ذكر
البيعة nindex.php?page=showalam&ids=15268للمعتز بالله
وفي هذه السنة بويع
nindex.php?page=showalam&ids=15268المعتز بالله ، وكان سبب البيعة له أنه لما استقر
المستعين ببغداذ أتاه جماعة من قواد الأتراك المشغبين ، فدخلوا عليه ، وألقوا أنفسهم بين يديه ، وجعلوا مناطقهم في أعناقهم تذللا وخضوعا ، وسألوه الصفح عنهم والرضا .
قال لهم : أنتم أهل بغي وفساد ، واستقلال للنعم ، ألم ترفعوا إلي في أولادكم فألحقهم بكم ، وهم نحوا من ألفي غلام ، وفي بناتكم ، فأمرت بتصييرهن في عداد المتزوجات ، وهن نحوا من أربعة آلاف ، وغير ذلك كله أجبتكم إليه ، وأدررت عليكم
[ ص: 211 ] الأرزاق ، فعملتم آنية الذهب والفضة ، ومنعت نفسي لذتها وشهوتها إرادة لصلاحكم ورضاكم ، وأنتم تزدادون بغيا وفسادا ، فعادوا وتضرعوا ، وسألوه العفو ، فقال
المستعين : قد عفوت عنكم ورضيت .
فقال له أحدهم ، واسمه
بابي بك : فإن كنت قد رضيت فقم فاركب معنا إلى
سامرا ، فإن الأتراك ينتظرونك ، فأمر
محمد بن عبد الله بعض أصحابه فقام إليه فضربه ، وقال
محمد : هكذا يقال لأمير المؤمنين قم فاركب معنا ! فضحك
المستعين وقال : هؤلاء قوم عجم لا يعرفون حدود الكلام .
وقال لهم
المستعين : ترجعون إلى
سامرا ، فإن أرزاقكم دارة عليكم ، وأنظر أنا في أمري ، فانصرفوا آيسين منه ، وأغضبهم ما كان من
محمد بن عبد الله إلى
بابي بك ، وأخبروا من وراءهم خبرهم ، وزادوا ، وحرفوا تحريضا لهم على خلعه ، فاجتمع رأيهم على إخراج
المعتز ، ( وكان هو
والمؤيد في حبس الجوسق ، وعليهما من يحفظهما ، فأخرجوا
المعتز ) من الحبس ، وأخذوا من شعره ، وكان قد كثر ، وبايعوا له بالخلافة ، وأمر للناس برزق عشرة أشهر للبيعة ، فلم يتم المال ، فأعطوا شهرين لقلة المال عندهم .
وكان
المستعين خلف بيت المال
بسامرا فيه نحو خمس مائة ألف دينار ، وفي بيت مال أم
المستعين قيمة ألف ألف دينار ، وفي بيت مال
العباس قيمة ستمائة ألف دينار .
وكان فيمن أحضر للبيعة
أبو أحمد بن الرشيد وبه نقرس ، في محفة محمولا ، فأمر بالبيعة فامتنع ، وقال
للمعتز : خرجت إلينا طائعا ، فخلعتها وزعمت أنك لا تقوم بها ، فقال
المعتز : أكرهت على ذلك ، وخفت السيف . فقال
أبو أحمد : ما علمنا أنك أكرهت ، وقد
[ ص: 212 ] بايعنا هذا الرجل ، فنريد أن تطلق نساءنا ، وتخرج عن أموالنا ، ولا ندري ما يكون إن تركتني على أمري حتى يجتمع الناس ، وإلا فهذا السيف . فتركه
المعتز .
وكان ممن بايع
إبراهيم الديرج ،
وعتاب بن عتاب ، فأما
عتاب فهرب إلى
بغداد ، وأما
الديرج فأقر على الشرط ، واستعمل على الدواوين ، وبيت المال ، والكتابة وغير ذلك .
ولما اتصل
بمحمد بن عبد الله خبر بيعة
المعتز وتوجيه العمال أمر بقطع الميرة عن أهل
سامرا ، وكتب إلى
مالك بن طوق في المسير إلى
بغداد هو وأهل بيته وجنده ، وكتب إلى
نجوبة بن قيس وهو على
الأنبار في الاحتشاد والجمع ، وإلى
سليمان بن عمران الموصلي في منع السفن والميرة عن
سامرا ، فأخذت سفينة
ببغداذ فيها أرز وغيره ، فهرب الملاح ، وبقيت السفينة حتى غرقت .
وأمر
المستعين محمد بن عبد الله بتحصين
بغداد ، فتقدم في ذلك ، فأدير عليها السور من
دجلة من
باب الشماسية إلى سوق الثلاثاء ، حتى أورده
دجلة وأمر بحفر الخنادق من الجانبين جميعا ، وجعل على كل باب قائدا ، فبلغت النفقة على ذلك جميعه ثلاثمائة ألف وثلاثين ألف دينار ، ونصب على الأبواب المنجنيقات والعرادات ، وشحن الأسوار ، وفرض فرضا للعيارين ، وجعل عليهم عريفا اسمه يبنويه ، وعمل لهم تراسا من البواري المقيرة ، وأعطاهم المخالي ليجعلوا فيها الحجارة للرمي ، وفرض أيضا لقوم من
خراسان قدموا حجاجا ، فسئلوا المعونة ، فأعانوا .
وكتب
المستعين إلى عمال الخراج بكل بلدة أن يكون حملهم الخراج والأموال إلى
بغداد ، لا يحمل منها إلى
سامرا شيء ، وكتب إلى الأتراك ، والجند الذين
بسامرا ،
[ ص: 113 ] يأمرهم بنقض بيعة
المعتز ، ومراجعة الوفاء له ، ويذكرهم أياديه عندهم ، وينهاهم عن المعصية والنكث .
ثم جرت بين
المعتز ومحمد بن عبد الله مكاتبات ومراسلات يدعو
المعتز (
محمدا إلى المبايعة ، ويذكره ما كان
المتوكل أخذ له عليه من البيعة بعد
المنتصر ،
ومحمد يدعو
المعتز ) إلى الرجوع إلى طاعة
المستعين ، واحتج كل واحد منهما على صاحبه .
وأمر
محمد بكسر القناطر ، وشق المياه بسطوح (
الأنبار وبادوريا ليقطع الأتراك عن
الأنبار .
وكتب
المستعين والمعتز إلى
موسى بن بغا ، كل واحد منهما يدعوه إلى نفسه ، وكان بأطراف
الشام ، كان خرج لقتال أهل
حمص ، فانصرف إلى
المعتز ، وصار معه .
وقدم
عبد الله بن بغا الصغير من
سامرا إلى
المستعين ، وكان قد تخلف بعد أبيه ، فاعتذر ، وقال لأبيه : إنما قدمت لأموت تحت ركابك ، فأقام
ببغداذ أياما ، ثم هرب إلى
سامرا ، فاعتذر إلى
المعتز ، وقال : إنما سرت إلى
بغداد لأعلم أخبارهم وآتيك بها . فقبله
المعتز ، ورده إلى خدمته .
وورد
الحسن بن الأفشين بغداد ، فخلع عليه
المستعين ، وضم إليه جمعا من
الأشروسنية وغيرهم .