ذكر
الحرب بين موسى بن موسى والحارث بن يزيغ
في هذه السنة كانت حرب بين موسى عامل
تطيلة وبين عسكر
عبد الرحمن أمير الأندلس ، والمقدم عليهم
الحارث بن يزيغ .
وسبب ذلك أن
موسى بن موسى كان من أعيان قواد
عبد الرحمن ، وهو العامل على مدينة
تطيلة ، فجرى بينه وبين القواد تحاسد سنة سبع وعشرين ، وقد ذكرناه ، فعصى
موسى بن موسى على
عبد الرحمن ، فسير إليه جيشا ، واستعمل عليهم
الحارث بن يزيغ والقواد ، فاقتتلوا عند
برجة ، فقتل كثير من أصحاب
موسى ، وقتل ابن عم له ، وعاد
الحارث إلى
سرقسطة ، فسير موسى ابنه
ألب بن موسى إلى
برجة ، فعاد
الحارث إليها ، وحصرها ، فملكها ، وقتل
ابن موسى ، وتقدم إلى أبيه ، فطلبه ، فحضر ، فصالحه
موسى على أن يخرج عنها ، فانتقل
موسى إلى
أرنيط .
وبقي
الحارث يتطلبه أياما ، ثم سار إلى
أرنيط ، فحصر
موسى بها ، فأرسل
موسى إلى
غرسية ، وهو من ملوك الأندلسيين المشركين ، واتفقا على
الحارث ، واجتمعا ، وجعلا له كماين في طريقه ، واتخذ له الخيل والرجال بموضع يقال له :
بلمسة على نهر هناك ، فلما جاء الحارث النهر خرج الكمناء عليه ، وأحدقوا به ، وجرى معه قتال شديد ، وكانت وقعة عظيمة ، وأصابته ضربة في وجهه ، فلقت عينيه ، ثم أسر في هذه الوقعة .
[ ص: 85 ] فلما سمع
عبد الرحمن خبر هذه الوقعة عظم عليه ، فجهز عسكرا كبيرا ، واستعمل عليه ابنه
محمدا ، وسيره إلى
موسى في شهر رمضان من سنة تسع وعشرين ومائتين ، وتقدم
محمد إلى
بنبلونة ، فأوقع عندها بجمع كثير من المشركين ، وقتل فيها
غرسية وكثير من المشركين .
ثم عاد
موسى إلى الخلاف على
عبد الرحمن ، فجهز جيشا كبيرا وسيرهم إلى
موسى ، فلما رأى ذلك طلب المسالمة ، فأجيب إليها ، وأعطى ابنه
إسماعيل رهينة ، وولاه
عبد الرحمن مدينة
تطيلة ، فسار
موسى إليها فوصلها ، وأخرج كل من يخافه ، واستقر فيها .