صفحة جزء
( برق ) الباء والراء والقاف أصلان تتفرع الفروع منهما : أحدهما لمعان الشيء; والآخر اجتماع السواد والبياض في الشيء . وما بعد ذلك فكله مجاز ومحمول على هذين الأصلين .

أما الأول فقال الخليل : البرق وميض السحاب ، يقال : برق السحاب برقا وبريقا . قال : وأبرق أيضا لغة . قال بعضهم : يقال : برقة للمرة الواحدة : إذا برق ، وبرقة بالضم : إذا أردت المقدار من البرق . ويقال : " لا أفعله ما برق في السماء نجم " أي : ما طلع . وأتانا عند مبرق الصبح ، أي : حين برق . اللحياني : [ ص: 222 ] وأبرق الرجل : إذا أم البرق حين يراه . قال الخليل : البارقة السحابة ذات البرق . وكل شيء يتلألأ لونه فهو بارق يبرق بريقا . ويقال للسيوف بوارق . الأصمعي : يقال : أبرق فلان بسيفه إبراقا : إذا لمع به . ويقال : رأيت البارقة ، ضوء برق السيوف . ويقال : مرت بنا الليلة بارقة ، أي : سحابة فيها برق ، فما أدري أين أصابت . والعرب تقول : " هو أعذب من ماء البارقة " .

ويقال للسيف ولكل ما له بريق إبريق ، حتى إنهم يقولون للمرأة الحسناء البراقة إبريق . قال :


ديار إبريق العشي خوزل

الخوزل المرأة المتثنية في مشيتها . وأنشد :


أشلى عليه قانص لما غفل     مقلدات القد يقرون الدغل
فزل كالإبريق عن متن القبل

قال أبو علي الأصفهاني : يقال : أبرقت السماء على بلاد كذا . وتقول أبرقت : إذا أصابتك السماء . وأبرقت ببلد كذا ، أي : أمطرت . قال الخليل : [ إذا ] شدد موعد بالوعيد ، قيل أبرق وأرعد . قال :


أبرق وأرعد يا يزي     د فما وعيدك لي بضائر

يقال : برق ورعد أيضا . قال :

[ ص: 223 ]

فإذا جعلت . . . فارس دونكم     فارعد هنالك ما بدا لك وابرق

أبو زيد عن الأصمعي : برقت السماء : إذا جاءت ببرق . وكذلك رعدت ، وبرق الرجل ورعد . ولم يعرف الأصمعي أبرق وأرعد . وأنشد :


يا جل ما بعدت عليك بلادنا     فابرق بأرضك ما بدا لك وارعد

ولم يلتفت إلى قول الكميت :


أبرق وأرعد يا يزي     د . . . . . . . . . . .

قال أبو زيد : وقد أخبرنا بها أبو زيد عن العرب . ثم إن أعرابيا أتانا من بني كلاب وهو محرم . فأردنا أن نسأله فقال أبو زيد : دعوني أتولى مسألته فأنا أرفق به . فقال له : كيف تقول إنك لتبرق وترعد ؟ فقال : في الخجيف ؟ يعني التهدد . قال : نعم . قال : أقول إنك لتبرق وترعد . فأخبرت به الأصمعي فقال : لا أعرف إلا برق ورعد .

ومن هذا الأصل قال الخليل : أبرقت الناقة : إذا ضربت ذنبها مرة على فرجها ، ومرة على عجزها ، فهي بروق ومبرق . قال اللحياني : يقال للناقة إذا شالت ذنبها كاذبة وتلقحت وليست بلاقح : أبرقت الناقة فهي مبرق وبروق . وضدها المكتام .

[ ص: 224 ] قال ابن الأعرابي : برقت فهي بارق : إذا تشذرت بذنبها من غير لقح . قال بعضهم : برق الرجل : إذا أتى بشيء لا مصداق له .

وحكى ابن الأعرابي ، أن رجلا عمل عملا فقال له بعض أصحابه : " برقت وعرقت " ، أي : لوحت بشيء ليس له حقيقة . وعرقت أقللت ، من قولهم :


لا تملأ الدلو وعرق فيها     ألا ترى حبار من يسقيها

قال الخليل : الإنسان البروق هو الفرق لا يزال . قال :


يروع كل خوار بروق

والإنسان إذا بقي كالمتحير قيل برق بصره برقا ، فهو برق فزع مبهوت . وكذلك تفسير من قرأها : فإذا برق البصر ، فأما من قرأ : برق البصر فإنه يقول : تراه يلمع من شدة شخوصه تراه لا يطيق . قال :


لما أتاني ابن عمير راغبا     أعطيته عيساء منها فبرق

أي : لعجبه بذلك . وبرق بعينه : إذا لألأ من شدة النظر . قال :


فعلقت بكفها تصفيقا     وطفقت بعينها تبريقا
نحو الأمير تبتغي التطليقا

[ ص: 225 ] قال ابن الأعرابي : برق الرجل ذهبت عيناه في رأسه ، ذهب عقله . قال اليزيدي : برق وجهه بالدهن يبرق برقا ، وله بريق ، وكذلك برقت الأديم أبرقه برقا ، وبرقته تبريقا .

قال أبو زيد : برق طعامه بالزيت أو السمن أو ذوب الإهالة : إذا جعله في الطعام وقلل منه .

قال اللحياني : برق السقاء يبرق برقا وبروقا : إذا أصابه حر فذاب زبده . قال ابن الأعرابي : يقال : زبدة برقة وسقاء برق : إذا انقطعا من الحر . وربما قالوا زبد مبرق . والإبريق معروف ، وهو من الباب . قال أبو زيد : البروق شجرة ضعيفة . وتقول العرب : " هو أشكر من بروقة " ، وذلك أنها إذا غابت السماء اخضرت ويقال : إنه إذا أصابها المطر الغزير هلكت . قال الشاعر يذكر حربا :


تطيح أكف القوم فيها كأنما     يطيح بها في الروع عيدان بروق

وقال الأسود يذكر امرأة :


ونالت عشاء من هبيد وبروق     ونالت طعاما من ثلاثة ألحم

وإنما قال ثلاثة ألحم ، لأن الذي أطعمها قانص .

قال يعقوب : برقت الإبل تبرق برقا : إذا اشتكت بطونها منه .

[ ص: 226 ] وأما الأصل الآخر فقال الخليل وغيره : تسمى العين برقاء لسوادها وبياضها . وأنشد :


ومنحدر من رأس برقاء حطه     مخافة بين من حبيب مزايل

المنحدر : الدمع . قالوا : والبرق مصدر الأبرق من الحبال والجبال ، وهو الحبل أبرم بقوة سوداء وقوة بيضاء . ومن الجبال ما كان منه جدد بيض وجدد سود . والبرقاء من الأرض طرائق ، بقعة فيها حجارة سود تخالطها رملة بيضاء . وكل قطعة على حيالها برقة . وإذا اتسع فهو الأبرق والأبارق والبراق . قال :


لنا المصانع من بصرى إلى هجر     إلى اليمامة فالأجراع فالبرق

والبرقة ما ابيض من فتل الحبل الأسود .

قال أبو عمرو الشيباني : البرق ما دفع في السيل من قبل الجبل . قال :


كأنها بالبرق الدوافع

قال قطرب : الأبرق الجبل يعارضك يوما وليلة أملس لا يرتقى . قال أبو زياد الكلابي : الأبرق في الأرض أعال فيها حجارة ، وأسافلها رمل يحل بها الناس . وهي تنسب إلى الجبال . ولما كانت صفة غالبة جمعت جمع الأسماء ، فقالوا الأبارق ، كما قالوا : الأباطح والأداهم في جمع الأدهم الذي هو القيد ، والأساود في جمع الأسود الذي هو الحية . قال الراعي :


وأفضن بعد كظومهن بحرة     من ذي الأبارق إذ رعين حقيلا

[ ص: 227 ] قال قطرب : بنو بارق حي من اليمن من الأشعرين . واسم بارق سعد بن عدي ، نزل جبلا كان يقال له بارق ، فنسب إليه . ويقال لولده بنو بارق ، يعرفون به .

قال بعض الأعراب : الأبرق والأبارق من مكارم النبات ، وهي أرض نصف حجارة ونصف تراب أبيض يضرب إلى الحمرة ، وبها رفض حجارة حمر . وإذا كان رمل وحجارة فهو أيضا أبرق . وإذا عنيت الأرض قلت برقاء . والأبرق يكون علما سامقا من حجارة على لونين ، أو من طين وحجارة . والأبرق والبرقة ، والجميع البرق والبراق والبرقاوات .

قال الأصمعي البرقان ما اصفر من الجراد وتلونت فيه [ خطوط واسود ] . ويقال : رأيت دبا برقانا كثيرا في الأرض ، الواحدة برقانة ، كما يقال : ظبية أدمانة وظباء أدمان . قال أبو زياد : البرقان فيه سواد وبياض كمثل برقة الشاة . قال الأصمعي : وبرقاء أيضا . قال أبو زياد : يمكث أول ما يخرج أبيض سبعا ، ثم يسود سبعا ، ثم يصير برقانا .

والبرقاء من الغنم كالبلقاء من الخيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية