( بر ) الباء والراء في المضاعف أربعة أصول : الصدق ، وحكاية صوت ، وخلاف البحر ، ونبت . فأما الصدق فقولهم : صدق فلان وبر ، وبرت يمينه صدقت ، وأبرها أمضاها على الصدق .
وتقول : بر الله حجك وأبره ، وحجة مبرورة ، أي : قبلت قبول العمل الصادق . ومن ذلك قولهم يبر ربه ، أي : يطيعه . وهو من الصدق . قال :
لاهم لولا أن بكرا دونكا يبرك الناس ويفجرونكا
ومنه قول الله تعالى :
ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب . و [ أما ] قول
النابغة :
عليهن شعث عامدون لبرهم
فقالوا : أراد الطاعة ، وقيل أراد الحج . وقولهم للسابق الجواد " المبر " هو من هذا; لأنه إذا جرى صدق ، وإذا حمل صدق .
[ ص: 178 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : سألت أعرابيا : هل تعرف الجواد المبر من البطيء المقرف ؟ قال : نعم . قلت : صفهما لي . قال : " أما الجواد فهو الذي لهز لهز العير ، وأنف تأنيف السير ، الذي إذا عدا اسلهب ، وإذا انتصب اتلأب . وأما البطيء المقرف فالمدلوك الحجبة ، الضخم الأرنبة ، الغليظ الرقبة ، الكثير الجلبة ، الذي إذا أمسكته قال أرسلني ، وإذا أرسلته قال أمسكني " .
وأصل الإبرار ما ذكرناه في القهر والغلبة ، ومرجعه إلى الصدق . قال
طرفة :
يكشفون الضر عن ذي ضرهم ويبرون على الآبي المبر
ومن هذا الباب قولهم : هو يبر ذا قرابته ، وأصله الصدق في المحبة . يقال : رجل بر وبار . وبررت والدي وبررت في يميني . وأبر الرجل ولد أولادا أبرارا . قال
أبو عبيدة : وبرة : اسم للبر معرفة لا تنصرف . قال
النابغة :
يوم اختلفنا خطتينا بيننا فحملت برة واحتملت فجار
وأما حكاية الصوت فالعرب تقول : " لا يعرف هرا من بر " فالهر دعاء
[ ص: 179 ] الغنم ، والبر الصوت بها إذا سيقت . [ و ] يقال : لا يعرف من يكرهه ممن يبره . والبربرة : كثرة الكلام والجلبة باللسان . قال :
بالعضر كل عذور بربار
ورجل بربار وبربارة . ولعل اشتقاق
البربر من هذا . فأما قول
طرفة :
ولكن دعا من قيس عيلان عصبة يسوقون في أعلى الحجاز البرابرا
فيقال : إنه جمع بربر ، وهي صغار أولاد الغنم . قالوا : وذلك من الصوت أيضا ، وذلك أن البربرة صوت المعز . والأصل الثالث خلاف البحر . وأبر الرجل صار في البر ، وأبحر صار في البحر . والبرية الصحراء . والبر نقيص الكن . والعرب تستعمل ذلك نكرة ، يقولون خرجت برا وخرجت بحرا . قال الله تعالى :
ظهر الفساد في البر والبحر .
وأما النبت فمنه البر ، وهي الحنطة ، الواحدة برة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : أبرت الأرض : إذا كثر برها ، كما يقال : أبهمت : إذا كثر بهماها . والبربور الجشيش من البر . يقال للخبز ابن برة ، وابن حبة ، غير مصروفين . قال
الشيباني : " هو أقصر من برة " يعني واحدة البر . أي إن البرة غاية في القصر . قال
الخليل : البرير حمل الأراك . قال
النابغة :
[ ص: 180 ] تسف بريره وترود فيه
قال
أبو زياد الكلابي : البرير أصغر حبا من المرد والكباث ، كأنه خرز صغار . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : البرير : اسم لما أدرك من ثمر العضاه ، فإذا انتهى ينعه اشتد سواده . قال
بشر :
رأى درة بيضاء يحفل لونها سخام كغربان البرير مقصب
يصف شعرها .