ذكر
البيعة للمأمون بمكة والمدينة
وفي هذه السنة خلع
داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي -
الأمين ، وهو عامله على
مكة والمدينة ، وبايع
للمأمون .
وكان سبب ذلك أنه لما بلغه ما كان من
الأمين والمأمون وما فعل
طاهر ، وكان
الأمين قد كتب إلى
داود بن عيسى يأمره بخلع
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون ، وبعث أخذ الكتابين من
الكعبة ، كما تقدم - فلما فعل ذلك جمع
داود وجوه الناس ومن كان شهد في الكتابين ، وكان
داود أحدهم ، فقال لهم : قد علمتم ما أخذ
الرشيد علينا وعليكم من العهد والميثاق عند بيت الله الحرام ، لابنيه ، لنكونن مع المظلوم منهما على الظالم ، ومع المغدور به على الغادر ، وقد رأينا ورأيتم أن
محمدا قد بدأ بالظلم والبغي والغدر والنكث على أخويه
[ ص: 433 ] nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون والمؤتمن ، وخلعهما عاصيا لله ، وبايع لابنه ، طفل صغير ، رضيع لم يفطم ، وأخذ الكتابين من
الكعبة ، فحرقهما ظالما ، فقد رأيت خلعه ، والبيعة
للمأمون ، إذ كان مظلوما مبغيا عليه .
فأجابوه إلى ذلك ، فنادى في شعاب
مكة ، فاجتمع الناس فخطبهم بين الركن والمقام ، وخلع
محمدا وبايع
للمأمون ، وكتب إلى ابنه
سليمان ، وهو عامله على
المدينة ، يأمره أن يفعل مثل ما فعل ، فخلع
سليمان الأمين ، وبايع
للمأمون .
فلما أتاه الخبر بذلك سار من
مكة على طريق
البصرة ، ثم إلى
فارس ، ثم إلى
كرمان ، حتى صار إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون بمرو ، فأخبره بذلك ، فسر
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون بذلك سرورا شديدا ، وتيمن ببركة
مكة والمدينة .
( وكانت البيعة بهما في رجب سنة ست وتسعين ومائة ، واستعمل
داود على
مكة والمدينة ) ، وأضاف إليه ولاية عك ، وأعطاه خمسمائة ألف درهم معونة ، وسير معه ابن أخيه
العباس بن موسى بن عيسى بن موسى ، وجعله على الموسم ، فسارا حتى أتيا
طاهرا ببغداذ ، فأكرمهما وقربهما ، ووجه معهما
يزيد بن جرير بن يزيد بن خالد بن عبد الله القسري البجلي عاملا على
اليمن ، وبعث معه خيلا كثيفة ، فلما قدم
اليمن دعا أهلها إلى خلع
الأمين والبيعة
للمأمون ، ووعدهم العدل والإحسان ، وأخبرهم بسيرة
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون ، فأجابوه إلى ما طلب ، وخلعوا
محمدا وبايعوا
للمأمون ، وكتب بذلك إلى
طاهر وإلى
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون ، وسار فيهم أحسن سيرة ، وأظهر العدل .