[ ص: 560 ] 214
ثم دخلت سنة أربع عشرة ومائتين
ذكر
قتل محمد الطوسي
فيها قتل
محمد بن حميد الطوسي ، قتله
بابك الخرمي ، وسبب ذلك أنه لما فرغ من أمر المتغلبين على طريقه إلى
بابك سار نحوه وقد جمع العساكر والآلات والميرة ، فاجتمع معه عالم كثير من المتطوعة من سائر الأمصار ، فسلك المضايق إلى
بابك ، وكان كلما جاوز مضيقا أو عقبة ترك عليه من يحفظه من أصحابه إلى أن نزل
بهشتادسر ، وحفر خندقا ، وشاور في دخول بلد
بابك ، فأشاروا عليه بدخوله من وجه ذكروه له ، فقبل رأيهم ، وعبى أصحابه ، وجعل على القلب
محمد بن يوسف بن عبد الرحمن الطائي ، المعروف بأبي سعيد ، وعلى الميمنة
السعدي بن أصرم ، وعلى الميسرة
العباس بن عبد الجبار اليقطيني ، ووقف
nindex.php?page=showalam&ids=16949محمد بن حميد خلفهم في جماعة ينظر إليهم ، ويأمرهم بسد خلل إن رآه ، فكان
بابك يشرف عليهم من الجبل ، وقد كمن لهم من الرجال تحت كل صخرة .
فلما تقدم أصحاب
محمد ، وصعدوا في الجبل مقدار ثلاثة فراسخ ، خرج عليهم الكمناء ، وانحدر
بابك إليهم فيمن معه ، وانهزم الناس ، فأمرهم
أبو سعيد ومحمد بن حميد بالصبر ، فلم يفعلوا ، ومروا على وجوههم ، والقتل يأخذهم ، وصبر
nindex.php?page=showalam&ids=16949محمد بن حميد مكانه ، وفر من كان معه غير رجل واحد ، وسارا يطلبان الخلاص ، فرأى جماعة وقتالا ، فقصدهم ، فرأى (
الخرمية يقاتلون طائفة من أصحابه ، فحين رآه
الخرمية قصدوه لما رأوا من حسن ) هيئته ، فقاتلهم وقاتلوه ، وضربوا فرسه بمزراق ، فسقط إلى الأرض ،
[ ص: 561 ] وأكبوا على
nindex.php?page=showalam&ids=16949محمد بن حميد فقتلوه .
وكان
محمد ممدحا جوادا ، فرثاه الشعراء وأكثروا ، منهم
الطائي ، فلما وصل خبر قتله إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون عظم ذلك عنده ، واستعمل
nindex.php?page=showalam&ids=16445عبد الله بن طاهر على قتال
بابك ، فسار نحوه .
ذكر
حال أبي دلف مع nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون
كان
أبو دلف من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13739محمد الأمين ، وسار مع
علي بن عيسى بن ماهان إلى حرب
nindex.php?page=showalam&ids=16245طاهر بن الحسين ، فلما قتل
علي عاد
أبو دلف إلى
همذان ، فراسله
طاهر يستميله ، ويدعوه إلى بيعة
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون ، فلم يفعل ، وقال : إن في عنقي بيعة لا أجد إلى فسخها سبيلا ، ولكني سأقيم مكاني لا أكون مع أحد الفريقين إن كففت عني . فأجابه إلى ذلك ، فأقام
بكرج .
فلما خرج
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون إلى
الري راسل
أبا دلف يدعوه إليه ، فسار نحوه مجدا وهو خائف شديد الوجل ، فقال له أهله وقومه وأصحابه : أنت سيد العرب ، وكلها تطيعك ، فإن كنت خائفا فأقم ، ونحن نمنعك . فلم يفعل ، وسار وهو يقول :
أجود بنفسي دون قومي دافعا لما نابهم قدما وأغشى الدواهيا وأقتحم الأمر المخوف اقتحامه
لأدرك مجدا أو أعاود ثاويا
وهي أبيات حسنة ، فلما وصل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون أكرمه ، وأحسن إليه وأمنه ، وأعلى منزلته .
ذكر
استعمال nindex.php?page=showalam&ids=16445عبد الله بن طاهر على خراسان
في هذه السنة استعمل
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون nindex.php?page=showalam&ids=16445عبد الله بن طاهر على
خراسان ، فسار إليها .
وكان سبب مسيره إليها أن أخاه
طلحة لما مات ولي
خراسان علي بن طاهر خليفة
[ ص: 562 ] لأخيه
عبد الله ، وكان
عبد الله بالدينور يجهز العساكر إلى
بابك ، وأوقع الخوارج
بخراسان بأهل قرية
الحمراء من
نيسابور ، فأكثروا فيهم القتل ، واتصل ذلك
بالمأمون ، فأمر
nindex.php?page=showalam&ids=16445عبد الله بن طاهر بالمسير إلى
خراسان ، فسار إليها ، فلما قدم
نيسابور كان أهلها قد قحطوا فمطروا قبل وصوله إليها بيوم واحد ، فلما دخلها قام إليه رجل بزاز فقال :
قد قحط الناس في زمانهم حتى إذا جئت جئت بالدرر
غيثان في ساعة لنا قدما فمرحبا بالأمير والمطر
فأحضره
عبد الله وقال له : أشاعر أنت ؟ قال : لا ، ولكني سمعتها
بالرقة فحفظتها . فأحسن إليه ، وجعل إليه أن لا يشترى له شيء من الثياب إلا بأمره .
ذكر عدة
حوادث في هذه السنة خرج
بلال ( الغساني الشاري ) ، فوجه إليه
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون ابنه
العباس في جماعة من القواد ، فقتل
بلال .
وفيها قتل
أبو الرازي باليمن .
وفيها تحرك
جعفر بن داود القمي ، فظفر به
عزيز مولى عبد الله بن طاهر ، وكان هرب من
مصر فرد إليها .
وفيها ولي
علي بن هشام الجبل ،
وقم ،
وأصبهان ،
وأذربيجان .
( وفيها توفي
إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب - عليه السلام -
بالمغرب ، وقام بعده ابنه
محمد بأمر مدينة
فاس ، فولى أخاه
القاسم البصرة وطنجة وما يليهما ، واستعمل باقي إخوته على
مدن البربرة .
وفيها سار
عبد الرحمن الأموي صاحب الأندلس إلى مدينة
باجة ، وكانت عاصية عليه من حين فتنة
منصور إلى الآن ، فملكها عنوة .
[ ص: 563 ] وفيها خالف
هاشم الضراب بمدينة
طليطلة ، من
الأندلس ، على صاحبها
عبد الرحمن ، وكان
هاشم ممن خرج من
طليطلة [ لما ] أوقع الحكم بأهلها ، فسار إلى
قرطبة ، فلما كان الآن سار إلى
طليطلة ، فاجتمع إليه أهل الشر وغيرهم ، فسار بهم إلى
وادي نحوييه ، وأغار على
البربر وغيرهم ، فطار اسمه ، واشتدت شوكته ، واجتمع له جمع عظيم ، وأوقع بأهل
شنت برية .
وكان بينه وبين
البربر وقعات كثيرة ، فسير إليه
عبد الرحمن هذه السنة جيشا ، فقاتلوه ، فلم تستظهر إحدى الطائفتين على الأخرى ، وبقي
هشام كذلك ، وغلب على عدة مواضع ، وجاوز بركة العجوز ، وأخذت غارة خيله ، فسير إليه
عبد الرحمن جيشا كثيفا سنة ست عشرة ومائتين ، فلقيهم
هاشم بالقرب من
حصن سمسطا بمجاورة رورية ، فاشتدت الحرب بينهم ، ودامت عدة أيام ، ثم انهزم
هاشم ، وقتل هو وكثير ممن معه من أهل الطمع والشر وطالبي الفتن ، وكفى الله الناس شرهم ) .
وحج بالناس
إسحاق بن العباس بن محمد .
[
الوفيات ]
وفيها توفي
nindex.php?page=showalam&ids=12063أبو عاصم النبيل ، واسمه الضحاك بن مخلد الشيباني ، وهو إمام في الحديث .
وفيها توفي
أبو أحمد حسين بن محمد البغداذي .