[ ص: 393 ] ذكر
ملك الحبشة اليمن
قيل : لما قتل
ذو نواس من قتل من
أهل اليمن في الأخدود لأجل العود عن النصرانية ، أفلت منهم رجل يقال له :
دوس ذو ثعلبان حتى أعجز القوم ، فقدم على
قيصر فاستنصره على
ذي نواس وجنوده وأخبره بما فعل بهم . فقال له
قيصر : بعدت بلادك عنا ، ولكن سأكتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي ملك
الحبشة وهو على هذا الدين وقريب منكم . فكتب قيصر إلى ملك الحبشة يأمره بنصره ، فأرسل معه ملك
الحبشة سبعين ألفا وأمر عليهم رجلا يقال له
أرياط ، وفي جنوده
أبرهة الأشرم ، فساروا في البحر حتى نزلوا بساحل
اليمن ، وجمع
ذو نواس جنوده فاجتمعوا ، ولم يكن له حرب غير أنه ناوش شيئا من قتال ثم انهزموا ، ودخلها
أرياط . فلما رأى
ذو نواس ما نزل به وبقومه اقتحم البحر بفرسه فغرق ، ووطئ
أرياط اليمن فقتل ثلث رجالهم ، وبعث إلى
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي بثلث سباياهم ، ثم أقام بها وذل أهلها .
وقيل : إن
الحبشة لما خرجوا إلى المندب من أرض
اليمن ، كتب
ذو نواس إلى أقيال
اليمن يدعوهم إلى الاجتماع على عدوهم ، فلم يجيبوه وقالوا : يقاتل كل رجل عن بلاده . فصنع مفاتيح وحملها على عدة من الإبل ولقي
الحبشة وقال : هذه مفاتيح خزائن الأموال
باليمن ، فهي لكم ولا تقتلوا الرجال والذرية ، فأجابوه إلى ذلك وساروا معه إلى
صنعاء ، فقال لكبيرهم : وجه أصحابك لقبض الخزائن . فتفرق أصحابه ودفع إليهم المفاتيح ، وكتب إلى الأقيال يقتل كل ثور أسود ، فقتلت
الحبشة ولم ينج منهم إلا الشريد .
فلما سمع
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي جهز إليهم سبعين ألفا مع
أرياط والأشرم ، فملك البلاد وأقام بها سنين ، ونازعه
أبرهة الأشرم ، وكان في جنده ، فمال إليه طائفة منهم ، وبقي
أرياط في طائفة ، وسار أحدهما إلى الآخر ، وأرسل
أبرهة : إنك لن تصنع بأن تلقي
الحبشة بعضها على بعضها شيئا ، فيهلكوا ، ولكن ابرز إلي فأينا قهر صاحبه استولى على جنده .
[ ص: 394 ] فتبارزا ، فرفع
أرياط الحربة فضرب
أبرهة ، فوقعت على رأسه فشرمت أنفه وعينه ، فسمي
الأشرم . وحمل غلام
لأبرهة يقال له
عتودة ، كان قد تركه كمينا من خلف
أرياط ، على
أرياط فقتله ، واستولى
أبرهة على الجند والبلاد وقال
لعتودة : احتكم . فقال : لا تدخل عروس على زوجها من
اليمن حتى أصيبها قبله ، فأجابه إلى ذلك ، فبقي يفعل بهم هذا الفعل حينا ، ثم عدا عليه إنسان من
اليمن فقتله ، فسر
أبرهة بقتله وقال : لو علمت أنه يحتكم هكذا لم أحكمه .
ولما بلغ
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي قتل
أرياط غضب غضبا شديدا وحلف ألا يدع
أبرهة حتى يطأ أرضه ويجز ناصيته ، فبلغ ذلك
أبرهة ، فأرسل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي من تراب
اليمن وجز ناصيته وأرسلها أيضا ، وكتب إليه بالطاعة وإرسال شعره وترابه ليبر قسمه بوضع التراب تحت قدميه ، فرضي عنه وأقره على عمله .
فلما استقر
باليمن بعث إلى
أبي مرة ذي يزن ، فأخذ زوجته
ريحانة بنت ذي جدن ونكحها ، فولدت له
مسروقا وكانت قد ولدت
لذي يزن ولدا اسمه
معدي كرب ، وهو سيف ، فخرج
ذو يزن من
اليمن فقدم
الحيرة على
عمرو بن هند وسأله أن يكتب له إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى كتابا يعلمه محله وشرفه وحاجته ، فقال : إني أفد إلى الملك كل سنة وهذا وقتها ، فأقام عنده حتى وفد معه ودخل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى معه ، فأكرمه وعظمه وذكر حاجته وشكا ما يلقون من
الحبشة ، واستنصره عليهم ، وأطمعه في
اليمن وكثرة مالها ، فقال له
كسرى أنوشروان : إني لأحب أن أسعفك بحاجتك ولكن المسالك إليها صعبة وسأنظر ، وأمر بإنزاله ، فأقام عنده حتى هلك .
ونشأ ابنه
معدي كرب ذي يزن في حجرة
أبرهة ، وهو يحسب أنه أبوه ، فسبه ابن
لأبرهة وسب أباه ، فسأل أمه عن أبيه ، فصدقته ، وأقام حتى مات
أبرهة وابنه
يكسوم وسار عن
اليمن ، ففعل ما نذكره إن شاء الله .