ذكر
خروج السفياني
في هذه السنة خرج
السفياني ، وهو
علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية ، وأمه
نفيسة بنت عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب ، وكان يقول : أنا من شيخي
صفين - يعني
عليا ومعاوية - وكان يلقب
بأبي العميطر ; لأنه قال يوما لجلسائه : أي شيء كنية الحرذون ؟ قالوا : لا ندري . قال : هو أبو العميطر . فلقبوه به .
[ ص: 419 ] ولما خرج دعا لنفسه بالخلافة في ذي الحجة ، وقوي على
سليمان بن المنصور ، عامل
دمشق ، فأخرجه عنها ، وأعانه
الخطاب بن وجه الفلس ، مولى
بني أمية ، وكان قد تغلب على
صيدا .
ولما خرج سير إليه
الأمين الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان ، فبلغ
الرقة ، ولم يسر إلى
دمشق .
وكان عمر
أبي العميطر ، حين خرج ، تسعين سنة ، وكان الناس قد أخذوا عنه علما كثيرا ، وكان حسن السيرة ، فلما خرج ظلم وأساء السيرة ، فتركوا ما نقلوا عنه .
وكان أكبر أصحابه من
كلب ، وكتب إلى
محمد بن صالح بن بيهس الكلابي يدعوه إلى طاعته ، ويتهدده إن لم يفعل ، فلم يجبه إلى ذلك ، فأقبل
السفياني على قصد القيسية ، فكتبوا إلى
محمد بن صالح ، فأقبل إليهم في ثلاثمائة فارس من الضباب ومواليه ، واتصل الخبر
بالسفياني ، فوجه إليه
يزيد بن هشام في اثني عشر ألفا ، فالتقوا ، فانهزم
يزيد ومن معه ، وقتل منهم إلى أن دخلوا أبواب
دمشق زيادة على ألفي رجل ، وأسر ثلاثة آلاف ، فأطلقهم
ابن بيهس ، وحلق رءوسهم ولحاهم .
وضعف
السفياني ، وحصر
بدمشق ، ثم جمع جمعا ، وجعل عليهم ابنه
القاسم ، وخرجوا إلى
ابن بيهس ، فالتقوا ، فقتل
القاسم وانهزم أصحاب
السفياني ، وبعث رأسه إلى
الأمين ، ثم جمع جمعا آخر ، وسيرهم مع مولاه
nindex.php?page=showalam&ids=17116المعتمر ، فلقيهم
ابن بيهس ، فقتل
nindex.php?page=showalam&ids=17116المعتمر ، وانهزم أصحابه ، فوهن أمر
أبي العميطر ، وطمع فيه
قيس .
ثم مرض
ابن بيهس ، فجمع رؤساء
بني نمير ، فقال لهم : ترون ما أصابني من علتي هذه ، فارفقوا ببني
مروان ، وعليكم
بمسلمة بن يعقوب بن علي بن محمد بن سعيد بن مسلمة بن عبد الملك ، فإنه ركيك ، وهو ابن أختكم ، وأعلموه أنكم لا تتبعون بني
أبي سفيان ، وبايعوه بالخلافة ، وكيدوا به
السفياني .
وعاد
ابن بيهس إلى
حوران ، واجتمعت
نمير على
مسلمة ، وبذلوا له البيعة ، فقبل منهم ، وجمع مواليه ، ودخل على
السفياني ، فقبض عليه وقيده ، وقبض على رؤساء
بني [ ص: 420 ] أمية فبايعوه ، وأدنى
قيسا ، وجعلهم خاصته ، فلما عوفي
ابن بيهس عاد إلى
دمشق فحصرها ، فسلمها إليه القيسية وهرب
مسلمة والسفياني في ثياب النساء إلى
المزة ، وكان ذلك في المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة ، ودخل
ابن بيهس دمشق ، وغلب عليها ، وبقي بها إلى أن قدم
nindex.php?page=showalam&ids=16445عبد الله بن طاهر دمشق ، ودخل إلى
مصر ، وعاد إلى
دمشق ، فأخذ
ابن بيهس معه إلى
العراق ، فمات بها .