( ظلم ) الظاء واللام والميم أصلان صحيحان ، أحدهما خلاف الضياء والنور ، والآخر وضع الشيء غير موضعه تعديا .
فالأول الظلمة ، والجمع ظلمات . والظلام : اسم الظلمة ; وقد أظلم المكان إظلاما . ومن هذا الباب ما حكاه
الخليل من قولهم : لقيته أول ذي ظلمة . قال : وهو أول شيء سد بصرك في الرؤية ، لا يشتق منه فعل . ومن هذا قولهم : لقيته أدنى ظلم ، للقريب . ويقولونه بألفاظ أخر مركبة من الظاء واللام والميم ، وأصل ذلك الظلمة ، كأنهم يجعلون الشخص ظلمة في التشبيه ، وذلك كتسميتهم الشخص سوادا . فعلى هذا يحمل الباب ، وهو من غريب ما يحمل عليه كلامهم .
والأصل الآخر : ظلمه يظلمه ظلما . والأصل : وضع الشيء [ في ] غير موضعه ; ألا تراهم يقولون : " من أشبه [ أباه ] فما ظلم " ، أي ما وضع الشبه غير موضعه . قال
كعب :
أنا ابن الذي لم يخزني في حياته قديما ومن يشبه أباه فما ظلم
[ ص: 469 ] ويقال ظلمت فلانا : نسبته إلى الظلم . وظلمت فلانا فاظلم وانظلم ، إذا احتمل الظلم . وأنشد بيت
زهير :
هو الجواد الذي يعطيك نائله عفوا ويظلم أحيانا فيظلم
بالظاء والطاء . والأرض المظلومة : التي لم تحفر قط ثم حفرت ; وذلك التراب ظليم . قال :
فأصبح في غبراء بعد إشاحة على العيش مردود عليها ظليمها
وإذا نحر البعير من غير علة فقد ظلم . ومنه قوله :
عاد الأذلة في دار وكان بها هرت الشقاشق ظلامون للجزر
والظلامة : ما تطلبه من مظلمتك عند الظالم . ويقال : سقانا ظليمة طيبة . وقد ظلم وطبه ، إذا سقى منه قبل أن يروب ويخرج زبده . ويقال لذلك اللبن : ظليم أيضا . قال :
وقائلة ظلمت لكم سقائي وهل يخفى على العكد الظليم
والله أعلم بالصواب .