ذكر
الفتنة بأعمال الموصل
في هذه السنة كانت حرب بين
سليمان بن عمران الأزدي وبين
عنزة ، وسببها أن
سليمان اشترى ناحية من المرج ، فطلب منه إنسان من
عنزة اسمه
برهونة الشفعة ، فلم يجبه إليها ، فسار
برهونة إلى
عنزة ، وهم بين الزابين ، فاستجار بهم وببني شيبان ،
[ ص: 245 ] واجتمع معه جمع كثير ، ( ونهبوا الأعمال فأسرفوا ) .
وجمع
سليمان لهم
بالموصل ، وسار إليهم ، فعبر الزاب ، وكانت بينهم حرب شديدة ، ( وقتل فيها كثير ) ، وكان الظفر
لسليمان ، فقتل منهم بباب شمعون مقتلة عظيمة ، وأدخل من رؤوسهم إلى
الموصل أكثر من مائتي رأس ، فقال
حفص بن عمرو الباهلي قصيدة يذكر فيها الوقعة أولها :
شهدت مواقفنا نزار فأحمدت كرات كل سميدع قمقام جاؤوا وجئنا لا نفيتم صلنا
ضربا يطيح جماجم الأجسام
وهي طويلة .
وفيها كان أيضا بأعمال
الموصل فتنة وحرب قتل فيها
الحباب بن بكير التليدي ، وسبب ذلك أن
محمد بن عبد الله بن السيد بن أنس التليدي الأزدي كان قد اشترى قريتين [ كان ] رهنهما
محمد بن علي التليدي عنده ، وكره صاحبهما ( أن يشتريهما ، فشكا ذلك إلى
الحباب بن بكير ) ، فقال
الحباب له : ائتني بكتاب من
بغا لأمنع عنهما ، وأعطاه دواب ونفقة ، وانحدر إلى
سر من رأى ، وأحضر كتابا من
بغا إلى
الحباب يأمره بكف يد
محمد بن عبد الله بن السيد عن القريتين ، ففعل ذلك ، وأرسل إليهما من منع عنهما
محمدا ، فجرت بينهم مراسلات واصطلحوا .
فبينما
محمد بن عبد الله بن السيد والحباب بالبستان على شراب لهما ، ومعهما قينة ، قال لها
الحباب غني بهذا الشعر :
متى تجمع القلب الزكي وصارما وأنفا حميا تجتنبك المظالم
[ ص: 246 ] فغنت الجارية ، فغضب
محمد بن عبد الله ، وقال لها بل غني :
كذبتم وبيت الله لا تأخذونها مراغمة ما دام للسيف قائم
ولا صلح حتى تقرع البيض بالقنا ويضرب بالبيض الخفاف الجماجم
وافترقا وقد حقد كل واحد منهما على صاحبه ، وأعاد
الحباب التوكيل بالقريتين ، فجمع
محمد جمعا ، وترددت الرسل في الصلح ، وأجابا إلى ذلك ، وفرق
محمد جمعه ، فأبلغ
محمد أن
الحباب قال : لو كان مع
محمد أربعة لما أجاب إلى الصلح ، فغضب لذلك ، وجمع جمعا كثيرا ، ( وسار مبادرا ) إلى
الحباب ، فخرج إليه
الحباب غير مستعد ، فاقتتلوا فقتل
الحباب ومعه ابن له وجمع من أصحابه ، وكان ذلك في ذي القعدة من هذه السنة .