( جر ) الجيم والراء أصل واحد ; وهو مد الشيء وسحبه . يقال جررت الحبل وغيره أجره جرا . قال لقيط :
جرت لما بيننا حبل الشموس فلا يأسا مبينا نرى منها ولا طمعا
والجر : أسفل الجبل ، وهو من الباب ، كأنه شيء قد سحب سحبا . قال :
وقد قطعت واديا وجرا
والجرور من الأفراس : الذي يمنع القياد . وله وجهان : أحدهما أنه فعول بمعنى مفعول ، كأنه أبدا يجر جرا ، والوجه الآخر أن يكون جرورا على جهته ، لأنه يجر إليه قائده جرا .
[ ص: 411 ] والجرار : الجيش العظيم ، لأنه يجر أتباعه وينجر . قال :
ستندم إذ يأتي عليك رعيلنا بأرعن جرار كثير صواهله
ومن القياس الجرجور ، وهي القطعة العظيمة من الإبل . قال :
مائة من عطائهم جرجورا
والجرير : حبل يكون في عنق الناقة من أدم ، وبه سمي الرجل جريرا . ومن هذا الباب الجريرة ، ما يجره الإنسان من ذنب ، لأنه شيء يجره إلى نفسه . ومن هذا الباب الجرة جرة الأنعام ، لأنها تجر جرا . وسميت مجرة السماء مجرة لأنها كأثر المجر . والإجرار : أن يجر لسان الفصيل ثم يخل لئلا يرتضع . قال :
كما خل ظهر اللسان المجر
وقال قوم الإجرار أن يجر ثم يشق . وعلى ذلك فسر قول
عمرو :
فلو أن قومي أنطقتني رماحهم نطقت ولكن الرماح أجرت
يقول : لو أنهم قاتلوا لذكرت ذلك في شعري مفتخرا به ، ولكن رماحهم أجرتني فكأنها قطعت اللسان عن الافتخار بهم .
[ ص: 412 ] ويقال أجره الرمح إذا طعنه وترك الرمح فيه يجره . قال :
ونجر في الهيجا الرماح وندعي
وقال :
وغادرن نضلة في معرك يجر الأسنة كالمحتطب
وهو مثل ، والأصل ما ذكرناه من جر الشيء . ويقال جرت الناقة ، إذا أتت على وقت نتاجها ولم تنتج إلا بعد أيام ، فهي قد جرت حملها جرا . وفي الحديث :
لا صدقة في الإبل الجارة ، وهي التي تجر بأزمتها وتقاد ، فكأنه أراد التي تكون تحت الأحمال ، ويقال بل هي ركوبة القوم .
ومن هذا الباب أجررت فلانا الدين إذا أخرته به ، وذلك مثل إجرار الرمح والرسن . ومنه أجر فلان فلانا أغاني ، إذا تابعها له . قال :
فلما قضى مني القضاء أجرني أغاني لا يعيا بها المترنم
وتقول : كان في الزمن الأول كذا وهلم جرا إلى اليوم ، أي جر ذلك إلى اليوم لم ينقطع ولم ينصرم . والجر في الإبل أيضا أن ترعى وهي سائرة تجر أثقالها . والجارور - فيما يقال - نهر يشقه السيل . ومن الباب الجرة وهي خشبة نحو الذراع تجعل في رأسها كفة وفي وسطها حبل وتدفن للظباء فتنشب فيها ، فإذا نشبت ناوصها ساعة يجرها إليه وتجره إليها ، فإذا غلبته استقر [ فيها ] .
[ ص: 413 ] فتضرب العرب بها مثلا للذي يخالف القوم في رائهم ثم يرجع إلى قولهم . فيقولون " ناوص الجرة ثم سالمها " . والجرة من الفخار ، لأنها تجر للاستقاء أبدا . والجر شيء يتخذ من سلاخة عرقوب البعير ، تجعل فيه المرأة الخلع ثم تعلقه عند الظعن من مؤخر عكمها ، فهو أبدا يتذبذب . قال :
زوجك يا ذات الثنايا الغر والرتلات والجبين الحر
أعيا فنطناه مناط الجر ثم شددنا فوقه بمر
ومن الباب ركي جرور ، وهي البعيدة القعر يسنى عليها ، وهي التي يجر ماؤها جرا . والجرة الخبزة تجر من الملة . قال :
وصاحب صاحبته خب دنع داويته لما تشكى ووجع
بجرة مثل الحصان المضطجع
فأما الجرجرة ، وهو الصوت الذي يردده البعير في حنجرته فمن الباب أيضا ، لأنه صوت يجره جرا ، لكنه لما تكرر قيل جرجر ، كما يقال صل وصلصل . وقال
الأغلب :
جرجر في حنجرة كالحب وهامة كالمرجل المنكب
[ ص: 414 ] ومن ذلك الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964967الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في جوفه نار جهنم . وقد استمر الباب قياسا مطردا على وجه واحد .