فما زال يفتل في الذروة والغارب حتى أجابته عائشة إلى الخروج . الغارب : مقدم السنام ؛ والذروة أعلاه . أراد : أنه ما زال يخادعها ويتلطفها حتى أجابته ؛ والأصل فيه : أن الرجل إذا أراد أن يؤنس البعير الصعب ، ليزمه وينقاد له ، جعل يمر يده عليه ، ويمسح غاربه ، ويفتل وبره حتى يستأنس ، ويضع فيه الزمام . والغرابان : طرفا الوركين الأسفلان اللذين يليان أعالي الفخذين ؛ وقيل : هما : رؤوس الوركين وأعالي فروعهما ؛ وقيل : بل هما عظمان رقيقان أسفل من الفراشة . وقيل : هما عظمان شاخصان ، يبتدان الصلب . والغرابان من الفرس والبعير : حرفا الوركين الأيسر والأيمن اللذين فوق الذنب ، حيث التقى رأسا الورك اليمنى واليسرى ، والجمع غربان ؛ قال الراجز :


يا عجبا للعجب العجاب     خمسة غربان على غراب

وقال ذو الرمة :


وقربن بالزرق الحمائل ، بعد ما     تقوب عن غربان أوراكها ، الخطر

أراد : تقوبت غربانها عن الخطر ، فقلبه لأن المعنى معروف ؛ كقولك : لا يدخل الخاتم في إصبعي أي لا يدخل إصبعي في خاتمي . وقيل : الغربان أوراك الإبل أنفسها ؛ أنشد ابن الأعرابي :


سأرفع قولا للحصين ومنذر     تطير به الغربان شطر المواسم

قال : الغربان هنا أوراك الإبل أي تحمله الرواة إلى المواسم . والغربان : غربان الإبل ، والغرابان : طرفا الورك اللذان يكونان خلف القطاة ؛ والمعنى : أن هذا الشعر يذهب به على الإبل إلى المواسم ، وليس يريد الغربان دون غيرها ؛ وهذا كما قال الآخر :


وإن عتاق العيس ، سوف يزوركم     ثنائي على أعجازهن معلق

فليس يريد الأعجاز دون الصدور . وقيل : إنما خص الأعجاز والأوراك لأن قائلها جعل كتابها في قعبة احتقبها ، وشدها على عجز بعيره . والغراب : حد الورك الذي يلي الظهر . والغراب : الطائر الأسود ، والجمع أغربة وأغرب وغربان وغرب ؛ قال :


وأنتم خفاف مثل أجنحة الغرب

وغرابين : جمع الجمع . والعرب تقول : فلان أبصر من غراب ، [ ص: 27 ] وأحذر من غراب ، وأزهى من غراب ، وأصفى عيشا من غراب ، وأشد سوادا من غراب . وإذا نعتوا أرضا بالخصب ، قالوا : وقع في أرض لا يطير غرابها . ويقولون : وجد تمرة الغراب ؛ وذلك أنه يتبع أجود التمر فينتقيه . ويقولون : أشأم من غراب ، وأفسق من غراب . ويقولون : طار غراب فلان إذا شاب رأسه ؛ ومنه قوله :


ولما رأيت النسر عز ابن داية

أراد بابن داية الغراب . وفي الحديث : أنه غير اسم غراب لما فيه من البعد ، ولأنه من أخبث الطيور . وفي حديث عائشة لما نزل قوله تعالى : وليضربن بخمرهن على جيوبهن : فأصبحن على رؤوسهن الغربان . شبهت الخمر في سوادها بالغربان ، جمع غراب ؛ كما ؛ قال الكميت :


كغربان الكروم الدوالج

وقوله :


زمان علي غراب غداف     فطيره الشيب عني فطارا

إنما عنى به شدة سواد شعره زمان شبابه . وقوله : فطيره الشيب لم يرد أن جوهر الشعر زال ، لكنه أراد أن السواد أزاله الدهر فبقي الشعر مبيضا . وغراب غارب على المبالغة ، كما قالوا : شعر شاعر ، وموت مائت ؛ قال رؤبة :


فازجر من الطير الغراب الغاربا

والغراب : قذال الرأس ؛ يقال : شاب غرابه أي شعر قذاله . وغراب الفأس : حدها ؛ وقال الشماخ يصف رجلا قطع نبعة :


فأنحى عليها ذات حد ، غرابها     عدو لأوساط العضاه مشارز

وفأس حديدة الغراب أي حديدة الطرف . والغراب : اسم فرس لغني ، على التشبيه بالغراب من الطير . ورجل الغراب : ضرب من صر الإبل شديد ، لا يقدر الفصيل على أن يرضع معه ، ولا ينحل . وأصر عليه رجل الغراب : ضاق عليه الأمر ؛ وكذلك صر عليه رجل الغراب ؛ قال الكميت :


صر رجل الغراب ملكك في النا     س على من أراد فيه الفجورا

ويروى : صر رجل الغراب ملكك . ورجل الغراب : منتصب على المصدر ، تقديره صرا ، مثل صر رجل الغراب . وإذا ضاق على الإنسان معاشه قيل : صر عليه رجل الغراب ومنه قول الشاعر :


إذا رجل الغراب علي صرت     ذكرتك ، فاطمأن بي الضمير

وأغربة العرب : سودانهم شبهوا بالأغربة في لونهم . والأغربة في الجاهلية : عنترة ، وخفاف بن ندبة السلمي ، وأبو عمير بن الحباب السلمي أيضا ، وسليك بن السلكة ، وهشام بن عقبة بن أبي معيط ، إلا أن هشاما هذا مخضرم ، قد ولي في الإسلام . قال ابن الأعرابي : وأظنه قد ولي الصائفة وبعض الكور ؛ ومن الإسلاميين : عبد الله بن خازم ، وعمير بن أبي عمير بن الحباب السلمي ، وهمام بن مطرف التغلبي ، ومنتشر بن وهب الباهلي ، ومطر بن أوفى المازني ، وتأبط شرا ، والشنفرى ، وحاجز ؛ قال ابن سيده : كل ذلك عن ابن الأعرابي . قال : ولم ينسب حاجزا هذا إلى أب ولا أم ، ولا حي ولا مكان ولا عرفه بأكثر من هذا . وطار غرابها بجرادتك : وذلك إذا فات الأمر ، ولم يطمع فيه ؛ حكاه ابن الأعرابي . وأسود غرابي وغربيب : شديد السواد ؛ وقول بشر بن أبي خازم :


رأى درة بيضاء ، يحفل لونها     سخام ، كغربان البرير ، مقصب

يعني به النضيج من ثمر الأراك . الأزهري : وغراب البرير عنقوده الأسود ، وجمعه غربان ، وأنشد بيت بشر بن أبي خازم ؛ ومعنى يحفل لونها : يجلوه ؛ والسخام : كل شيء لين من صوف أو قطن أو غيرهما ، وأراد به شعرها ؛ والمقصب : المجعد . وإذا قلت : غرابيب سود ، تجعل السود بدلا من غرابيب لأن توكيد الألوان لا يتقدم . وفي الحديث :إن الله يبغض الشيخ الغربيب هو الشديد السواد ، وجمعه غرابيب ؛ أراد الذي لا يشيب ، وقيل : أراد الذي يسود شيبه . والمغارب : السودان . والمغارب : الحمران . والغربيب : ضرب من العنب بالطائف ، شديد السواد ، وهو أرق العنب وأجوده ، وأشده سوادا . والغرب : الزرق في عين الفرس مع ابيضاضها . وعين مغربة : زرقاء ، بيضاء الأشفار والمحاجر ، فإذا ابيضت الحدقة ، فهو أشد الإغراب . والمغرب : الأبيض ؛ قال معوية الضبي :


فهذا مكاني ، أو أرى القار مغربا     وحتى أرى صم الجبال تكلم

ومعناه : أنه وقع في مكان لا يرضاه ، وليس له منجى إلا أن يصير القار أبيض وهو شبه الزفت ، أو تكلمه الجبال ، وهذا ما لا يكون ولا يصح وجوده عادة . ابن الأعرابي : الغربة بياض صرف والمغرب من الإبل : الذي تبيض أشفار عينيه وحدقتاه وهلبه وكل شيء منه . وفي الصحاح : المغرب الأبيض الأشفار من كل شيء ؛ قال الشاعر :


شريجان من لونين خلطان ، منهما     سواد ومنه واضح اللون مغرب

والمغرب من الخيل : الذي تتسع غرته في وجهه حتى تجاوز عينيه . وقد أغرب الفرس ، على ما لم يسم فاعله إذا أخذت غرته عينيه وابيضت الأشفار ؛ وكذلك إذا ابيضت من الزرق أيضا . وقيل : الإغراب بياض الأرفاغ ، مما يلي الخاصرة . وقيل : المغرب الذي كل شيء منه أبيض ، وهو أقبح البياض . والمغرب : الصبح لبياضه ، والغراب : البرد لذلك . وأغرب الرجل : ولد له ولد أبيض . وأغرب الرجل إذا اشتد وجعه ؛ عن الأصمعي . والغربي : صبغ أحمر . والغربي : فضيخ النبيذ . وقال أبو حنيفة : الغربي يتخذ من الرطب وحده ولا يزال شاربه متماسكا ما لم تصبه الريح فإذا برز إلى الهواء وأصابته الريح ، ذهب عقله ؛ ولذلك قال بعض شرابه :


إن لم يكن غربيكم جيدا     فنحن بالله وبالريح

وفي حديث ابن عباس : اختصم إليه في مسيل المطر فقال : المطر [ ص: 28 ] غرب ، والسيل شرق ؛ أراد أن أكثر السحاب ينشأ من غرب القبلة والعين هناك ، تقول العرب : مطرنا بالعين إذا كان السحاب ناشئا من قبلة العراق . وقوله : والسيل شرق يريد أنه ينحط من ناحية المشرق ؛ لأن ناحية المشرق عالية ، وناحية المغرب منحطة ، قال ذلك القتيبي ؛ قال ابن الأثير : ولعله شيء يختص بتلك الأرض التي كان الخصام فيها . وفي الحديث : لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق ؛ قيل : أراد بهم أهل الشام لأنهم غرب الحجاز ؛ وقيل : أراد بالغرب الحدة والشوكة ، يريد أهل الجهاد ؛ وقال ابن المدائني : الغرب هنا الدلو ، وأراد بهم العرب لأنهم أصحابها ، وهم يستقون بها . وفي حديث الحجاج : لأضربنكم ضربة غرائب الإبل ، قال ابن الأثير : هذا مثل ضربه لنفسه مع رعيته يهددهم ، وذلك أن الإبل إذا وردت الماء فدخل عليها غريبة من غيرها ، ضربت وطردت حتى تخرج عنها . وغرب : اسم موضع ، ومنه قوله :


في إثر أحمرة عمدن لغرب

ابن سيده : وغرب بالتشديد جبل دون الشام ، في بلاد بني كلب ، وعنده عين ماء يقال لها : الغربة ، والغربة ، وهو الصحيح . والغراب : جبل ؛ قال أوس :


فمندفع الغلان غلان منشد     فنعف الغراب ، خطبه فأساوده

والغراب والغرابة : موضعان ؛ قال ساعدة بن جؤية :


تذكرت ميتا ، بالغرابة ، ثاويا     فما كان ليلي بعده كاد ينفد

وفي ترجمة غرن في النهاية ذكر غران : هو بضم الغين ، وتخفيف الراء : واد قريب من الحديبية ، نزل به سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في مسيره ، فأما غراب بالباء ، فجبل بالمدينة على طريق الشام . والغراب : فرس البراء بن قيس . والغرابي : ضرب من التمر عن أبي حنيفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية