باب العين والقاف وما يثلثهما في الثلاثي
( عقل ) العين والقاف واللام أصل واحد منقاس مطرد ، يدل عظمه على حبسة في الشيء أو ما يقارب الحبسة . من ذلك العقل ، وهو الحابس عن ذميم القول والفعل .
قال
الخليل : العقل : نقيض الجهل . يقال عقل يعقل عقلا ، إذا عرف ما كان يجهله قبل ، أو انزجر عما كان يفعله . وجمعه عقول . ورجل عاقل وقوم عقلاء . وعاقلون . ورجل عقول ، إذا كان حسن الفهم وافر العقل . وما له معقول ، أي عقل ; خرج مخرج المجلود للجلادة ، والميسور لليسر . قال :
[ ص: 70 ] فقد أفادت لهم عقلا وموعظة لمن يكون له إرب ومعقول
ويقال في المثل : " رب أبله عقول " . ويقولون : " علم قتيلا وعدم معقولا " . ويقولون : فلان عقول للحديث ، لا يفلت الحديث سمعه ، ومن الباب المعقل والعقل ، وهو الحصن ، وجمعه عقول . قال
أحيحة :
وقد أعددت للحدثان صعبا لو أن المرء تنفعه العقول
يريد الحصون .
ومن الباب العقل ، وهي الدية . يقال : عقلت القتيل أعقله عقلا ، إذا أديت ديته . قال :
إني وقتلي سليكا ثم أعقله كالثور يضرب لما عافت البقر
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : عقلت القتيل : أعطيت ديته . وعقلت عن فلان ، إذا غرمت جنايته . قال : وكلمت
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبا يوسف القاضي في ذلك بحضرة
الرشيد ، فلم يفرق بين عقلته وعقلت عنه ، حتى فهمته .
والعاقلة : القوم تقسم عليهم الدية في أموالهم إذا كان قتيل خطأ . وهم بنو عم القاتل الأدنون وإخوته . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : صار دم فلان معقلة على قومه ، أي صاروا يدونه .
[ ص: 71 ] ويقول بعض العلماء : إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث ديتها . يعنون أن موضحتها وموضحته سواء ، فإذا بلغ العقل ما يزيد على ثلث الدية صارت دية المرأة على نصف دية الرجل .
وبنو فلان على معاقلهم التي كانوا عليها في الجاهلية ، يعني مراتبهم في الديات ، الواحدة معقلة . قالوا أيضا : وسميت الدية عقلا لأن الإبل التي كانت تؤخذ في الديات كانت تجمع فتعقل بفناء المقتول ، فسميت الدية عقلا وإن كانت دراهم ودنانير . وقيل سميت عقلا لأنها تمسك الدم .
قال
الخليل : إذا أخذ المصدق صدقة الإبل تامة لسنة قيل : أخذ عقالا ، وعقالين لسنتين . ولم يأخذ نقدا ، أي لم يأخذ ثمنا ، ولكنه أخذ الصدقة على ما فيها . وأنشد :
سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
وأهل اللغة يقولون : إن الصدقة كلها عقال . يقال : استعمل فلان على عقال بني فلان ، أي على صدقاتهم . قالوا : وسميت عقالا لأنها تعقل عن صاحبها الطلب بها وتعقل عنه المأثم أيضا .
وتأولوا قول
أبي بكر لما منعت العرب الزكاة : " والله لو منعوني عقالا مما
[ ص: 72 ] أدوه إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لقاتلتهم عليه " ، فقالوا : أراد به صدقة عام ، وقالوا أيضا : إنما أراد بالعقال الشيء التافه الحقير ، فضرب العقال الذي يعقل به البعير لذلك مثلا . وقيل إن المصدق كان إذا أعطى صدقة إبله أعطى معها عقلها وأرويتها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : عقل الظبي يعقل عقولا ، إذا امتنع في الجبل . ويقال : عقل الطعام بطنه ، إذا أمسكه . والعقول من الدواء : ما يمسك البطن . قال : ويقال : اعتقل رمحه ، إذا وضعه بين ركابه وساقه . واعتقل شاته ، إذا وضع رجلها بين فخذه وساقه فحلبها . ولفلان عقلة يعتقل بها الناس ، إذا صارعهم عقل أرجلهم . ويقال عقلت البعير أعقله عقلا ، إذا شددت يده بعقاله ، وهو الرباط . وفي أمثالهم :
الفحل يحمي شوله معقولا
واعتقل لسان فلان ، إذا احتبس عن الكلام .
فأما قولهم : فلانة عقيلة قومها ، فهي كريمتهم وخيارهم . ويوصف بذلك السيد أيضا فيقال : هو عقيلة قومه . وعقيلة كل شيء : أكرمه . والدرة : عقيلة البحر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13435ابن قيس الرقيات :
درة من عقائل البحر بكر لم يشنها مثاقب اللآل
[ ص: 73 ] وذكر قياس هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي ، قالوا عنه : إنما سميت عقيلة لأنها عقلت صواحبها عن أن يبلغنها . وقال
الخليل : بل معناه عقلت في خدرها . قال
امرؤ القيس :
عقيلة أخدان لها لا دميمة ولا ذات خلق أن تأملت جأنب
قال
أبو عبيدة : العقيلة ، الذكر والأنثى سواء . قال :
بكر يبذ البزل والبكارا عقيلة من نجب مهارى
ومن هذا الباب : العقل في الرجلين : اصطكاك الركبتين ، يقال : بعير أعقل ، وقد عقل عقلا . وأنشد :
أخو الحرب لباس إليها جلالها وليس بولاج الخوالف أعقلا
والعقال : داء يأخذ الدواب في الرجلين ، وقد يخفف . ودابة معقولة وبها عقال ، إذا مشت كأنها تقلع رجليها من صخرة . وأكثر ما يكون في ذلك في الشاء .
قال
أبو عبيدة : امرأة عقلاء ، إذا كانت حمشة الساقين ضخمة العضلتين . قال
الخليل : العاقول من النهر والوادي ومن الأمور أيضا : ما التبس واعوج .
وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي ، ولم نسمعه سماعا ، أن العقال : البئر القريبة القعر ، سميت عقالا لقرب مائها ، كأنها تستقى بالعقال ، وقد ذكر ذلك عن
أبي عبيدة أيضا .
ومما يقرب من هذا الباب العقنقل من الرمل ، وهو ما ارتكم منه; وجمعه عقاقيل ، وإنما سمي بذلك لارتكامه وتجمعه . ومنه عقنقل الضب : مصيره .
[ ص: 74 ] ويقولون : " أطعم أخاك من عقنقل الضب " ، يتمثل به . ويقولون إنه طيب . فأما
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي فإنه قال : إنه يرمى به ، ويقال : " أطعم أخاك من عقنقل الضب " استهزاء . قالوا : وإنما سمي عقنقلا لتحويه وتلويه ، وكل ما تحوى والتوى فهو عقنقل ، ومنه قيل لقضبان الكرم : عقاقيل ، لأنها ملتوية . قال :
نجذ رقاب القوم من كل جانب كجذ عقاقيل الكروم خبيرها
فأما الأسماء التي جاءت من هذا البناء ولعلها أن تكون منقاسة ، فعاقل : جبل بعينه . قال :
لمن الديار برامتين فعاقل درست وغير آيها القطر
قال
أبو عبيدة : بنو عاقل
رهط الحارث بن حجر ، سموا بذلك لأنهم نزلوا عاقلا ، وهم ملوك .
ومعقلة : مكان بالبادية . وأنشد :
وعين كأن البابليين لبسا بقلبك منها يوم معقلة سحرا
وقال
أوس :
فبطن السلي فالسخال تعذرت فمعقلة إلى مطار فواحف
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : بالدهناء خبراء يقال لها معقلة .
[ ص: 75 ] وذو العقال : فرس معروف . وأنشد :
فكأنما مسحوا بوجه حمارهم بالرقمتين جبين ذي العقال