( صر ) الصاد والراء أصول : الأول قولهم صر الدراهم يصرها صرا . وتلك الخرقة صرة . والذي تعرفه العرب الصرار ، وهي خرقة تشد على أطباء الناقة لئلا يرضعها فصيلها . يقال : صرها صرا . ومن الباب : الإصرار : العزم على الشيء .
[ ص: 283 ] وإنما جعلناه من قياسه لأن العزم على الشيء والإجماع عليه واحد ، وكذلك الإصرار : الثبات على الشيء .
ومن الباب : هذه يمين صري أي جد ، إنا ثابت عليها مجمع .
ومن الباب : الصرة ، يقال للجماعة صرة . قال
امرؤ القيس :
فألحقنا بالهاديات ودونه جواحرها في صرة لم تزيل
ومن الباب : حافر مصرور ، أي منقبض . ومنه الصرصور ، وهو القطيع الضخم من الإبل .
وأما الثاني - وهو من السمو والارتفاع - فقولهم : صر الحمار أذنه ، إذا أقامها . وأصر إذا لم تذكر الأذن ، وإن ذكرت الأذن قلت : أصر بأذنه . وأظنه نادرا . والأصل في هذا : الصرار ، وهي أماكن مرتفعة لا يكاد الماء يعلوها . فأما صرار فهو اسم علم ، وهو جبل . قال :
إن nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق لن يزايل لؤمه حتى يزول عن الطريق صرار
وأما الثالث : فالبرد والحر ، وهو الصر . يقال أصاب النبت صر ، إذا أصابه برد يضر به . والصر : صر الريح الباردة . وربما جعلوا في هذا الموضع الحر . قال قوم : الصارة : شدة الحر حر الشمس . يقال : قطع الحمار صارته . إذا شرب شربا
[ ص: 284 ] كسر عطشه . والصارة : العطش ، وجمعها صوار . والصريرة : العطش ، والجمع : صرائر . قال :
وانصاعت الحقب لم يقصع صرائرها
وذكر
أبو عبيد : الصارة العطش ، والجمع صرائر . وهو غلط ، والوجه ما ذكرنا .
وأما الرابع ، فالصوت . من ذلك الصرة : شدة الصياح . صر الجندب صريرا ، وصرصر الأخطب صرصرة . والصراري : الملاح ، ويمكن أن يكون لرفعه صوته .
ومما شذ عن هذه الأصول كلمتان ، ولعل لهما قياسا قد خفي علينا مكانه ، فالأولى : الصارة ، وهي الحاجة . يقال : لي قبل فلان صارة ، وجمعها صوار ، أي حاجة . والكلمة الأخرى الصرورة ، وهو الذي لم يحجج ، والذي لم يتزوج . ويقال الصرورة : الذي يدع النكاح متبتلا . وجاء في الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=965112لا صرورة في الإسلام .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13147أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد : " الأصل في الصرورة أن الرجل في الجاهلية كان إذا أحدث حدثا فلجأ إلى الكعبة لم يهج ، فكان إذا لقيه ولي الدم بالحرم قيل له : هو صرورة فلا تهجه . فكثر ذلك في كلامهم حتى جعلوا المتعبد الذي يجتنب النساء ، وطيب الطعام صرورة ، وصروريا . وذلك عنى
النابغة بقوله :
[ ص: 285 ] لو أنها عرضت لأشمط راهب عبد الإله صرورة متعبد
أي منقبض عن النساء والطيب . فلما جاء الله تعالى بالإسلام وأوجب إقامة الحدود
بمكة وغيرها سمي الذي لم يحج صرورة وصروريا ، خلافا لأمر الجاهلية . كأنهم جعلوا أن تركه الحج في الإسلام كترك المتأله إتيان النساء والتنعم في الجاهلية " .
وهذا الذي ذكرناه في معنى الصرورة يحتمل أنه من الصرار ، وهو الخرقة التي تشد على أطباء الناقة لئلا يرضعها فصيلها . والله أعلم بالصواب .