صفحة جزء
ولي

ولي : في أسماء الله تعالى : الولي هو الناصر ، وقيل : المتولي لأمور العالم والخلائق القائم بها ، ومن أسمائه - عز وجل - : الوالي ، وهو مالك الأشياء جميعها المتصرف فيها . قال ابن الأثير : وكأن الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل ، وما لم يجتمع ذلك فيها لم ينطلق عليه اسم الوالي . ابن سيده : ولي الشيء وولي عليه ولاية وولاية ، وقيل : الولاية الخطة كالإمارة ، والولاية المصدر . ابن السكيت : الولاية ، بالكسر السلطان ، والولاية والولاية النصرة . يقال : هم علي ولاية أي مجتمعون في النصرة . وقال سيبويه : الولاية ، بالفتح ، المصدر والولاية ، بالكسر ، الاسم مثل الإمارة والنقابة ، لأنه اسم لما توليته وقمت به فإذا أرادوا المصدر فتحوا . قال ابن بري : وقرئ : ما لكم من ولايتهم من شيء ، بالفتح والكسر ، وهي بمعنى النصرة ; قال أبو الحسن : الكسر لغة ، وليست بذلك .

التهذيب : قوله تعالى : والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء ; قال الفراء : يريد ما لكم من مواريثهم من شيء ، قال : فكسر الواو هاهنا من ولايتهم أعجب إلي من فتحها لأنها إنما تفتح أكثر ذلك إذا أريد بها النصرة ، قال : وكان الكسائي يفتحها ويذهب بها إلى النصرة ، قال الأزهري : ولا أظنه علم التفسير ; قال الفراء : ويختارون في وليته ولاية الكسر ، قال : وسمعناها ، بالفتح وبالكسر في الولاية في معنييهما جميعا ; وأنشد :


دعيهم فهم ألب علي ولاية وحفرهمو إن يعلموا ذاك دائب



وقال أبو العباس نحوا مما قال الفراء . وقال الزجاج : يقرأ ولايتهم وولايتهم بفتح الواو وكسرها ، فمن فتح جعلها من النصرة والنسب ، قال : والولاية التي بمنزلة الإمارة مكسورة ليفصل بين المعنيين ، وقد يجوز كسر الولاية ; لأن في تولي بعض القوم بعضا جنسا من الصناعة والعمل ، وكل ما كان من جنس الصناعة نحو القصارة والخياطة فهي مكسورة . قال : والولاية على الإيمان واجبة : المؤمنون بعضهم أولياء بعض ، ولي بين الولاية ، ووال بين الولاية . والولي : ولي اليتيم الذي يلي أمره ويقوم بكفايته . وولي المرأة : الذي يلي عقد النكاح عليها ولا يدعها تستبد بعقد النكاح دونه . وفي الحديث : أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل ، وفي رواية : وليها ، أي متولي أمرها . وفي الحديث : أسألك غناي وغنى مولاي . وفي الحديث : من أسلم على يده رجل فهو مولاه أي يرثه كما يرث من أعتقه . وفي الحديث : أنه سئل عن رجل مشرك يسلم على يد رجل من المسلمين ، فقال : هو أولى الناس بمحياه ومماته أي أحق به من غيره ; قال ابن الأثير : ذهب قوم إلى العمل بهذا الحديث واشترط آخرون أن يضيف إلى الإسلام على يده المعاقدة والموالاة ، وذهب أكثر الفقهاء إلى خلاف ذلك وجعلوا هذا الحديث بمعنى البر والصلة ، ورعي الذمام ، ومنهم من ضعف الحديث . وفي الحديث : ألحقوا المال بالفرائض ، فما أبقت السهام فلأولى رجل ذكر ، أي أدنى وأقرب في النسب إلى الموروث . ويقال : فلان أولى بهذا الأمر من فلان أي أحق به . وهما الأوليان الأحقان . قال الله تعالى : من الذين استحق عليهم الأوليان ; قرأ بها علي - عليه السلام - وبها قرأ أبو عمرو ، ونافع وكثير ; وقال الفراء : من قرأ الأوليان أراد وليي الموروث ; وقال الزجاج : الأوليان ، في قول أكثر البصريين ; يرتفعان على البدل ، مما في يقومان ؛ المعنى : فليقم الأوليان بالميت مقام هذين الجائيين ، ومن قرأ الأولين رده على الذين ، وكأن المعنى من الذين استحق عليهم أيضا الأولين ، قال : وهي قراءة ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - وبها قرأ الكوفيون واحتجوا بأن قال ابن عباس أرأيت إن كان الأوليان صغيرين . وفلان أولى بكذا أي أحرى به وأجدر . يقال : هو الأولى ، وهم الأوالي ، والأولون ، على مثال الأعلى والأعالي والأعلون . وتقول في المرأة : هي الوليا وهما الولييان وهن الولى ، وإن شئت الولييات ، مثل الكبرى والكبريان والكبر والكبريات . وقوله - عز وجل - : وإني خفت الموالي من ورائي ; قال الفراء : الموالي ورثة الرجل وبنو عمه ، قال : والولي والمولى واحد في كلام العرب . قال أبو منصور : ومن هذا قول سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها ، ورواه بعضهم : بغير إذن وليها ، لأنهما بمعنى واحد . وروى ابن سلام عن يونس قال : المولى له مواضع في كلام العرب : منها المولى في الدين ، وهو الولي وذلك قوله تعالى : ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم ; أي لا ولي لهم ، ومنه قول سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من كنت مولاه فعلي مولاه أي من [ ص: 282 ] كنت وليه ; قال : وقوله - عليه السلام - مزينة وجهينة وأسلم وغفار موالي الله ورسوله أي أولياء الله ، قال : والمولى العصبة ، ومن ذلك قوله تعالى : وإني خفت الموالي من ورائي ; وقال اللهبي يخاطب بني أمية :


مهلا بني عمنا مهلا موالينا     إمشوا رويدا كما كنتم تكونونا



قال : والمولى الحليف ، وهو من انضم إليك فعز بعزك وامتنع بمنعتك ; قال عامر الخصفي من بني خصفة :


هم المولى وإن جنفوا علينا     وإنا من لقائهم لزور



قال أبو عبيدة : يعني الموالي أي بني العم ، وهو كقوله تعالى : ثم يخرجكم طفلا . والمولى : المعتق انتسب بنسبك ، ولهذا قيل للمعتقين الموالي ، قال : وقال أبو الهيثم المولى على ستة أوجه : المولى ابن العم والعم والأخ والابن والعصبات كلهم ، والمولى الناصر ، والمولى الولي الذي يلي عليك أمرك ، قال : ورجل ولاء وقوم ولاء في معنى ولي وأولياء ; لأن الولاء مصدر ، والمولى مولى الموالاة وهو الذي يسلم على يدك ويواليك ، والمولى مولى النعمة ، وهو المعتق ، أنعم على عبده بعتقه ، والمولى المعتق لأنه ينزل منزلة ابن العم يجب عليك أن تنصره وترثه إن مات ولا وارث له ، فهذه ستة أوجه . وقال الفراء في قوله تعالى : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ، قال : هؤلاء خزاعة كانوا عاقدوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يقاتلوه ولا يخرجوه ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبر والوفاء إلى مدة أجلهم ، ثم قال : إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم . . . . . . . . أن تولوهم ، أي تنصروهم ، يعني أهل مكة ; قال أبو منصور : جعل التولي ها هنا بمعنى النصر من الولي ، والمولى وهو الناصر . وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من تولاني فليتول عليا ; معناه من نصرني فلينصره . وقال الفراء في قوله تعالى : فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض ; أي توليتم أمور الناس ، والخطاب لقريش ; قال الزجاج : وقرئ : إن توليتم أي وليكم بنو هاشم . ويقال : تولاك الله أي وليك الله ، ويكون بمعنى نصرك الله . وقوله : اللهم وال من والاه ، أي أحبب من أحبه ، وانصر من نصره . والموالاة على وجوه ، قال ابن الأعرابي : الموالاة أن يتشاجر اثنان فيدخل ثالث بينهما للصلح ويكون له في أحدهما هوى فيواليه أو يحابيه ، ووالى فلان فلانا إذا أحبه ، قال الأزهري : وللموالاة معنى ثالث ، سمعت العرب تقول والوا حواشي نعمكم عن جلتها أي اعزلوا صغارها عن كبارها ، وقد واليناها فتوالت إذا تميزت ; وأنشد بعضهم :


وكنا خليطى في الجمال فأصبحت     جمالي توالى ولها من جمالكا



توالى أي تميز منها ; ومن هذا قول الأعشى :


ولكنها كانت نوى أجنبية     توالي ربعي السقاب فأصحبا



وربعي السقاب : الذي نتج في أول الربيع ، وتواليه : أن يفصل عن أمه فيشتد ولهه إليها إذا فقدها ، ثم يستمر على الموالاة ويصحب أي ينقاد ويصبر بعدما كان اشتد عليه من مفارقته إياها . وفي نوادر الأعراب : تواليت مالي وامتزت مالي وازدلت مالي بمعنى واحد ، جعلت هذه الأحرف واقعة ، قال : والظاهر منها اللزوم . ابن الأعرابي قال : ابن العم مولى وابن الأخت مولى والجار والشريك والحليف ; وقال الجعدي :


موالي حلف لا موالي قرابة     ولكن قطينا يسألون الأتاويا



يقول : هم حلفاء لا أبناء عم ; وقول الفرزدق :


فلو كان عبد الله مولى هجوته     ولكن عبد الله مولى مواليا



لأن عبد الله بن أبي إسحاق مولى الحضرميين ، وهم حلفاء بني عبد شمس بن عبد مناف ، والحليف عند العرب مولى ، وإنما قال مواليا فنصب لأنه رده إلى أصله للضرورة ، وإنما لم ينون لأنه جعله بمنزلة غير المعتل الذي لا ينصرف ; قال ابن بري : وعطف قوله ولكن قطينا على المعنى ، كأنه قال ليسوا موالي قرابة ولكن قطينا ; وقبله :


فلا تنتهي أضغان قومي بينهم     وسوآتهم حتى يصيروا مواليا


وفي حديث الزكاة : مولى القوم منهم . قال ابن الأثير : الظاهر من المذاهب والمشهور أن موالي بني هاشم والمطلب لا يحرم عليهم أخذ الزكاة لانتفاء السبب الذي به حرم على بني هاشم والمطلب ، وفي مذهب الشافعي على وجه أنه يحرم على الموالي أخذها لهذا الحديث ، قال : ووجه الجمع بين الحديث ونفي التحريم أنه إنما قال هذا القول تنزيها لهم ، وبعثا على التشبه بسادتهم والاستنان بسنتهم في اجتناب مال الصدقة التي هي أوساخ الناس ، وقد تكرر ذكر المولى في الحديث ، قال : وهو اسم يقع على جماعة كثيرة فهو : الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتق والمنعم عليه ، قال : وأكثرها قد جاءت في الحديث فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه ، وكل من ولي أمرا أو قام به فهو مولاه ووليه ، قال : وقد تختلف مصادر هذه الأسماء ، فالولاية ، بالفتح في النسب والنصرة والعتق ، والولاية ، بالكسر في الإمارة ، والولاء في المعتق ، والموالاة من والى القوم ; قال ابن الأثير : وقوله - صلى الله عليه وسلم - : من كنت مولاه فعلي مولاه ، يحمل على أكثر الأسماء المذكورة . وقال الشافعي : يعني بذلك ولاء الإسلام ، كقوله تعالى : ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم ; قال : وقول عمر لعلي - رضي الله تعالى عنهما - : أصبحت مولى كل مؤمن أي ولي كل مؤمن ، وقيل : سبب ذلك أن أسامة قال لعلي - رضي الله عنه - : لست مولاي ، إنما مولاي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وكل من ولي أمر واحد فهو وليه ، والنسبة إلى المولى مولوي ، وإلى الولي من المطر ولوي ، كما قالوا علوي ، لأنهم كرهوا الجمع بين أربع ياءات ، فحذفوا الياء الأولى وقلبوا الثانية واوا . ويقال : بينهما ولاء ، بالفتح ، أي قرابة . والولاء : ولاء المعتق . وفي الحديث : نهى عن بيع الولاء وعن هبته ، يعني ولاء العتق ، وهو إذا مات المعتق ورثه معتقه أو ورثة معتقه كانت العرب تبيعه وتهبه ، فنهى عنه ; لأن الولاء كالنسب فلا يزول بالإزالة ; ومنه الحديث : الولاء للكبر أي للأعلى فالأعلى من ورثة المعتق . والولاء : الموالون ; يقال : هم ولاء فلان . وفي الحديث : [ ص: 283 ] من تولى قوما بغير إذن مواليه أي اتخذهم أولياء له ، قال : ظاهره يوهم أنه شرط وليس شرطا لأنه لا يجوز له إذا أذنوا أن يوالي غيرهم ، وإنما هو بمعنى التوكيد لتحريمه والتنبيه على بطلانه والإرشاد إلى السبب فيه ، لأنه إذا استأذن أولياءه في موالاة غيرهم منعوه فيمتنع ، والمعنى إن سولت له نفسه ذلك فليستأذنهم فإنهم يمنعونه ; وأما قول لبيد :


فغدت كلا الفرجين تحسب أنه     مولى المخافة خلفها وأمامها


فيريد أنه أولى موضع أن تكون فيه الحرب ، وقوله : فغدت تم الكلام ، كأنه قال : فغدت هذه البقرة ، وقطع الكلام ثم ابتدأ كأنه قال تحسب أن كلا الفرجين مولى المخافة . وقد أوليته الأمر ووليته إياه . وولته الخمسون ذنبها ; عن ابن الأعرابي أي جعلت ذنبها يليه ، وولاها ذنبا كذلك . وتولى الشيء : لزمه . والولية : البرذعة ، والجمع الولايا ، وإنما تسمى بذلك إذا كانت على ظهر البعير لأنها حينئذ تليه ، وقيل : الولية التي تحت البرذعة ، وقيل : كل ما ولي الظهر من كساء أو غيره فهو ولية ; وقال ابن الأعرابي في قول النمر بن تولب :


عن ذات أولية أساود ريها     وكأن لون الملح فوق شفارها


قال : الأولية جمع الولية ، وهي البرذعة ، شبه ما عليها من الشحم وتراكمه بالولايا ، وهي البراذع ; وقال الأزهري : قال الأصمعي نحوه ، قال ابن السكيت : وقد قال بعضهم في قوله عن ذات أولية يريد أنها أكلت وليا بعد ولي من المطر أي رعت ما نبت عنها فسمنت . قال أبو منصور : والولايا إذا جعلتها جمع الولية ، وهي البرذعة ، التي تكون تحت الرحل فهي أعرف وأكثر ومنه قوله :


كالبلايا رءوسها في الولايا     مانحات السموم حر الخدود



قال الجوهري : وقوله :


كالبلايا رءوسها في الولايا



يعني الناقة التي كانت تعكس على قبر صاحبها ، ثم تطرح الولية على رأسها إلى أن تموت ، وجمعها ولي أيضا ; قال كثير :


بعيساء في دأياتها ودفوفها     وحاركها تحت الولي نهود



وفي الحديث : أنه نهى أن يجلس الرجل على الولايا ; هي البراذع ، قيل : نهى عنها لأنها إذا بسطت وافترشت تعلق بها الشوك والتراب وغير ذلك مما يضر الدواب ، ولأن الجالس عليها ربما أصابه من وسخها ونتنها ودم عقرها . وفي حديث ابن الزبير - رضي الله عنهما - : أنه بات بقفر فلما قام ليرحل وجد رجلا طوله شبران عظيم اللحية على الولية فنفضها فوقع . والولي : الصديق والنصير . ابن الأعرابي : الولي التابع المحب ; وقال أبو العباس في قوله - صلى الله عليه وسلم - : من كنت مولاه فعلي مولاه أي من أحبني وتولاني فليتوله . والموالاة : ضد المعاداة ، والولي : ضد العدو ، ويقال منه تولاه . وقوله - عز وجل - : فتكون للشيطان وليا ; قال ثعلب : كل من عبد شيئا من دون الله فقد اتخذه وليا . وقوله - عز وجل - : الله ولي الذين آمنوا ; قال أبو إسحاق : الله وليهم في حجاجهم وهدايتهم وإقامة البرهان لهم لأنه يزيدهم بإيمانهم هداية ، كما قال - عز وجل - : والذين اهتدوا زادهم هدى ; ووليهم أيضا في نصرهم على عدوهم وإظهار دينهم على دين مخالفيهم ، وقيل : وليهم أي يتولى ثوابهم ومجازاتهم بحسن أعمالهم . والولاء : الملك . والمولى : المالك والعبد ، والأنثى بالهاء . وفيه مولوية إذا كان شبيها بالموالي . وهو يتمولى علينا أي يتشبه بالموالي ، وما كنت بمولى وقد تموليت ، والاسم الولاء . والمولى : الصاحب والقريب كابن العم وشبهه . وقال ابن الأعرابي : المولى الجار والحليف والشريك وابن الأخت . والولي : المولى . وتولاه : اتخذه وليا ، وإنه لبين الولاة والولية والتولي والولاء والولاية والولاية . والولي : القرب والدنو ; وأنشد أبو عبيد :


وشط ولي النوى إن النوى قذف     تياحة غربة بالدار أحيانا

ويقال : تباعدنا بعد ولي ، ويقال منه : وليه يليه ، بالكسر فيهما ، وهو شاذ ، وأوليته الشيء فوليه ، وكذلك ولي الوالي البلد ، وولي الرجل البيع ولاية فيهما ، وأوليته معروفا . ويقال في التعجب : ما أولاه للمعروف ! وهو شاذ ; قال ابن بري : شذوذه كونه رباعيا ، والتعجب إنما يكون من الأفعال الثلاثية . وتقول : فلان ولي وولي عليه ، كما تقول ساس وسيس عليه . وولاه الأمير عمل كذا وولاه بيع الشيء ، وتولى العمل أي تقلد . وكل مما يليك أي مما يقاربك ; وقال ساعدة :


هجرت غضوب وحب من يتجنب     وعدت عواد دون وليك تشعب


ودار ولية : قريبة . وقوله - عز وجل - : أولى لك فأولى ; معناه التوعد والتهدد أي الشر أقرب إليك ، وقال ثعلب : معناه دنوت من الهلكة ; وكذلك قوله تعالى : فأولى لهم ; أي وليهم المكروه وهو اسم لدنوت أو قاربت ; وقال الأصمعي : أولى لك قاربك ما تكره أي نزل بك يا أبا جهل ما تكره ; وأنشد الأصمعي :


فعادى بين هاديتين منها     وأولى أن يزيد على الثلاث


أي قارب أن يزيد ، قال ثعلب : ولم يقل أحد في أولى لك أحسن مما قال الأصمعي ، وقال غيرهما : أولى يقولها الرجل لآخر يحسره على ما فاته ، ويقول له : يا محروم أي شيء فاتك ؟ وقال الجوهري : أولى لك تهدد ووعيد ; قال الشاعر :


فأولى ثم أولى ثم أولى     وهل للدر يحلب من مرد



قال الأصمعي : معناه قاربه ما يهلكه أي نزل به ; قال ابن بري : ومنه قول مقاس العائذي :


أولى فأولى يا امرأ القيس بعدما     خصفن بآثار المطي الحوافرا



وقال تبع :


أولى لهم بعقاب يوم سرمد



وقالت الخنساء :


هممت بنفسي كل الهموم     فأولى لنفسي أولى لها


[ ص: 284 ] قال أبو العباس قوله :


فأولى لنفسي أولى لها



يقول الرجل إذا حاول شيئا فأفلته من بعد ما كاد يصيبه : أولى له ، فإذا أفلت من عظيم قال : أولى لي ; ويروى عن ابن الحنيفة أنه كان يقول : إذا مات ميت في جواره أو في داره أولى لي كدت والله أن أكون السواد المخترم ; شبه كاد بعسى فأدخل في خبرها أن ; قال : وأنشدت لرجل يقتنص فإذا أفلته الصيد قال أولى لك فكثرت تيك منه ; فقال :


فلو كان أولى يطعم القوم صدتهم     ولكن أولى يترك القوم جوعا



أولى في البيت حكاية ، وذلك أنه كان لا يحسن أن يرمي ، وأحب أن يمتدح عند أصحابه فقال أولى ، وضرب بيده على الأخرى ، وقال أولى فحكى ذلك . وفي حديث أنس - رضي الله عنه - : قام عبد الله بن حذافة - رضي الله عنه - فقال : من أبي ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبوك حذافة ، وسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : أولى لكم والذي نفسي بيده أي قرب منكم ما تكرهون ، وهي كلمة تلهف يقولها الرجل إذا أفلت من عظيمة ، وقيل : هي كلمة تهدد ووعيد ; معناه قاربه ما يهلكه . ابن سيده : وحكى ابن جني أولاة الآن ، فأنث أولى ، قال : وهذا يدل على أنه اسم لا فعل ; وقول أبي صخر الهذلي :


أذم لك الأيام فيما ولت لنا     وما لليالي في الذي بيننا عذر


قال : أراه أراد فيما قربت إلينا من بين وتعذر قرب . والقوم علي ولاية واحدة وولاية إذا كانوا عليك بخير أو شر . وداره ولي داري أي قريبة منها . وأولى على اليتيم : أوصى . ووالى بين الأمر موالاة وولاء : تابع . وتوالى الشيء : تتابع . والموالاة : المتابعة . وافعل هذه الأشياء على الولاء أي متابعة . وتوالى عليه شهران أي تتابع . يقال : والى فلان برمحه بين صدرين وعادى بينهما ، وذلك إذا طعن واحدا ثم آخر من فوره ، وكذلك الفارس يوالي بطعنتين متواليتين فارسين أي يتابع بينهما قتلا . ويقال : أصبته بثلاثة أسهم ولاء أي تباعا . وتوالت إلي كتب فلان أي تتابعت . وقد والاها الكاتب أي تابعها . واستولى على الأمر أي بلغ الغاية . ويقال : استبق الفارسان على فرسيهما إلى غاية تسابقا إليها فاستولى أحدهما على الغاية إذا سبق الآخر ; ومنه قول الذبياني :


سبق الجواد إذا استولى على الأمد



واستيلاؤه على الأمد أن يغلب عليه بسبقه إليه ، ومن هذا يقال : استولى فلان على مالي أي غلبني عليه ، وكذلك استومى بمعنى استولى ، وهما من الحروف التي عاقبت العرب فيها بين اللام والميم ، ومنها قولهم لولا ولوما بمعنى هلا ; قال الفراء : ومنه قوله تعالى : لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ; وقال عبيد :


لوما على حجر ابن أم     م قطام تبكي لا علينا



وقال الأصمعي : خالمته وخاللته إذا صادقته ، وهو خلي وخلمي . ويقال : أوليت فلانا خيرا وأوليته شرا كقولك سمته خيرا وشرا ، وأوليته معروفا إذا أسديت إليه معروفا . الأزهري في آخر باب اللام قال : وبقي حرف من كتاب الله - عز وجل - لم يقع في موضعه فذكرته في آخر اللام ، وهو قوله - عز وجل - : فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا ; قرأها عاصم وأبو عمرو بن العلاء وإن تلووا ، بواوين من لوى الحاكم بقضيته إذا دافع بها ، وأما قراءة من قرأ وإن تلوا ، بواو واحدة ، ففيه وجهان : أحدهما أن أصله تلووا بواوين ، كما قرأ عاصم وأبو عمرو ، فأبدل من الواو المضمومة همزة فصارت تلئوا ، بإسكان اللام ، ثم طرحت الهمزة وطرحت حركتها على اللام فصارت تلوا كما قيل في أدور أدؤر ، ثم طرحت الهمزة فقيل أدر ، قال : والوجه الثاني أن يكون تلوا من الولاية لا من اللي ، والمعنى إن تلوا للشهادة فتقيموها ، قال : وهذا كله صحيح من كلام حذاق النحويين . والولي : المطر يأتي بعد الوسمي ، وحكى كراع فيه التخفيف ، وجمع الولي أولية . وفي حديث مطرف الباهلي : تسقيه الأولية ، هي جمع ولي المطر . ووليت الأرض وليا : سقيت الولي ، وسمي وليا لأنه يلي الوسمي أي يقرب منه ويجيء بعده ، وكذلك الولي ، بالتسكين ، على فعل وفعيل ; قال الأصمعي : الولي على مثال الرمي المطر الذي يأتي بعد المطر ، وإذا أردت الاسم فهو الولي ، وهو مثل النعي والنعي المصدر قال ذو الرمة :


لني ولية تمرع جنابي فإنني     لما نلت من وسمي نعماك شاكر



لني أمر من الولي أي أمطرني ولية منك أي معروفا بعد معروف . قال ابن بري : ذكر الفراء : الولى المطر بالقصر ، واتبعه ابن ولاد ، ورد عليهما علي بن حمزة ، وقال : هو الولي ، بالتشديد ، لا غير ، وقولهم : قد أولاني معروفا ، قال أبو بكر : معناه قد ألصق بي معروفا يليني من قولهم : جلست مما يلي زيدا أي يلاصقه ويدانيه . ويقال : أولاني ملكني المعروف وجعله منسوبا إلي وليا علي ، من قولك هو ولي المرأة أي صاحب أمرها والحاكم عليها ، قال : ويجوز أن يكون معناه عضدني بالمعروف ونصرني وقواني ، من قولك بنو فلان ولاء على بني فلان أي هم يعينونهم . ويقال : أولاني أي أنعم علي من الآلاء ، وهي النعم ، والواحد ألى ، وإلى ، قال : والأصل في إلى ولى ، فأبدلوا من الواو المكسورة همزة ، كما قالوا امرأة وناة وأناة ; قال الأعشى : . . . ولا يخون إلى . . . وكذلك أحد ووحد . المحكم : فأما ما أنشده ابن الأعرابي من قول الشاعر : .

. . . . . . . . الركيكا

فإنه عداه إلى مفعولين لأنه في معنى سقي ، وسقي متعدية إلى مفعولين ، فكذلك هذا الذي في معناها ، وقد يكون الركيك مصدرا لأنه ضرب من الولي فكأنه ولي وليا ، كقولك : قعد القرفصاء ، وأحسن من ذلك أن ولي في معنى أرك عليه أو رك ، فيكون قوله ركيكا مصدرا لهذا الفعل المقدر ، أو اسما موضوعا موضع المصدر . واستولى على الشيء إذا صار في يده . وولى الشيء وتولى : أدبر . وولى عنه : أعرض عنه أو نأى ; وقوله :

[ ص: 285 ]

إذا ما امرؤ ولى علي بوده     وأدبر لم يصدر بإدباره ودي



فإنه أراد ولى عني ، ووجه تعديته ولى بعلى أنه لما كان إذا ولى عنه بوده تغير عليه ، جعل ولى معنى تغير فعداه بعلى ، وجاز أن يستعمل هنا على لأنه أمر عليه لا له ; وقول الأعشى :


إذا حاجة ولتك لا تستطيعها     فخذ طرفا من غيرها حين تسبق



فإنه أراد ولت عنك ، فحذف وأوصل ، وقد يكون وليت الشيء ووليت عنه بمعنى . التهذيب : تكون التولية إقبالا ، ومنه قوله تعالى : فول وجهك شطر المسجد الحرام ; أي وجه وجهك نحوه وتلقاءه ، وكذلك قوله تعالى : ولكل وجهة هو موليها ; قال الفراء : هو مستقبلها ، والتولية في هذا الموضع إقبال ، قال : والتولية تكون انصرافا ; قال الله تعالى : ثم وليتم مدبرين ; وكذلك قوله تعالى : يولوكم الأدبار ; هي ها هنا انصراف ، وقال أبو معاذ النحوي : قد تكون التولية بمعنى التولي . يقال : وليت وتوليت بمعنى واحد ; قال : وسمعت العرب تنشد بيت ذي الرمة :


إذا حول الظل العشي رأيته     حنيفا وفي قرن الضحى يتنصر



أراد : إذا تحول الظل بالعشي ، قال : وقوله هو موليها أي متوليها أي متبعها وراضيها . وتوليت فلانا أي اتبعته ورضيت به . وقوله تعالى : سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ; يعني قول اليهود ما عدلهم عنها ، يعني قبلة بيت المقدس . وقوله - عز وجل - : ولكل وجهة هو موليها ; أي يستقبلها بوجهه ، وقيل فيه قولان : قال بعض أهل اللغة وهو أكثرهم : هو لكل ، والمعنى هو موليها وجهه أي كل أهل وجهة هم الذين ولوا وجوههم إلى تلك الجهة ، وقد قرئ : هو مولاها ، قال : وهو حسن ، وقال قوم : هو موليها أي الله تعالى يولي أهل كل ملة القبلة التي تريد ، قال : وكلا القولين جائز . ويقال للرطب إذا أخذ في الهيج : قد ولى وتولى ، وتوليه شهبته . والتولية في البيع : أن تشتري سلعة بثمن معلوم ثم توليها رجلا آخر بذلك الثمن ، وتكون التولية مصدرا ، كقولك : وليت فلانا أمر كذا وكذا إذا قلدته ولايته . وتولى عنه : أعرض وولى هاربا أي أدبر . وفي الحديث : أنه سئل عن الإبل فقال أعنان الشياطين لا تقبل إلا مولية ، ولا تدبر إلا مولية ، ولا يأتي نفعها إلا من جانبها الأشأم أي أن من شأنها إذا أقبلت على صاحبها أن يتعقب إقبالها الإدبار ، وإذا أدبرت أن يكون إدبارها ذهابا وفناء مستأصلا . وقد ولى الشيء وتولى إذا ذهب هاربا ومدبرا ، وتولى عنه إذا أعرض ، والتولي يكون بمعنى الإعراض ويكون بمعنى الاتباع ، قال الله تعالى : وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ; أي إن تعرضوا عن الإسلام . وقوله تعالى : ومن يتولهم منكم فإنه منهم ; معناه من يتبعهم وينصرهم . وتوليت الأمر توليا إذا وليته ; قال الله تعالى : والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ; أي ولي وزر الإفك وإشاعته . وقالوا : لو طلبت ولاء ضبة من تميم لشق عليك أي تميز هؤلاء من هؤلاء ; حكاه اللحياني فروى الطوسي ولاء ، بالفتح ، وروى ثابت ولاء ، بالكسر . ووالى غنمه : عزل بعضها من بعض وميزها ; قال ذو الرمة :


يوالي إذا اصطك الخصوم أمامه     وجوه القضايا من وجوه المظالم



والولية : ما تخبؤه المرأة من زاد لضيف يحل ; عن كراع ; قال : والأصل لوية ، فقلب والجمع ولايا ، ثبت القلب في الجمع . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : لا يعطى من المغانم شيء حتى تقسم إلا لراع أو دليل غير موليه ، قلت : ما موليه ؟ قال محابيه أي غير معطيه شيئا لا يستحقه . وكل من أعطيته ابتداء من غير مكافأة فقد أوليته . وفي حديث عمار : قال له عمر في شأن اليتيم كلا والله لنولينك ما توليت أي نكل إليك ما قلت ونرد إليك ما وليته نفسك ورضيت لها به ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية