[ ص: 542 ] ذكر
الظفر nindex.php?page=showalam&ids=12367بإبراهيم بن المهدي
وفي هذه السنة ، في ربيع الأول ، أخذ
nindex.php?page=showalam&ids=12367إبراهيم بن المهدي ، وهو متنقب مع امرأتين ، وهو في زي امرأة ، أخذه حارس أسود ليلا ، فقال : من أين أنتن ، وأين تردن هذا الوقت ؟ فأعطاه
إبراهيم خاتم ياقوت كان في يده له قدر عظيم ليخليهن ولا يسألهن ، فلما نظر الحارس إلى الخاتم استرابهن ، وقال : خاتم رجل له شأن ، ورفعهن إلى صاحب المسلحة ، فأمرهن أن يسفرن ، فامتنع
إبراهيم ، فجذبه ، فبدت لحيته ، فدفعه إلى صاحب الجسر ، فعرفه ، فذهب به إلى باب
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون وأعلمه به ، فأمر بالاحتفاظ به إلى بكرة .
فلما كان الغد أقعد
إبراهيم في دار
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون والمقنعة التي تقنع بها في عنقه ، والملحفة على صدره ليراه
بنو هاشم والناس ، ويعلموا كيف أخذ ، ثم حوله إلى
أحمد بن أبي خالد ، فحبسه عنده ، ثم أخرجه معه ، لما سار إلى فم الصلح ، إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14115الحسن بن سهل ، فشفع فيه
الحسن ، وقيل : ابنته
بوران .
وقيل : إن
إبراهيم لما أخذ حمل إلى دار
nindex.php?page=showalam&ids=15269أبي إسحاق المعتصم ، وكان
المعتصم عند
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون ، فحمل رديفا لفرح التركي ، فلما دخل على
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون قال : هيه يا
إبراهيم ! فقال : يا أمير المؤمنين ، ولي الثأر محكم في القصاص ، والعفو أقرب للتقوى ، ومن تناوله الاغترار بما مد له من أسباب الشقاء ، أمكن عادية الدهر من نفسه ، وقد جعلك الله فوق كل ذي ذنب ، كما جعل كل ذي ذنب دونك ، فإن تعاقب فبحقك ، وإن تعف فبفضلك . قال : بل أعفو يا
إبراهيم . فكبر وسجد .
وقيل : بل كتب
إبراهيم هذا الكلام إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون وهو متخف ، فوقع
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون في رقعته : القدرة تذهب الحفيظة ، والندم توبة ، وبينهما عفو الله - عز وجل - وهو أكبر ما يسأله . فقال
إبراهيم يمدح
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون :
يا خير من ذملت يمانية به بعد النبي لآيس أو طامع [ ص: 543 ] وأبر من عبد الإله على التقى
غيبا وأقوله بحق صادع عسل الفوارع ما أطعت فإن تهج
فالصاب يمزج بالسمام الناقع متيقظا حذرا وما تخشى العدى
نبهان من وسنات ليل الهاجع ملئت قلوب الناس منك مخافة
وتبيت تكلؤهم بقلب خاشع بأبي وأمي فدية وأبيهما
من كل معضلة وذنب واقع ما ألين الكنف الذي بوأتني
وطنا وأمرع ربعه للراتع للصالحات أخا جعلت وللتقى
وأبا رءوفا للفقير القانع نفسي فداؤك إذ تضل معاذري
وألوذ منك بفضل حلم واسع أملا لفضلك ، والفواضل شيمة
رفعت بناءك للمحل اليافع فبذلت أفضل ما يضيق ببذله
وسع النفوس من الفعال البارع وعفوت عمن لم يكن عن مثله
عفو ولم يشفع إليك بشافع إلا العلو عن العقوبة بعدما
ظفرت يداك بمستكين خاضع فرحمت أطفالا كأفراخ القطا
وعويل عانسة كقوس النازع وعطفت آصرة علي كما وهى
بعد انهياض الوثي عظم الظالع [ ص: 544 ] الله يعلم ما أقول كأنها
جهد الألية من حنيف راكع ما إن عصيتك والغواة تقودني
أسبابها إلا بنية طائع حتى إذا علقت حبائل شقوتي
بردي إلى حفر المهالك هائع لم أدر أن لمثل جرمي غافرا
فوقفت أنظر أي حتف صارعي رد الحياة علي بعد ذهابها
ورع الإمام القادر المتواضع أحياك من ولاك أفضل مدة
ورمى عدوك في الوتين بقاطع كم من يد لك لم تحدثني بها
نفسي إذا آلت إلي مطامعي أسديتها عفوا إلي هنيئة
وشكرت مصطنعا لأكرم صانع إلا يسيرا عندما أوليتني
وهو الكبير لدي غير الضائع إن أنت جدت بها علي تكن لها
أهلا وإن تمنع فأكرم مانع إن الذي قسم الخلافة حازها
من صلب آدم للإمام السابع جمع القلوب عليك جامع أمرها
وحوى رداؤك كل خير جامع
فذكر أن المأمون قال حين أنشده هذه القصيدة : أقول كما قال
يوسف لإخوته :
[ ص: 545 ] لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين .