ذكر
حلف المطيبين والأحلاف
[ ص: 412 ] قد ذكرنا ما كان
قصي أعطى ولده
عبد الدار من الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء ، ثم إن
هاشما وعبد شمس والمطلب ونوفلا بني عبد مناف بن قصي رأوا أنهم أحق بذلك من
بني عبد الدار لشرفهم عليهم ولفضلهم في قومهم ، وأرادوا أخذ ذلك منهم ، فتفرقت عند ذلك
قريش ، كانت طائفة مع
بني عبد مناف ، وطائفة مع
بني عبد الدار يرون أنه لا يجوز أن يؤخذ منهم ما كان
قصي جعله لهم ; إذ كان أمر
قصي فيهم شرعا متبعا معرفة منهم لفضله تيمنا بأمره .
وكان صاحب أمر
بني عبد مناف الذي قام في المنع عنهم
عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار ، فاجتمع
بنو أسد بن عبد العزى بن قصي ،
وبنو زهرة بن كلاب ،
وبنو تيم بن مرة ،
وبنو الحارث بن فهر بن مالك بن النضر مع بني عبد مناف ، واجتمع
بنو مخزوم ،
وبنو سهم ،
وبنو جمح ،
وبنو عدي بن كعب مع
بني عبد الدار ، وخرجت
عامر بن لؤي ومحارب بن فهر من ذلك ، فلم يكونوا مع أحد الفريقين ، وعقد كل طائفة بينهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا ما بل بحر صوفة ، فأخرجت
بنو عبد مناف بن قصي جفنة مملوءة طيبا ، قيل : إن بعض نساء
بني عبد مناف أخرجتها لهم ، فوضعوها في المسجد وغمسوا أيديهم فيها وتعاهدوا وتعاقدوا ، ومسحوا
الكعبة بأيديهم توكيدا على أنفسهم ، فسموا بذلك
المطيبين .
وتعاقد
بنو عبد الدار ومن معهم من القبائل عند
الكعبة على أن لا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا فسموا
الأحلاف ، ثم تصافوا للقتال وأجمعوا على الحرب ، فبينما هم على ذلك إذ تداعوا للصلح ، على أن يعطوا
بني عبد مناف السقاية والرفادة ، وأن تكون الحجابة واللواء والندوة
لبني عبد الدار ، فاصطلحوا ورضي كل واحد من الفريقين بذلك وتحاجزوا عن الحرب ، وثبت كل قوم مع من حالفوا حتى جاء الإسلام وهم على ذلك ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025804ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة [ ص: 413 ] ولا حلف في الإسلام ) .
فولي السقاية والرفادة
هاشم بن عبد مناف لأن
عبد شمس كان كثير الأسفار قليل المال كثير العيال ، وكان
هاشم موسرا جوادا .
وكان ينبغي أن نذكر هذا قبل الفيل وما أحدثه
قريش ، وإنما أخرناه للزوم تلك الحوادث بعضها ببعض .