باب العين والذال وما يثلثهما
( عذر ) العين والذال والراء بناء صحيح له فروع كثيرة ، ما جعل الله - تعالى - فيه وجه قياس بتة ، بل كل كلمة منها على نحوها وجهتها مفردة . فالعذر معروف ، وهو روم الإنسان إصلاح ما أنكر عليه بكلام . يقال منه : عذرته فأنا أعذره عذرا ، والاسم العذر . وتقول : عذرته من فلان ، أي لمته ولم ألم هذا . يقال : من عذيري من فلان ، ومن يعذرني منه . قال :
أريد حباءه ويريد قتلي عذيرك من خليلك من مراد
ويقال إن عذير الرجل : ما يروم ويحاول مما يعذر عليه إذا فعله . قال
[ ص: 254 ] الخليل : وكان
العجاج يرم رحله لسفر أراده ، فقالت امرأته : ما هذا الذي ترم ؟ فقال :
جاري لا تستنكري عذيري
يريد : لا تنكري ما أحاول . ثم فسر في بيت آخر فقال :
سيري وإشفاقي على بعيري
وتقول : اعتذر يعتذر اعتذارا وعذرة من ذنبه فعذرته . والمعذرة الاسم . قال الله - تعالى - :
قالوا معذرة إلى ربكم . وأعذر فلان إذا أبلى عذرا فلم يلم . ومن هذا الباب قولهم : عذر الرجل تعذيرا ، إذا لم يبالغ في الأمر وهو يريك أنه مبالغ فيه . وفي القرآن :
وجاء المعذرون من الأعراب ، ويقرأ : " المعذرون " . قال أهل العربية : المعذرون بالتخفيف هم الذين لهم العذر ، والمعذرون : الذين لا عذر لهم ولكنهم يتكلفون عذرا . وقولهم للمقصر في الأمر : معذر ، وهو عندنا من العذر أيضا ، لأنه يقصر في الأمر معولا على العذر الذي لا يريد يتكلف .
[ ص: 255 ] وباب آخر لا يشبه الذي قبله ، يقولون : تعذر الأمر ، إذا لم يستقم . قال
امرؤ القيس :
ويوما على ظهر الكثيب تعذرت علي وآلت حلفة لم تحلل
وباب آخر لا يشبه الذي قبله : العذار : عذار اللجام . قال : وما كان على الخدين من كي أو كدح طولا فهو عذار . تقول من العذار : عذرت الفرس فأنا أعذره عذرا بالعذار ، في معنى ألجمته . وأعذرت اللجام ، أي جعلت له عذارا . ثم يستعيرون هذا فيقولون للمنهمك في غيه : " خلع العذار " . ويقال من العذار : عذرت الفرس تعذيرا أيضا .
وباب آخر لا يشبه الذي قبله . العذار ، وهو طعام يدعى إليه لحادث سرور . يقال منه : أعذروا إعذارا . قال :
كل الطعام تشتهي ربيعه الخرس والإعذار والنقيعه
ويقال بل هو طعام الختان خاصة . يقال عذر الغلام ، إذا ختن . وفلان وفلان عذار عام واحد .
وباب آخر لا يشبه الذي قبله : العذور ، قال
الخليل : هو الواسع الجوف الشديد العضاض . قال الشاعر يصف الملك أنه واسع عريض :
[ ص: 256 ] وحاز لنا الله النبوة والهدى فأعطى به عزا وملكا عذورا
ومما يشبه هذا قول القائل يمدح :
إذا نزل الأضياف كان عذورا على الحي حتى تستقل مراجله
قالوا : أراد سيء الخلق حتى تنصب القدور . وهو شبيه بالذي قاله
الخليل في وصف الحمار الشديد العضاض .
وباب آخر لا يشبه الذي قبله : العذرة : عذرة الجارية العذراء ، جارية عذراء : لم يمسها رجل . وهذا مناسب لما مضى ذكره في عذرة الغلام .
وباب آخر لا يشبه الذي قبله : العذرة : وجع يأخذ في الحلق . يقال منه : عذر فهو معذور . قال
جرير :
غمز ابن مرة يا nindex.php?page=showalam&ids=14899فرزدق كينها غمز الطبيب نغانغ المعذور
وباب آخر لا يشبه الذي قبله : العذرة : نجم إذا طلع اشتد الحر ، يقولون : " إذا طلعت العذرة ، لم يبق
بعمان بسرة " .
وباب آخر لا يشبه الذي قبله : العذرة : خصلة من شعر ، والخصلة من عرف الفرس . وناصيته عذرة . وقال :
سبط العذرة مياح الحضر
[ ص: 257 ] وباب آخر لا يشبه الذي قبله : العذرة : فناء الدار . وفي الحديث :
اليهود أنتن خلق الله عذرة ، أي فناء . ثم سمي الحدث عذرة لأنه كان يلقى بأفنية الدور .