( فرط ) الفاء والراء والطاء أصل صحيح يدل على إزالة شيء من مكانه وتنحيته عنه . يقال فرطت عنه ما كرهه ، أي نحيته . قال :
فلعل بطأكما يفرط سيئا أو يسبق الإسراع خيرا مقبلا
فهذا هو الأصل ، ثم يقال أفرط ، إذا تجاوز الحد في الأمر . يقولون : إياك والفرط ، أي لا تجاوز القدر . وهذا هو القياس ، لأنه [ إذا ] جاوز القدر فقد أزال الشيء عن جهته . وكذلك التفريط ، وهو التقصير ، لأنه إذا قصر فيه فقد قعد به عن رتبته التي هي له .
ومن الباب الفرط والفارط : المتقدم في طلب الماء . ومنه يقال في الدعاء للصبي : " اللهم اجعله فرطا لأبويه " ، أي أجرا متقدما . وتكلم فلان فراطا ، إذا سبقت منه بوادر الكلام . ومن هذا الكلم : أفرط في الأمر : عجل . وأفرطت السحابة بالوسمي : عجلت به . وفرطت عنه الشيء : نحيته عنه . وفرس فرط : تسبق الخيل . والماء الفراط . الذي يكون لمن سبق إليه من الأحياء . وقال في الفرس الفرط :
فرط وشاحي إذ غدوت لجامها
وفراط القطا : متقدماتها إلى الوادي . وفراط القوم : متقدموهم . قال :
فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا كما تعجل فراط لوراد
[ ص: 491 ] ويقولون : أفرطت القربة : ملأتها . والمعنى في ذلك أنه إذا ملأها فقد أفرط ، لأن الماء يسبق منها فيسيل . وغدير مفرط : ملآن . وأفرطت القوم ، إذا تقدمتهم وتركتهم وراءك . وقالوا في قوله - تعالى :
وأنهم مفرطون : أي مؤخرون .
ويقولون : لقيته في الفرط بعد الفرط ، أي الحين بعد الحين . يقال : معناه ما فرط من الزمان . والفارطان : كوكبان أمام بنات نعش ، كأنها سميا بذلك لتقدمهما . وأفراط الصباح : أوائل تباشيره . ومنه الفرط ، أي العلم من أعلام الأرض يهتدى بها ، والجمع أفراط . وإياه أراد القائل بقوله :
أم هل سموت بجرار له لجب جم الصواهل بين الجم والفرط
ويقال إنما هو الفرط ، والقياس واحد .