( شطر ) الشين والطاء والراء أصلان ، يدل أحدهما على نصف الشيء ، والآخر على البعد والمواجهة .
فالأول قولهم شطر الشيء ، لنصفه ، وشاطرت فلانا الشيء ، إذا أخذت
[ ص: 187 ] منه نصفه وأخذ هو النصف . ويقال شاة شطور ، وهي التي أحد طبييها أطول من الآخر .
ومن هذا الباب قولهم : شطر بصره شطورا وشطرا ، وهو الذي ينظر إليك وإلى آخر . وإنما جعل هذا من الباب لأنه إذا كان كذا فقد جعل لكل واحد منهما شطر نظره . وفي قول العرب : " حلب فلان الدهر أشطره " ، فمعناه أنه مرت عليه ضروب من خيره وشره . وأصله في أخلاف الناقة : خلفان قادمان ، وخلفان آخران ، وكل خلفين شطر ; لأنه إذا كانت الأخلاف أربعة فالاثنان شطر الأربعة ، وهو النصف . وإذا يبس أحد خلفي الشاة فهي شطور ، وهي من الإبل التي يبس خلفان من أخلافها ; وذلك أن لها أربعة أخلاف ، على ما ذكرناه .
وأما الأصل الآخر : فالشطير : البعيد . ويقولون : شطرت الدار ، ويقول الراجز :
لا تتركني فيهم شطيرا
ومنه قولهم : شطر فلان على أهله ، إذا تركهم مراغما مخالفا . والشاطر : الذي أعيا أهله خبثا . وهذا هو القياس ; لأنه إذا فعل ذلك بعد عن جماعتهم ومعظم أمرهم .
ومن هذا الباب الشطر الذي يقال في قصد الشيء وجهته . قال الله تعالى في شأن القبلة :
الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره أي قصده . قال الشاعر :
[ ص: 188 ] أقول لأم زنباع أقيمي صدور العيس شطر بني تميم
وقال آخر :
وقد أظلكم من شطر ثغركم هول له ظلم تغشاكم قطعا
ولا يكون شطر ثغركم تلقاءه ، إلا وهو بعيد عنه ، مباين له ، والله أعلم بالصواب .