( عين ) العين والياء والنون أصل واحد صحيح يدل على عضو به يبصر وينظر ، ثم يشتق منه ، والأصل في جميعه ما ذكرنا .
قال
الخليل : العين الناظرة لكل ذي بصر . والعين تجمع على أعين وعيون وأعيان . قال الشاعر :
فقد أروع قلوب الغانيات به حتى يملن بأجياد وأعيان
وقال :
فقد قر أعيان الشوامت أنهم
وربما جمعوا أعينا على أعينات . قال :
بأعينات لم يخالطها قذى
وعين القلب مثل على معنى التشبيه . ومن أمثال العرب في العين ، قولهم : " ولا أفعله ما حملت عيني الماء " ، أي لا أفعله أبدا . ويقولون : " عين بها كل داء " للكثير العيوب . ويقال : رجل شديد جفن العين ، إذا كان صبورا على السهر . ويقال : عنت الرجل ، إذا أصبته بعينك ، فأنا أعينه عينا ، وهو معيون . قال :
قد كان قومك يحسبونك [ سيدا وإخال أنك ] سيد معيون
ورجل عيون ومعيان : خبيث العين . والعائن : الذي يعين ، ورأيت
[ ص: 200 ] الشيء عيانا ، أي معاينة . ويقولون : لقيته عين عنة ، أي عيانا . وصنعت ذاك عمد عين ، إذا تعمدته . والأصل فيه العين الناظرة ، أي إنه صنع ذلك بعين كل من رآه . وهو عبد عين ، أي يخدم ما دام مولاه يراه . ويقال للأمر يضح : " بين الصبح لذي عينين " .
ومن الباب العين : الذي تبعثه يتجسس الخبر ، كأنه شيء ترى به ما يغيب عنك . ويقال : رأيتهم أدنى عائنة ، أي قبل كل أحد ، يريد - والله أعلم - قبل كل نفس ناظرة . ويقال : اذهب فاعتن لنا ، أي انظر . ويقال : ما بها عين ، متحركة الياء ، تريد أحدا له عين ، فحركت الياء فرقا . قال :
ولا عينا إلا نعاما مشمرا
فأما قولهم : اعتان لنا منزلا ، أي ارتاده ، فإنهم لم يفسروه . والمعنى أنه نظر إلى المنازل بعينه ثم اختار .
ومن الباب العين الجارية النابعة من عيون الماء ، وإنما سميت عينا تشبيها لها بالعين الناظرة لصفائها ومائها . ويقال : قد عانت الصخرة ، وذلك إذا كان بها صدع يخرج منه الماء . ويقال : حفر فأعين وأعان .
ومن الباب العين : السحاب ما جاء من ناحية القبلة ، وهذا مشبه بمشبه ، لأنه شبه بعين الماء التي شبهت بعين الإنسان . يقولون : إذا نشأ السحاب من قبل العين فلا يكاد يخلف .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : يقال هذا مطر العين ، ولا يقال مطرنا بالعين . وعين الشمس مشبه بعين الإنسان . قال
الخليل : عين الشمس : صيخدها المستدير .
[ ص: 201 ] ومن الباب ماء عائن ، أي سائل . ومن الباب عين السقاء . قال
الخليل : يقال للسقاء إذا بلي ورق موضع منه : قد تعين . وهذا أيضا من العين ، لأنه إذا رق قرب من التخرق فصار السقاء كأنه ينظر به . وأنشد
ثعلب :
قالت سليمى قولة لريدها ما لابن عمي صادرا من شيدها
بذات لوث عينها في جيدها
أراد قربة قد تعينت في جيدها . ويقال سقاء عين ، إذا كانت فيه كالعيون ، وهو الذي قد ذكرناه . وأنشد :
ما بال عيني كالشعيب العين
وقالوا في قول
الطرماح :
فأخضل منها كل بال وعين وجف الروايا بالملا المتباطن
إن العين الجديد بلغة
طي . وهذا عندنا مما لا معنى له ، إنما العين الذي به عيون ، وهي التي ذكرناها من عيون السقاء . وإنما غلط القوم لأنهم رأوا باليا وعينا ، فذهبوا إلى أن الشاعر أراد كل جديد وبال . وهذا خطأ ، لأن البالي الذي بلي ، والعين : الذي يكون به عيون . وقد تكون القربة الجديد ذات عيون لعيب في الجلد . والدليل على ما قلناه قول
القطامي :
[ ص: 202 ] ولكن الأديم إذا تفرى بلى وتعينا غلب الصناعا
ومن باقي كلامهم في العين العين : البقر ، وتوصف البقرة بسعة العين فيقال : بقرة عيناء . والرجل أعين . قال
الخليل : ولا يقال ثور أعين . وقال غيره : يقال ثور أعين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذو الرمة :
رفيق أعين ذيال تشبهه فحل الهجان تنحى غير مخلوج
قال
الخليل : الأعين : اسم الثور ، [ ويقال ] معين أيضا . قال :
ومعينا يحوي الصوار كأنه متخمط قطم إذا ما بربرا
ويقال قواف عين . وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي عن تفسيرها فقال : لا أعرفه . وهذا من الورع الذي كان يستعمله في تركه تفسير القرآن ، فكأنه لم يفسر العين كما لم يفسر الحور لأنهما لفظتان في القرآن . قال الله - تعالى :
وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون ، إنما المعنى في القوافي العين أنها نافذة كالشيء النافذ البصر . قال
الهذلي :
بكلام خصم أو جدال مجادل غلق يعالج أو قواف عين
ومن الباب قولهم : أعيان القوم ، أي أشرافهم ، وهم قياس ما ذكرناه ،
[ ص: 203 ] كأنهم عيونهم التي بها ينظرون ، وكذلك الإخوة ، قال
الخليل : تقول لكل إخوة يكونون لأب وأم ولهم إخوة من أمهات شتى : هؤلاء أعيان إخوتهم . وهذا أيضا مقيس على ما ذكرناه . وعينة كل شيء : خياره ، يستوي فيه الذكر والأنثى ، كما يقال عين الشيء وعينته ، أي أجوده; لأن أصفى ما في وجه الإنسان عينه .
ومن الباب : ابنا عيان : خطان يخطهما الزاجر ويقول : ابني عيان ، أسرعا البيان ! كأنه بهما ينظر إلى ما يريد أن يعلمه . وقال
الراعي يصف قدحا :
جرى ابنا عيان بالشواء المضهب
ويقال : نظرت البلاد بعين أو بعينين ، إذا طلع النبت . وكل هذا محمول واستعارة وتشبيه . قال الشاعر :
إذا نظرت بلاد بني نمير بعين أو بلاد بني صباح
رميناهم بكل أقب نهد وفتيان العشية والصباح
ومن الباب : العين ، وهو المال العتيد الحاضر; يقال هو عين غير دين ، أي هو مال حاضر تراه العيون . وعين الشيء : نفسه . تقول : خذ درهمك بعينه ،
[ ص: 204 ] فأما قولهم للميل في الميزان عين فهو من هذا أيضا; لأن العين كالزيادة في الميزان .
وقال
الخليل : العينة : السلف ، يقال تعين فلان من فلان عينة ، وعينه تعيينا . قال
الخليل : واشتقت من عين الميزان ، وهي زيادته . وهذا الذي ذكره
الخليل [ صحيح ] ; لأن العينة لا بد أن تجر زيادة .
ويقال من العينة : اعتان . وأنشد :
فكيف لنا بالشرب إن لم تكن لنا دراهم عند الحانوي ولا نقد
أندان أم نعتان أم ينبري لنا فتى مثل نصل السيف أبرزه الغمد
ومن الباب عين الركية ، وهما عينان كأنهما نقرتان في مقدمها .
فهذا باب العين والياء وما معهما في الثلاثي . فأما العين والألف فقد مضى ذكر ذلك ، لأن الألف فيه لا بد [ أن ] تكون منقلبة عن ياء أو واو ، وقد ذكر ذلك والله أعلم .