( جن ) الجيم والنون أصل واحد ، وهو [ الستر و ] التستر . فالجنة ما يصير إليه المسلمون في الآخرة ، وهو ثواب مستور عنهم اليوم . والجنة البستان ، وهو ذاك لأن الشجر بورقه يستر . وناس يقولون : الجنة عند العرب النخل الطوال ، ويحتجون بقول
زهير :
كأن عيني [ في ] غربي مقتلة من النواضح تسقي جنة سحقا
[ ص: 422 ] والجنين : الولد في بطن أمه . والجنين : المقبور . والجنان : القلب . والمجن : الترس . وكل ما استتر به من السلاح فهو جنة . قال أبو عبيدة : السلاح ما قوتل به ، والجنة ما اتقي به . قال :
حيث ترى الخيل بالأبطال عابسة ينهضن بالهندوانيات والجنن
والجنة : الجنون ; وذلك أنه يغطي العقل . وجنان الليل : سواده وستره الأشياء . قال :
ولولا جنان الليل أدرك ركضنا بذي الرمث والأرطى عياض بن ناشب
ويقال جنون الليل ، والمعنى واحد . ويقال جن النبت جنونا إذا اشتد وخرج زهره . فهذا يمكن أن يكون من الجنون استعارة كما يجن الإنسان فيهيج ، ثم يكون أصل الجنون ما ذكرناه من الستر . والقياس صحيح . وجنان الناس معظمهم ، ويسمى السواد . والمجنة الجنون . فأما الحية الذي يسمى الجان فهو تشبيه له بالواحد من الجان . والجن سموا بذلك لأنهم متسترون عن أعين الخلق . قال الله تعالى :
إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم . والجناجن : عظام الصدر .