صفحة جزء
( عصم ) العين والصاد والميم أصل واحد صحيح يدل على إمساك ومنع وملازمة . والمعنى في ذلك كله معنى واحد . من ذلك العصمة : أن يعصم الله - تعالى - عبده من سوء يقع فيه . واعتصم العبد بالله - تعالى - ، إذا امتنع . واستعصم : التجأ . وتقول العرب : أعصمت فلانا ، أي هيأت له شيئا يعتصم بما نالته يده أي يلتجئ ويتمسك به . قالالنابغة :


يظل من خوفه الملاح معتصما بالخيزرانة من خوف ومن رعد



والمعصم من الفرسان : السيئ الحال في فروسته ، تراه يمتسك بعرف فرسه أو غير ذلك . قال :

[ ص: 332 ]

إذا ما غدا لم يسقط الروع رمحه     ولم يشهد الهيجا بألوث معصم



والعصمة : كل شيء اعتصمت به . وعصمه الطعام : منعه من الجوع .

ومن الباب العصيم ، وهو الصدأ من الهناء والبول ييبس على فخذ الناقة . قال :


وأضحى عن مراسهم قتيلا     بلبته سرائح كالعصيم



وأثر الخضاب عصيم ، والمعصم : الجلد لم ينح وبره عنه ، بل ألزم شعره لأنه لا ينتفع به . يقال : أعصمنا الإهاب .

قال الأصمعي : العصم : أثر كل شيء من ورس أو زعفران أو نحوه . قال : وسمعت امرأة من العرب تقول لأخرى : " أعطيني عصم حنائك " أي ما سلت منه . ويقال : بيده عصمة خلوق ، أي أثره . قلنا : وهذا الذي ذكره الأصمعي من كلام المرأة مخالف لقوله إن العصم : الأثر ، لأنها لم تسأل الأثر . والصحيح في هذا أن يقال العصم : الحناء ; ما لزم يد المختضبة ، وأثره بعد ذلك عصم ، لأنه باق ملازم .

ومما قيس على عصم الحناء : العصمة : البياض يكون برسغ ذي القوائم . من ذلك الوعل الأعصم ، وعصمته : بياض في رسغه ، والجمع من الأعصم عصم وقال :


مقادير النفوس مؤقتات     تحط العصم من رأس اليفاع



[ ص: 333 ] وقال الأعشى :


قد يترك الدهر في خلقاء راسية     وهيا وينزل منها الأعصم الصدعا



ويقال : غراب أعصم ، إذا كان ذلك الموضع منه أبيض ، وقلما يوجد . قال ابن الأعرابي : العصمة في الخيل بياض قل أو كثر ، باليدين دون الرجلين فيقولون : هو أعصم اليدين . وكل هذا قياسه واحد ، كأن ذلك الوضح أثر ملازم لليد كما قلناه في عصم الحناء .

ومن الباب العصمة : القلادة ، سميت بذلك للزومها العنق . قال لبيد فجمعها على أعصام ، كأنه أراد جمع عصم :


حتى إذا يئس الرماة وأرسلوا     غضفا دواجن قافلا أعصامها



ومن الباب : عصام المحمل : شكاله وقيده الذي يشد به عارضاه . وعصام القربة : عقال نحو ذراعين ، يجعل في خربتي المزدتين لتلتقيا . وقد أعصمتهما : جعلت لهما عصاما . قال تأبط شرا :


وقربة أقوام جعلت عصامها     على كاهل مني ذلول مرحل



قال : ولا يكون للدلو عصام .

ومن الباب معصم المرأة ، وهو موضع السوارين من ساعديها . وقال :


فاليوم عندك دلها وحديثها     وغدا لغيرك كفها والمعصم



[ ص: 334 ] وإنما سمي معصما لإمساكه السوار ، ثم يكون معصما ولا سوار . ويقال : أعصم به وأخلد ، إذا لزمه .

وعصام : رجل . والعرب تقول عند الاستخبار : " ما وراءك يا عصام ؟ " ، والأصل قول النابغة :


ولكن ما وراءك يا عصام



ويقولون للسائد بنفسه لا بآبائه :


نفس عصام سودت عصاما



التالي السابق


الخدمات العلمية