( عبد ) العين والباء والدال أصلان صحيحان ، كأنهما متضادان ، و [ الأول ] من ذينك الأصلين يدل على لين وذل ، والآخر على شدة وغلظ .
فالأول العبد ، وهو المملوك ، والجماعة العبيد ، وثلاثة أعبد وهم العباد . قال
الخليل : إلا أن العامة اجتمعوا على تفرقة ما بين عباد الله والعبيد المملوكين . يقال هذا عبد بين العبودة . ولم نسمعهم يشتقون منه فعلا ، ولو اشتق لقيل عبد ، أي صار عبدا وأقر بالعبودة ، ولكنه أميت الفعل فلم يستعمل . قال : وأما عبد يعبد عبادة فلا يقال إلا لمن يعبد الله - تعالى . يقال منه عبد يعبد عبادة ، وتعبد يتعبد
[ ص: 206 ] تعبدا . فالمتعبد : المتفرد بالعبادة . واستعبدت فلانا : اتخذته عبدا . وأما عبد في معنى خدم مولاه فلا يقال عبده ، ولا يقال يعبد مولاه . وتعبد فلان فلانا ، إذا صيره كالعبد له وإن كان حرا . قال :
تعبدني نمر بن سعد وقد أرى ونمر بن سعد لي مطيع ومهطع
ويقال : أعبد فلان فلانا ، أي جعله عبدا . ويقال للمشركين : عبدة الطاغوت والأوثان ، وللمسلمين : عباد يعبدون الله - تعالى - . وذكر بعضهم : عابد وعبد ، كخادم وخدم . وتأنيث العبد عبدة ، كما يقال مملوك ومملوكة . قال
الخليل : والعبداء : جماعة العبيد الذين ولدوا في العبودة .
ومن الباب البعير المعبد ، أي المهنوء بالقطران . وهذا أيضا يدل على ما قلناه لأن ذلك يذله ويخفض منه . قال
طرفة :
إلى أن تحامتني العشيرة كلها وأفردت إفراد البعير المعبد
والمعبد : الذلول ، يوصف به البعير أيضا .
ومن الباب : الطريق المعبد ، وهو المسلوك المذلل .
والأصل الآخر العبدة ، وهي القوة والصلابة; يقال هذا ثوب له عبدة ، إذا كان صفيقا قويا . ومنه
علقمة بن عبدة ، بفتح الباء .
[ ص: 207 ] ومن هذا القياس العبد ، مثل الأنف والحمية . يقال : هو يعبد لهذا الأمر . وفسر قوله - تعالى - :
قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ، أي أول من غضب عن هذا وأنف من قوله . وذكر عن
علي - عليه السلام - أنه قال : "
عبدت فصمت " ، أي أنفت فسكت . وقال :
ويعبد الجاهل الجافي بحقهم بعد القضاء عليه حين لا عبد
وقال آخر :
وأعبد أن تهجى كليب بدارم
أي آنف من ذلك وأغضب منه :