( جد ) الجيم والدال أصول ثلاثة : الأول العظمة ، والثاني الحظ ، والثالث القطع .
فالأول العظمة ، قال الله جل ثناؤه إخبارا عمن قال :
وأنه تعالى جد ربنا . ويقال جد الرجل في عيني أي عظم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك : " كان الرجل إذا قرأ سورة البقرة وآل عمران جد فينا " ، أي عظم في صدورنا .
[ ص: 407 ] والثاني : الغنى والحظ ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964966لا ينفع ذا الجد منك الجد ، يريد لا ينفع ذا الغنى منك غناه ، إنما ينفعه العمل بطاعتك . وفلان أجد من فلان وأحظ منه بمعنى .
والثالث : يقال جددت الشيء جدا ، وهو مجدود وجديد ، أي مقطوع . قال :
أبى حبي سليمى أن يبيدا وأمسى حبلها خلقا جديدا
وليس ببعيد أن يكون الجد في الأمر والمبالغة فيه من هذا ; لأنه يصرمه صريمة ويعزمه عزيمة . ومن هذا قولك : أجدك تفعل كذا ؟ أي أجدا منك ، أصريمة منك ، أعزيمة منك . قال
الأعشى :
أجدك لم تسمع وصاة محمد نبي الإله حين أوصى وأشهدا
وقال :
أجدك لم تغتمض ليلة فترقدها مع رقادها
والجد البئر من هذا الباب ، والقياس واحد ، لكنها بضم الجيم . قال الأعشى فيه :
ما جعل الجد الظنون الذي جنب صوب اللجب الماطر
والبئر تقطع لها الأرض قطعا .
ومن هذا الباب الجدجد : الأرض المستوية . قال :
[ ص: 408 ] يفيض على المرء أردانها كفيض الأتي على الجدجد
والجدد مثل الجدجد . والعرب تقول : " من سلك الجدد أمن العثار " . ويقولون : " رويد يعلون الجدد " . ويقال أجد القوم إذا صاروا في الجدد . والجديد : وجه الأرض . قال :
إلا جديد الأرض أو ظهر اليد
والجدة من هذا أيضا ، وكل جدة طريقة . والجدة الخطة تكون على ظهر الحمار .
ومن هذا الباب الجداء : الأرض التي لا ماء بها ، كأن الماء جد عنها ، أي قطع ، ومنه الجدود والجداء من الضان ، وهي التي جف لبنها ويبس ضرعها .
ومن هذا الباب الجداد والجداد ، وهو صرام النخل . وجادة الطريق سواؤه ، كأنه قد قطع عن غيره ، ولأنه أيضا يسلك ويجد . ومنه الجدة . وجانب كل شيء جدة ، نحو جدة المزادة ، وذلك هو مكان القطع من أطرافها . فأما قول
الأعشى :
أضاء مظلته بالسرا ج والليل غامر جدادها
فيقال إنها بالنبطية ، وهي الخيوط التي تعقد بالخيمة . وما هذا عندي بشيء ،
[ ص: 409 ] بل هي عربية صحيحة ، وهي من الجد وهو القطع ; وذلك أنها تقطع قطعا على استواء .
وقولهم ثوب جديد ، وهو من هذا ، كأن ناسجه قطعه الآن . هذا هو الأصل ، ثم سمي كل شيء لم تأت عليه الأيام جديدا ; ولذلك يسمى الليل والنهار الجديدين والأجدين ; لأن كل واحد منهما إذا جاء فهو جديد . والأصل في الجدة ما قلناه . وأما قول
الطرماح :
تجتني ثامر جداده من فرادى برم أو تؤام
فيقال إن الجداد صغار الشجر ، وهو عندي كذا على معنى التشبيه بجداد الخيمة ، وهي الخيوط ، وقد مضى تفسيره .